الحاسي يطالب بالإستفتاء على الدستور قبل إجراء الإنتخابات

أعلن رئيس حكومة الإنقاذ الأولى، عمر الحاسي، تأسيس حزب جديد بمسمى “الإصلاح الوطني”، مشيراً إلى مشاركته في الانتخابات القادمة في 24 ديسمبر القادم.

وذكر في حوار له مع موقع “عربي 21” أن هناك فروقا شاسعة بين  “الثورة” وبين الطغيان، مشيرًا إلى أن الثورة تلتزم بمشروع، بينما الطغيان يتعلق بشخص.

وتابع: “نحن في ليبيا كان ارتباطنا بثورة الربيع لأجل تحقيق مشروع الدولة المدنية، وليس ثمة شك أنه حين تكون الثورة ملتزمة بتحقيق الدولة المدنية، تكون أقرب إلى تحقيق الأهداف السامية التي نادت بها منذ لحظاتها الأولى، والمتمثلة في السلام، العدل، الإعمار ومن هذه المرتكزات المهمة بدأنا في تأسيس (حزب الإصلاح الوطني)”.

وتوقع أن يتم الإعلان رسميا عن تدشين الحزب خلال الأسبوعين المقبلين، زاعماً أنه سيكون حزبا تقدميا ويحترم الاختلاف ويدعم الاستقرار، ويؤمن بالمساواة، ويطمح للتطوير، وجامعاً لليبيين كلهم بأصولهم المختلفة، وبتنوع وجهات نظرهم، لتوحيد الكثير منهم في رؤية وطنية متطورة، لأجل بناء دولة مدنية متنورة في ليبيا الجديدة.

وقال: “هذا الحزب يثق في قوة الليبيين في بلادهم، ويحترم المجتمع الدولي الداعم للسلام والاستقرار في ليبيا، ويؤكد أيضا على قيمة التحالفات الخارجية التي تُقدر حق الشعب الليبي في الحفاظ على سيادته ووحدته وسلامة أراضيه”.

وتابع: “نحن في الحقيقة نمتلك في رصيدنا السياسي والوطني تجربة رائدة وثرية، بدأناها عندما تم الإعلان في مايو عام 2018م عن تأسيس (مجموعة العمل الدولية لأجل ليبيا)، والتي تشرفت حينها برئاستها، ونحن نعتز بجهودها في السياسة الدولية، ورؤيتها التنويرية لحفظ السلام في ليبيا”.

واستمر في الحديث عن مجموعة العمل الدولية لأجل ليبيا وأنها ساندت جهوده في تعطيل الكثير مما كان يحاك ضد السلام بين الليبيين، معتبرها هي مَن كانت تشجع فكرة وجود أحزاب وطنية متنوعة، حتى وإن اختلفت بواعثها، لتشارك في الانتخابات القادمة، في ظل وجود دستور ليبي جديد متفق عليه.

وأكمل: “الجهد الإنساني والآراء الصادقة والمخلصة لمؤسسي (مجموعة العمل الدولية)، كانت تنصح باللقاء والجلوس مع المجتمع الدولي، لأجل فتح الآفاق لتحالفات دولية تساهم في السلام لليبيا، والاستقرار لسائر المنطقة، وهو ما كان اليوم، وساهم بجد في جلوس المختلفين في ليبيا ووضع أكثر من حل للقضية الليبية بوسائل سلمية”.

واسترسل: “وهو نعتبره في (حزب الإصلاح الوطني) خارطة طريق تساهم في تامين مستقبل السياسة الليبية، وترسم مع الشراكة الدولية دورا جادا لوضع سلام دائم بين الفرقاء الليبيين، وإدارة الاختلاف بينهم بكل تفاهم ورغبة في تقديم التنازلات، وليس بالإقصاء والكراهية”.

وتطرق إلى تاريخ إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر القادم، موضحًا أنه يوافق ذكرى تاريخ إعلان استقلال ليبيا عام 1951م، معلقاً: “هكذا التاريخ فما حدث سابقا، سينتظره العالم في 24 ديسمبر 2021م، لبدء إقامة الانتخابات الرئاسية والتشريعية في كل ليبيا”.

وأضاف: “نتذكر تلك الأحداث المؤثرة التي جعلت دول غربية كبرى من المجتمع الدولي، تفرض على الأمم المتحدة آنذاك، أن تساعد الليبيين بشكل متعجل كي ينتهوا من اعتماد دستور للبلاد، وإعلان الاستقلال التام، والبدء في الانتخابات، لتبدأ ليبيا دولة كاملة السيادة ولها سلطات موحدة، وبدستور متفق عليه”.

وأردف: “ها نحن اليوم، وبعد 70 عاما، نشهد تكرار تجربة الولادة التاريخية لليبيا من القوى الدولية ذاتها، وعبر ذات الرحم الدولي، وفي نفس تاريخ الميلاد، وربما هذا يبعث الأمل بعودة ليبيا إلى حلم الاستقرار، بعدما عانته من حروب أهلية دامية، أججتها قوي إقليمية ودولية ظالمة”.

وأدعي أن الصراع في ليبيا كان بسبب التفسيرالخاطئ بـ”ثورة الربيع”، والتعامل مع الوطنيين الأحرار في ليبيا باعتبارهم “إرهابيين”، مكملاً: “على الرغم إن الوطنيين الأحرار من ثوار ليبيا هم من هزموا الإرهاب في شمال أفريقيا، بعد مواجهات مدمرة ومرعبة في معارك (البنيان المرصوص)، ضد تنظيم داعش”.

ولفت إلى أن البعض يُشير إلى أن هناك تشابه بين قديماً والآن، مستدركًا: “لكننا موقنين أن الليبيين في هذا التاريخ 24 ديسمبر المقبل يختلفون عن الليبيين حينما كانوا في 24 ديسمبر 1951”.

