وزير النفط: الوزارة هي الطرف السيادي في النشاط النفطي الليبي.. والوطنية للنفط مهامها تشغيلية وفنية وتقنية

أكد وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة المؤقتة، محمد عون، أنه من أجل مضاعفة الإيرادات النفطية، تعمل وزارته مجتمعة مع المؤسسة الوطنية للنفط على وضع خطط مستحدثة بشكل دوري لإعادة إنتاج الحقول المتضررة جراء العوامل العديدة التي مرت بها ليبيا ومعالجة أضرار توقف الإنتاج في الحقول جراء الحرب.

وذكر عون في حوار لصحيفة “القدس”، أن الوزارة تحاول أن تعتمد برنامجًا شاملا لتطوير إنتاجية الحقول المُنتجة بالفعل باستخدام آليات حديثة ومواكبة لمرحلة الإنتاج الحالية، لافتًا إلى أن هذا البرنامج هو الآن قيد التجهيز من قبل الفريق المُكلف.

ولفت إلى أنه تم وضع برامج تطوير لعدد من الاكتشافات غير المطورة من الحقول والمكامن النفطية، تشمل النفط والغاز الطبيعي؛ حيث يوجد عدد من الاكتشافات الغازية القابلة للتطوير، وزيادة الإنتاج، منوها بأن الهدف الأساسي من هذه الخطط والاستراتيجيات هو العمل على زيادة إنتاج ليبيا من الغاز الطبيعي والنفط الخام؛ لتلبية احتياج السوق المحلي؛ ومضاعفة المشاركة في سوق الغاز العالمي، خاصة في ظل الطلب الكبير على النفط الليبي كونه يملك جودة عالية وكثافة جيدة.

وأوضح وزير النفط أن الإنتاج الفعلي للنفط في البلاد، يصل حاليًا حوالي 1.3 مليون برميل في اليوم، يصاحبه حوالي 2.4 بليون قدم مكعب غاز يوميا، واصفا هذا المعدل بـ”الممتاز”، بالنظر إلى الحروب التي مرت بها ليبيا خلال فترة قريبة جدًا، والتي أضرت بالبنية التحتية للقطاع بشكل كامل.

وقال: “رغم التوقعات بعدم قدرة ليبيا الوصول إلى مستويات عالية من الإنتاج بعد توقف للنفط لفترة طويلة، إلا أننا أثبتنا العكس وبإمكانيات بسيطة جدًا وفي وقت قصير، وهو ما يعكس مدى قدرة العاملين في القطاع على تفادي المصاعب والعراقيل والعمل بشكل متواصل”، معتبرًا أن معدل إنتاج 1.3 مليون برميل من النفط الآن، ليس ببعيد عن المستويات السابقة قبل عام 2011م.

وأضاف: “تعمل الوزارة الآن بالتنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط بشكل سريع ومستعجل على استرجاع كامل القدرة الإنتاجية الأصلية وهي 1.6 مليون برميل في اليوم، و3 بليون قدم مكعب غاز في اليوم”، مردفًا: “نستطيع أن نقول بأننا اقتربنا من تحقيق ذلك، فقد تجاوزنا العديد من المصاعب والعراقيل ووصلنا في وقت قياسي إلى معدل جيد جدا من الإنتاج المستهدف للنفط”.

وبّين أنه لأجل استرجاع القدرة الإنتاجية للنفط الخام بمشتقاته، قامت الوزارة بوضع خطة خماسية تطويرية وصيانية، تعاون فيها فريق العمل المنضوي تحت وزارة النفط والغاز، مشيرًا إلى أنه تم تضمين احتياجات هذه الخطة المالية ضمن موازنة العامة لحكومة الوحدة المؤقتة، وتحديد الموارد المالية المطلوبة، والتي يجري الآن مراجعتها من قبل مجلسي النواب والأعلى للدولة لاعتمادها بشكل نهائي.

وتابع: “تم تخصيص موارد مالية لمتطلبات التجديد والصيانة والتطوير، كما هو مطلوب وممكن خلال السنوات القليلة المقبلة، مراعين في ذلك قدرة الاقتصاد الليبي والموارد المالية له”، منوها إلى أن الخطة الإنتاجية الموضوعة من قبل الوزارة، تستهدف رفع الإنتاج إلى أكثر من 2 مليون برميل يوميًا و4 بليون قدم مكعب غاز يوميا في 2025م.

وذكر، أن هذا سيتطلب إنفاق قرابة 12 مليار دولار في التطوير والصيانة والتأهيل، حيث تطوير قطاع النفط يحتاج إلى تكلفة كبيرة جدًا، مؤكدًا أن الجهات المعنية، أبدت استعدادها وترحيبها بتوفيرها، كون قطاع النفط، من أهم القطاعات التي تستند عليها الدولة الليبية.

وأكد أن نشاط النفط في ليبيا يتميز بتنوع مصادر موارده ومشاركاته العالمية، وأن هذه المشاركات تتيح له الفرص الأكبر لاقتناء أفضل آليات التمويل والتعاقد التي تتيح لطرفي الاستثمار الليبي والخارجي قدرًا مجزيًا من الربح، منوها إلى أن هذا ما يقوله الشركاء العالميين لليبيا.

ورأى أن أهم مميزات قطاع النفط في ليبيا، هو جودة خام النفط المُنتج من حيث الكثافة وقلة الشوائب كذلك القرب من أسواق الاستهلاك العالمية والذي يقلل من تكلفة النقل والحركة والتسويق، معتبرا أن هذا يجعل من علاقات ليبيا مع شركائها دائما نشطة ومشجعة.

