“العفو الدولية” تطالب حكومة الوحدة المؤقتة بإلغاء الأحكام العسكرية الصادرة بحق المدنيين في المنطقة الشرقية

أدانت منظمة العفو الدولية، إصدار المحاكم العسكرية في شرق ليبيا، أحكاما سرية، بإعدام 22 شخصا على الأقل، وزج المئات في السجون بين عامي 2018 و2021.

وقالت ديانا الطحاوي نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، في بيان لها، عبر موقع المنظمة الإلكتروني، أن المحاكم العسكرية حكمت بين عامي 2018 و2020 على ما لا يقل عن 22 شخصاً بالإعدام في أعقاب محاكمات جائرة وفقاً لبيانات صادرة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقوات الكرامة، فيما أكدت منظمات حقوق الإنسان تنفيذ 31 عملية إعدام على الأقل.

وتُعارض منظمة العفو الدولية استخدام عقوبة الإعدام تحت أي ظرف من الظروف، فوفقاً للقانون الدولي يجب أن تراعي الإجراءات القضائية في قضايا الإعدام مراعاة دقيقة وصارمة لكافة معايير المحاكمة العادلة ذات الصلة، وينتهك تنفيذ الإعدامات عقب محاكمات جائرة الحق في الحياة.

ودعت الطحاوي، حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة إلى إلغاء جميع الإدانات والأحكام التي أصدرتها المحاكم العسكرية بحق المدنيين. ويجب الإفراج فوراً عن جميع الذين احتُجزوا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، ويجب حماية المحتجزين بصورة قانونية من التعذيب والسماح لهم بالتواصل مع أسرهم ومحاميهم. وينبغي محاكمة أي مدنيين متهمين بارتكاب جرائم معترف بها دولياً أمام محاكم مدنية في إجراءات عادلة وبدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام.

وقالت المنظمة، إن العديد من المتهمين تعرضوا للتعذيب وغيره من المعاملة السيئة في الحبس الاحتياطي، مؤكدة أن المحاكمات كانت تهدف إلى معاقبة الخصوم والنقاد الفعليين أو المفترضين على قوات الكرامة، والجماعات المسلحة التابعة لها.

وأوضحت أن المدنيين، الذين حاكمتهم المحاكم العسكرية في معقل قوات الكرامة، يضموا شخصين استُهدفا حصراً بسبب عملهما الصحفي، ومجموعة شاركت في احتجاجات سلمية، وعشرات الأشخاص المدافعين الذين دافعوا عن حقوق الإنسان أو نشروا انتقادات لقوات الكرامة أو الجماعات المسلحة التابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونقلت العفو الدولية، عن المحتجزين السابقين، تفاصيل الانتهاكات التي من ضمنها اختطافهم واحتجازهم مددا تصل إلى ثلاث سنوات حتى قبل إحالتهم إلى الادعاء العسكري، بالإضافة إلى احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي 20 شهراً في ظروف شبيهة بالإخفاء القسري، وتعرضهم للضرب، وتوجيه تهديدات إليهم واستخدام أسلوب الإيهام بالغرق ضدهم، فيما قال بعضهم إنهم أُرغموا على توقيع اعترافات بجرائم لم يرتكبوها.

وأكدت ديانا الطحاوي، أن “المحاكمات العسكرية للمدنيين تضرب عرض الحائط بالمعايير الدولية والإقليمية وهي جائرة بطبيعتها”.

وأضافت أنه “في شرق ليبيا تجري المحاكمات سرا وأحيانا في غياب المحامين والمتهمين، ما يقوض أي مظهر من مظاهر العدالة، ويشكل استخدام المحاكمات العسكرية للمدنيين ستاراً فاضحاً تمارس به قوات حفتر والجماعات المسلحة التابعة لها سلطتها لمعاقبة أولئك الذين يعارضونها وخلق مناخ من الخوف”.

ودعت الطحاوي، حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة إلى وضع حداً فورياً للمحاكمات العسكرية للمدنيين، وأن تأمر بإجراء تحقيقات في ممارسة التعذيب وغيره من الجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبتها الجماعات المسلحة.

وبموجب القانون الدولي يجب أن يقتصر استخدام المحاكم العسكرية على محاكمة العسكريين على إخلالهم بالانضباط العسكري. وثمة إشكالية في المحاكمات العسكرية للمدنيين، لأن المدعين العامين والقضاة هم أعضاء عاملون في الجيش ويخضعون لتراتبيته، ولذا يفتقرون للاستقلالية والحياد.

وفي المقابلات التي أجرتها منظمة العفو الدولية مع 11 شخصاً، قال رجل أصدرت محكمة عسكرية حكماً عليه في 2020 إن الرجال التابعين للشرطة العسكرية، وهي جماعة مسلحة متحالفة مع قوات الكرامة، اعتدوا عليه بالضرب، وهددوه بالاغتصاب، ووضعوا غطاء على رأسه قبل أن يصبوا الماء عليه لمحاكاة الشعور بالغرق.

