نيويورك تايمز: عناصر المرتزقة التشاديين كانوا يقومون بالتبديل بين الأطراف الليبية إذا كان الثمن مناسبًا

أكد تقرير أمريكي، أن عملية اغتيال رئيس تشاد إدريس ديبي، ألقت ضوءًا كثيفًا على قضية المرتزقة التشاديين ومشاركتهم في الصراع في ليبيا، حيث اعتبرها مراقبون سر القوة الكبيرة التي حققوها حيث كانوا يقاتلون كجنود ثروة لسنوات، ويجمعون الأسلحة والمال والخبرة في ساحة المعركة، وفقًا لمحققين تابعين للأمم المتحدة وخبراء إقليميين.

وأوضح التقرير الذي نشرته “نيويرك تايمز” الأمريكية، أن المتمردون استخدموا الحرب الفوضوية في ليبيا للتحضير لحملتهم الخاصة في تشاد، وأنه حتى وقت قريب، تم توظيفهم من قبل خليفة حفتر، الذي دعمه الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في هجومه على طرابلس.

وأوضح أن مقرهم العام الماضي كان في قاعدة جوية عسكرية ليبية مترامية الأطراف إلى جانب مرتزقة من مجموعة فاغنر، الشركة الخاصة المدعومة من الكرملين والتي تعتبر رأس حربة لجهود روسيا السرية لنشر نفوذها العسكري عبر إفريقيا.

ونقل عن خبراء قولهم إن الانقلاب غير المتوقع من قبل المتمردين التشاديين يقدم مثالاً صارخًا على كيفية احتضان فراغ السلطة المستمر منذ عشر سنوات في ليبيا، بدءًا من اغتيال العقيد معمر القذافي في عام 2011م.

وأشار إلى تهديد المتمردين الذين يطلق عليهم اسم جبهة التغيير والوفاق في تشاد (F.A.C.T)، في بيان يوم الأربعاء، بالتقدم في مسيرة في نجامينا في نهاية هذا الأسبوع، بعد جنازة ديبي المقررة يوم الجمعة.

ولفت إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان المتمردون قادرين على الوفاء بهذا التهديد، حيث تكبدوا خسائر فادحة هذا الأسبوع، مشيرًا إلى إعلان الجيش التشادي أنه قتل 300 متمرّد، فيما قام الجيش التشادي بتحصين الدفاعات حول القصر الرئاسي يوم الأربعاء، حيث نفى المسؤولون الشائعات المستمرة عن مقتل أو إصابة ابنه محمد، خليفة ديبي.

وتطرق إلى الوجود العسكري لفرنسا، منوها بأنه مستمر في نجامينا منذ عام 1986م، وكان مقر عمليتها لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، والمعروفة باسم عملية برخان، في العاصمة التشادية منذ إطلاقها في عام 2014م، فيما تقول فرنسا إن ما لا يقل عن 1000 من جنودها يتمركزون حاليًا في تشاد.

وقال إنه منذ تسعينيات القرن الماضي، سعت مجموعة من الجماعات المتمردة، كثير منها محدد بالهوية العرقية، إلى الإطاحة بالرئيس ديبي، وتمركز بعضهم في منطقة دارفور بغرب السودان، حيث تلقوا التمويل والأسلحة من الرئيس السوداني عمر حسن البشير.

وبين أنه بعد أن أبرم البشير وديبي اتفاق سلام في عام 2010م، واتفقا على وقف دعم المتمردين الذين يقاتلون حكومات بعضهم البعض، اضطر المتمردون التشاديون إلى مغادرة السودان، وجدوا قاعدة جديدة، بعد عام، في ليبيا.

وأشار إلى أنه في الفوضى التي أعقبت اغتيال العقيد معمر القذافي في عام 2011م، استأجرت الفصائل الليبية المتنافسة مرتزقة أفارقة للقتال إلى جانب قواتها، وكان هناك طلب كبير على التشاديين، الذين اشتهروا بأنهم مقاتلون عنيدون في الصحراء، حتى أن بعض التشاديين قاموا بتبادل الجوانب، إذا كان الثمن مناسبًا.

ويحسب التقرير، قال مسؤول في الأمم المتحدة تحدث مع قيادة الجماعة، لكن لم يكن مخولاً بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن البداية كانت مع فصيل ليبي مقره في وسط مدينة مصراتة، لكن بحلول عام 2019م، حولوا دعمهم إلى فصيل منافس، بقيادة حفتر، حيث أطلق حملة للسيطرة على العاصمة طرابلس.

وأكد أن الأموال والأسلحة والخبرة التي جمعها المرتزقة الأفارقة، ومعظمهم من تشاد والسودان، يتم استخدامها الآن في بلدان أخرى، متطرقًا لتقرير للأمم المتحدة نُشر في فبراير، ذكر أن المقاتلين كانوا متمركزين في قاعدة جوية عسكرية رئيسية في الجفرة، وسط ليبيا، وهو مطار يعد أيضًا محورًا للمرتزقة الروس من مجموعة فاجنر.

وقال إنه مع انتهاء القتال في ليبيا، عاد المقاتلون التشاديون إلى ديارهم من أجل الانتفاضة التي أطلقوها ضد ديبي في 11 الطير/أبريل، وربما أحضروا معهم بعض الأسلحة المتطورة من ليبيا، فيما قال مسؤول بالأمم المتحدة إنه حتى في ذروة الحرب الليبية، كان المتمردون يعتزمون دائمًا العودة إلى ديارهم في تشاد.

وأضاف: “هذه هي مصلحتهم الحقيقية، وتحدثوا عن جمع أكبر عدد ممكن من الأسلحة والعودة إلى تشاد”.