واستكمل: “على الرغم من التشابه الكبير في الظروف التي صنعت هذا التاريخ منذ 70عام وتكرره اليوم، ومنها أن ليبيا في كل مرة كانت خارجة من محنة إنسانية ومن حروب مدمرة، وأيضا أن بعض الدول الغربية الكبرى ما زالت كما كانت منذ 70 عام تتحسس من الوجود الروسي في حوض البحر المتوسط، وبالذات على أحد أطول شواطئه الجنوبية المهمة”.

ورأى بأن هناك مشاكل وتحديات قد تواجه الانتخابات المقبلة، وأنه على الرغم من عودة الأمل في إجراء انتخابات قادمة، وفرصة استقرار بوجود دستور ليبي جديد، إلا أن الأمر تلوح في أفقه عدة صعوبات، معتقداً أن أهمها عدم انتهاء إجراءات الاستفتاء على الدستور الجديد، وتعطل ذلك منذ العام 2017م.

وأقر بأن هناك عدم موافقة مطلقة من المكونات الثقافية الأصيلة في ليبيا (الأمازيغ، التبو، والطوارق)، على الدستور الجديد، بسبب عدم مراعاته لحقوقهم الدستورية التي ناضلوا لأجلها.

واستطرد: “وبعد اكتشاف الكثير من العيوب في توزيع الدوائر الانتخابية السابقة، تظل هناك أسئلة، هل ستُبقي قوانين الانتخابات على نفس الأخطاء أم سيتم تعدلها؟، هل الانتخابات ستكون بمشاركة الأحزاب كما كان في عام 2012م، أم هي انتخابات فردية كما كان في عام 2014م؟، وهناك صعوبات تقابل الأحزاب الناشئة بسبب إغلاق مكتب اللجنة الخاصة بتشكيل الأحزاب واعتمادها”.

وأكد على أن أغلب الليبيين، يؤمن بأن الحل للأزمة الليبية لن يكون إلا سياسيا، مردفاً: “كي نضمن بقاء السلام، لا بد من وجود دستور جديد، ومتفق عليه من كل المكونات الثقافية، ولا يُقصي أحد، وغير منغلق على قومية واحدة ويفرض لغته ويُحارب لغات الآخرين الأصيلة، وأيضا لا يقلل من مشاركة المرأة في أي انتخابات، بل يعتبرها شريك سياسي مساوي للرجل في بناء ليبيا الجديدة وتطورها”.

واستكمل: “نحن في ليبيا اليوم نحتاج إلى حالة تنوير إنسانية في قانون الانتخابات القادمة، ونعني بذلك ألّا يتم التساهل عن الجانب الأخلاقي الخاص بالمترشحين، فمن ارتكبوا الجرائم السياسية والاقتصادية، أو قاموا بانتهاكات ضد الإنسانية، يجب ألّا يمروا إلى الانتخابات مهما كانت وعودهم”.

ودعا بألّا يتم الاعتماد على الناس وحدهم في إبعاد تلك العناصر التي وصفها بـ”المُشوهة للمستقبل”، قائلاً: “نحن لم ننس بعد كلمة الكاتب البريطاني الشهير جورج أورويل حينما قال: (الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية، بل شريكا في الجريمة)”..

ونوّه إلى أن الانتخابات تعتبر وسيلة لقياس حضارة الأمة، وفهمها للمسؤولية الأخلاقية عند اختيار أهل الكفاءات والخبرة في إدارة الشأن العام، مشيراً إلى أنه في ليبيا كشفت الانتخابات السابقة 2012م و2014م، عن الرصيد الأخلاقي في فهم قيمة الأمانة عند اختيار المسؤولين للسلطات العليا.

واستفاض: “لقد أتضح فينا مَن هو صحيح ومَن هو مريض، ومَن هو مستقيم ومَن هو أعوج، ومَن هو مُخلص لوطنه، ومَن هو عميل لأعداء بلاده، ونحن بلا شك نشكر تلك الظروف والمِحن التي أعطت المجال لبعض الأشخاص كي يكشفوا عن نواياهم، ورغم تراكم الأمور الصعبة أمام تجربتنا التي يحاربها البعض من الخارج، ويشوهها البعض الآخر من الداخل، إلا أننا مازلنا نؤكد أن سقوط ريشة لا يعنِ على الإطلاق سقوط الطائر نفسه”.

وأسهب: “الفرصة التي يمنحها لنا تاريخ 24 ديسمبر 2021م، لا تقل قيمة عما كان مع نظيرها قبل 70 عاما؛ فهي مناسبة لاستعادة الوعي الأخلاقي والوطني، ودافعا للاستقرار النفسي الفردي، ومحفزا لبناء هوية اجتماعية جامعة، لتصبح جميعها قواعد متينة لدولة ليبيا المدنية الجديدة والمتنورة وبالتالي، فمشاركتنا في هذه الانتخابات نراها واجبا وطنيا، لأجل تحقيق السلام، وإقامة العدل، وبدء الإعمار”.

وبيّن أنه سيخوض الانتخابات القادمة وسيحقق شرف المشاركة، متابعاً: “إننا واثقون أن النصر سيكون لتجربة الليبيين بوعيهم الجديد -إذا تحقق- ولن يكون الفوز مُقتصرا على نجاح فرد أو حزب، لأن نجاح الانتخابات القادمة هو انطلاق صفر البداية لدولة ليبيا الجديدة، كي تسترد دورها الحضاري للمساهمة بنشر السلام بين مواطنيها، وأيضا لأجل إرساء قواعد الاستقرار للمنطقة بأسرها.