داخلية حكومة الوحدة المؤقتة تحت سيطرة بوزريبة والمليشيات

يبدو أن ليبيا أصيبت بـ”لعنة المليشيات” ولن تستطيع إبطال مفعولها في وقت قريب؛ فرغم التفاؤل الكبير الذي انتاب الكثيرين ببداية إنهاء هذا الملف المظلم من تاريخ البلاد مع قدوم السلطة التنفيذية الموحدة، إلا أن ذيوله تنمو أكثر كلما قُطع أحدها.

وعاد ملف سيطرة المليشيات إلى الواجهة من جديد مع قرار نياية شرق طرابلس، إطلاق سراح مُهرب البشر والوقود المُعاقب دوليًا، عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم “البيدجا”، أمس الأحد، بعد احتجازه لمدة 5 أشهر بتهمة الإتجار بالبشر والتورط في عمليات تهريب البشر والسلاح، واستخدامه كورقة ضغط.

وكشفت مصادر خاصة أن عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية، علي أبو زريبة، كان مهندس صفقة إطلاق سراح “البيدجا”، حيث تولى التنسيق بين وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة والنيابة لإخراجه، لاسيما أنه صاحب نفوذ قوي ومؤثر داخل الوزارة، يسمح له بالتحرك وإبرام الصفقات.

وعزز كلام المصادر تصرف أبو زريبة الذي استقبل “البيدجا” لدى خروجه بالأمس، وتولى بنفسه عمليه نقله من مكان احتجازه إلى وجهته بعد الخروج، وكان بصحبته محمد كشلاف آمر سرية النصر الملقب بـ”القصب” المعاقب من مجلس الأمن والمطلوب للنائب العام في قضايا تهريب زيوت ومحروقات، في مشهد لا يخلو من استعراض القوة والنفوذ.

وأوضحت مصادر قانونية لـ”ليبيا برس” أن عملية إطلاق سراح “البيدجا” استندت على ثغرات أمنية بين وزارة الداخلية والنيابة، استغلها بوزريبة لإخراج صديقه مهرب البشر، نتيجة عدم اكتمال الإجراءات التي اعتمدها وزير الداخلية في حكومة الوفاق المنتهية ولايتها فتحي باشاغا للقبض عليه، والذي استخدم عملية احتجازه كورقة ضغط على المليشيات يستخدما الوزير السابق وقتما يشاء.

وخيمت مشاعر الحسرة على الليبيين الذين تطلعوا إلى إنهاء سلطة المليشيات على البلاد، بعد ما رأوه بالأمس من خروج “البيدجا” بإجراءات وثغرات كشفت استمرار سيطرة العناصر المسلحة والخارجة عن القانون على حكومة الوحدة المؤقتة وبالتحديد وزارة الداخلية بقيادة خالد مازن، مساعد باشاغا سابقا.

وفي سياق تحركات أبو زريبة لشرعنة وتقوية شوكة قادة المليشيات، كشفت مصادر أمنية أن عضو مجلس النواب يسعى بالتنسيق مع آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية أسامة جويلي لرفع اسم معمر الضاوي آمر الكتيبة “55” التابعة لجويلي من قوائم المطلوبين لدى النائب العام رقم 199 بتهمة جرائم القتل والسرقة.

ومن الفساد الأمني إلى الفساد المالي والإداري، يسير بوزريبة بخطوات مشبوهة نحو إحكام السيطرة على “داخلية مازن”؛ حيث توسط لتعيين أحد أقربائه ويدعى عصام بوزريبة في الإدارة المالية بوزارة الداخلية، الأمر الذي يفتح الباب أمام مزيد من الفساد والعقود الوهمية، على غرار ما كانت تفعله “وزارة باشاغا” بل بخطوات أسرع.

واقعة “البيدجا” وتواطؤ الوزير الجديد فيها، سبقها حالة غضب بين رؤساء الأجهزة ومدراء الإدارات ومدراء الأمن بالمنطقة الشرقية، بشأن إجراءات مازن فيما يتعلق بتسليم وتسلم الإدارات بين وزارته و”داخلية المؤقتة” المنتهية ولايتها، موضحين أنه جانبه الصواب فيها.

وأشاروا في بيان لهم، إلى استمرار سيطرة المليشيات على الوزارة، مشددين على ضرورة عدم إدراج أجهزة وإدارات مستحدثة في “الحكومة الليبية المؤقتة” بالميزانية العامة للدولة، وعدم إلحاق المليشيات وأصحاب السوابق بالمؤسسة الأمنية.

وتعبيرا عن حالة الغضب من تصرفات خالد مازن، أعرب رئيس الإدارة العامة للبحث الجنائي ببنغازي، صلاح هويدي، عن رفضه تسليم مهامه لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مطالبًا بتشكيل لجنة مشتركة من حكومتي “الوفاق والمؤقتة” المنتهية ولايتهما للاستلام والتسلم.

وألمح إلى جنوح الإدارات في طرابلس، كما طالب أيضًا بتشكيل لجنة مشتركة من الحكومتين “الوفاق والمؤقتة” المنتهة ولايتهما للاستلام من الجميع والتسليم لحكومة الوحدة الوطنية، قائلا: “أنت حر بعد ذلك في تكليفاتك، لكن على أسس من الضروره الاتفاق عليها، نحن مع الوفاق وضد النفاق”.

وبدوره، أعرب مدير إدارة التخطيط الأمني بوزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة المنتهية ولايتها جمعة سالم عطية الله، في خطاب رسمي إلى وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة خالد مازن، عن غضبه من إجراءات الاستلام والتسلم بين الوزارتين.

وأوضح عطية الله، في خطاب له أن مراسم التسليم والاستلام بين وزراء حكومة الوحدة الوطنية، و”المؤقتة” المنتهية ولايتها، يتصدرها مدراء الإدارات والأجهزة التابعين لـ”الوفاق”، في إشارة إلى استمرار سيطرة المليشيات على الوزارة.