واستطرد: “هناك رغبة كبيرة جدا من قبل الدول وشركاتها النفطية في الاستثمار في قطاع النفط الليبي، كون الأرض الليبية خصبة ومليئة جدا بالثروات النفطية”، مشيرا إلى أن مصادر تمويل عمليات النفط في البلاد، متعددة ذاتية ودولية.

ونوه في هذا الصدد بأن الوزارة تعمل على التوسع في مصادرها التمويلية، وذلك بتوسيع دائرة المشاركة مع الشركات النفطية العالمية ومن مؤسسات التمويل المحلية والدولية، مؤكدا أن دخل النفط يتأثر بشكل دوري ومستمر إيجابا وسلبيا بأسعار النفط في العالم، والتي بدورها تتأثر بحالة الاستهلاك العالمي للنفط والغاز.

وأشار إلى أن سوق النفط العالمي يمر بمرحلة تراجع نسبي بسبب ازدياد حدة جائحة كورونا العالمية، في بعض مواقع الاستهلاك، متوقعا أن تقل هذه التراجعات مع زيادة التطعيمات ضد كورونا في العديد من دول العالم بما فيها ليبيا، والتي تعمل بشكل تراكمي على إعادة الأنشطة الاقتصادية في العالم بأكمله، نظرا لأن السبب في الركود هي الجائحة العالمية.

وكشف عن أن الإجمالي التراكمي للإيرادات النفطية المحتجزة منذ رفع حالة القوة القاهرة وحتى تاريخ 10 مارس الماضي، قد بلغ 7.767.439.801.73 دولار أمريكي، لافتا إلى أن الدخل النفطي الآن ولظروف سياسية محضة ما زال يودع مؤقتًا في حساب مؤسسة النفط بالمصرف الليبي الخارجي.

وأكد على أن ذلك يخضع لإشراف لجنة ليبية ودولية مشتركة إلى حين استكمال مراحل الحوار السياسي، حيث الحكومة بدأت عملها، وما زالت تعمل على توحيد مؤسسات الدولة الشيء الذي يضمن توزيع واستغلال عادل للثروة، مشيرًا إلى أن هذا السبب الذي توقفت لأجله الإيرادات النفطية عن التدفق.

وتوقع بعد الاتفاق على بعض المناصب السيادية حسب اتفاقات الحوار السياسي، وإتمام عملية الاختيار من قبل مجلسي النواب والدولة، أن يواصل ريع النفط حركته على المنوال السابق وهو الانسياب طبيعيا من المصرف الليبي الخارجي إلى مصرف ليبيا المركزي، معتبرًا أن أبرز المؤثرات العالمية على إنتاج النفط الليبي، هو عدم استقرار سوق النفط، بسبب حدة جائحة كورونا، عند بعض كبار المستهلكين في العالم مثل الصين وأوروبا وأمريكا الجنوبية، إضافة إلى سلوك الدول المنتجة وتحالفاتها وحاجتها للدخل.

وذكر في السياق، أن العديد من الدول تزيد وتنقص من إنتاجها مع تغير الطلب من خلال منظومة “أوبك”، ومن خلال اتفاقات من دول خارج الأوبك، حيث أثبت ذلك أنه يخلق ارتباكات لعرض النفط، وبالتالي يؤثر في السعر، منوها إلى أن الحراك السياسي العالمي في غرب وشرق الأرض يوظف سعر النفط أحيانا في تقرير حالة الجبهات السياسية.

وعن كيفية تعامل الوزارة كجسم جديد مع المؤسسة الوطنية للنفط، أوضح وزير النفط، أن الوزارة بصفتها الطرف السيادي في النشاط النفطي الليبي وتمثل الشعب الليبي في استغلال ثروته، فإن دورها السيادي الإشرافي والرقابي، مسؤولياته ومهامه محددة ومتفق عليها وواضحة في قوانين وتشريعات النفط في ليبيا، وتكمن في الإشراف على العمليات النفطية بشكل كامل والتوجيه.

وبّين، أنه في المقابل تقوم المؤسسة الوطنية للنفط بمهام المُشغل والجانب الفني والتقني في إدارة العمليات النفطية بإشراف وزارة النفط والغاز، مشددا على أن الحدود بين الدورين واضحة ومحددة منذ بداية النفط في ليبيا في أواخر الخمسينات من القرن السابق، على اعتبار أن الوزارة كانت جسمًا موجودًا وقائمًا بحد ذاتها في العديد من المراحل السياسية، حتى لو تم إلغائها في المرحلة السابقة.

وحول سبب إيقاف عمل الوزارة لسنوات، رغم أنها طرف سيادي مهم جدًا في المعادلة النفطية، ذكر وزير النفط أن توقف الوزارة عن العمل لأسباب إدارية للدولة وإعادة تفعيل دورها، هو أمر تكرر عدة مرات في ليبيا، متمنيًا أن يبقى الحال على وجود الوزارة، وذلك تخفيفًا على مؤسسة النفط من جهة، ولكي لا تتأثر سلبيًا المهام السيادية لقطاع النفط من جهة أخرى.

وأكد أن المؤسسة الوطنية للنفط لديها العديد من الأعمال الشاقة والمتفرعة، وهو الحال الطبيعي والمعمول في كل الدول النفطية، مبينًا في سياق أخر، أن موضوع المواقع الممكنة للحفر والاستثمار النفطي في ليبيا هو مجال كبير وشاسع جدا على اعتبار أن الأرض الليبية لا تزال تعتبر غير مكتشفة بالكامل.

وختم، بالتنويه إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع شركائها الدوليين والعالميين، والمحليين، على دراسة معطيات الأرض الليبية وأكثر الأراضي المُهيئة للحفر والتنقيب، مثلما حصل في حقل ايراون المكتشف حديثا والذي تم العمل عليه لفترة طويلة وما زال العمل على تطوير إنتاجه النفطي.