إضافة إلى ذلك، قالت إمرأة إن جماعة مسلحة اخطفتها من منزلها في فبراير 2020 بسبب مشاركة لها على موقع للتواصل الاجتماعي انتقدت فيها قوات الكرامة، ولم يُسمح لأسرتها ولا لمحاميها بزيارتها قبل الإفراج المؤقت عنها في أبريل 2021 بانتظار محاكمتها.

وعلمت منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 18 رجلا أُلقي القبض عليهم بشأن احتجاجات سبتمبر 2020 ضد الجماعات المسلحة أُحيلوا إلى محاكمة عسكرية.

وقالت إن الإجراءات القضائية المتخذة أمام المحاكم العسكرية في شرق ليبيا استهزاء بحقوق متعددة للمحاكمة العادلة، من بينها الحق في الاستعانة بمحامي قبل المحاكمة وخلالها، والحق في التزام الصمت، وفي جلسة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة ومستقلة وحيادية، وفي حضور المحاكمة، وفي حكم معلّل، وفي مراجعة حقيقية، من جملة حقوق أخرى.

وقد وصف المتهمون على نحو مألوف حرمانهم من مقابلة محام في الحبس الاحتياطي، وأحياناً حتى في خلال محاكمتهم. واستُهدف محامون أيضاً. وبحسب منظمة رصد الجرائم الليبية – وهي مجموعة ليبية لحقوق الإنسان – أُلقي القبض على محامييْن اثنين واحتُجزا عدة أيام في مارس 2020 استناداً إلى شكاوى ضدهما تقدم بها سليم الفرجاني رئيس المحكمة العسكرية الدائمة في بنغازي. وفي شكوى أطلعت عليها منظمة العفو الدولية اتهم أحد المحامين سليم الفرجاني بمنع المحامين من الاطلاع على ملفات القضية أو من تقديم حجج دفاعية في المحكمة.

وفي مايو 2020، حكمت محكمة عسكرية على الصحفي إسماعيل بوزريبة الزوي بالسجن 15 عاماً بتهم دعم الإرهاب. وتعتقد منظمة العفو الدولية بأنه عوقب بسبب محتوى عُثر عليه في هاتفه، ومن ضمنه رسائل تنتقد قوات الكرامة، واتصال بوسائل إعلام في الخارج. وقد مُنع من الاتصال بعائلته ومحاميه طوال فترة حبسه الاحتياطي وحوكم غيابياً.

وفي عدة حالات لم يُبلّغ المتهمون بالضبط بالتهم المنسوبة إليهم إلى حين موعد المحاكمة، وحوكموا في جلسات مغلقة، ولم يُسمح لهم بالاطلاع على ملفات القضية أو الأدلة التي تدينهم، أو على الأحكام المعللة عندما يدانون. وعلاوة على ذلك لا يمكن استئناف الإدانات الصادرة عن المحاكم العسكرية إلا أمام محكمة عسكرية أعلى.

وتابعت المنظمة أن المدعين العامين والقضاة العسكريين يفتقرون على حد سواء إلى الاستقلالية والحياد، لأنهم ينتسبون إلى قوات الكرامة أو الجماعات المسلحة المتحالفة معها.

ونقلت منظمة العفو الدولية، أيضا عن المدنيين، الذين أُفرج عنهم عقب قضاء محكومياتهم، إن عمليات مقاضاتهم قد تركت وصمتها على حياتهم، بما في ذلك فرص إيجاد وظائف، كما أن الخوف من إلقاء القبض عليهم مجدداً يبقى سيفاً مسلطاً فوق رؤوسهم.

وقال إبراهيم الوجيلي، وهو طبيب عمل في مستشفى تابع للقطاع العام في بنغازي، إنه عقب الإفراج عنه تم إبطال عقده مع القطاع العام بسبب الحكم الذي أصدرته إحدى المحاكم العسكرية ضده.

كذلك أبلغ رجلان أدانتهما محاكم عسكرية منظمة العفو الدولية أنه بعد الإفراج عنهما تلقيا تهديدات شفوية مستمرة باعتقالهما مجدداً وبإصدار عقوبات أقسى بحقهما وذلك من أفراد تابعين “للشرطة العسكرية”، وقد دفعهما ذلك إلى الهرب من ليبيا.

وفي 2017 أقر أعضاء مجلس النواب، القانون رقم 4/2017 الذي أرسى الولاية القضائية للمحاكم العسكرية على المدنيين المتهمين بالإرهاب والجرائم المرتكبة في المناطق العسكرية.

وفي نوفمبر 2018 صرح الناطق باسم قوات الكرامة، بأن تعديلات عام 2017 نصت على أساس قانوني لمحاكمة الأشخاص المتهمين بالإرهاب أمام المحاكم العسكرية، بيد أنه في عام 2020 زعم وزير العدل آنذاك في حكومة الوفاق المنتهية ولايتها بأن القانون الذي أصدره مجلس النواب ليس نافذاً، وأكد أن المحاكم المدنية فقط لديها الولاية القضائية على المدنيين.

ولم تُعلّق حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، بصورة علنية، على صحة تعديلات عام 2017 على القانون العسكري أو على محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.

————-

ليبيا برس

حكومة الوحدة الوطنيةليبيامنظمة العفو الدولية