قرادة عن بيان تحول الإخوان لجمعية: هل يقصدون بالإسلام ‏الوسطي النموذج الطالباني أم ‏الأردوغاني أو القطبي

أكد سفير ليبيا الأسبق لدى السويد والدنمارك، إبراهيم قرادة، أن بيان جماعة الإخوان المسلمين بتحولهم إلى جمعية تحت ‏مسمى “الإحياء والتجديد” خلا عن عمد من عدد من المصطلحات ‏الهامة مثل الديمقراطية والشورى والتداول السلمي للسلطة.‏

وأوضح في تدوينة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أن بيان ‏الإخوان لم يشر أو يتطرق من قريب أو بعيد للاستحقاق الانتخابي ‏القريب، خاصة وأنها مطلب شعبي أصيل للخروج من أزمة السلطة، ‏وهو أساس أي عمل ديمقراطي أو تنظيم ديمقراطي تسعى تلك ‏الجمعية للانخراط فيه.‏

وقال: “بيان الإخوان مفعم بالمصطلحات العمومية الواسعة ‏والفضفاضة والغامضة، التي يصعب توصيفها فكريًا وسياسيًا، فيما ‏يبدو أنه مناورة تكتيكية منهم”، مشيرًا إلى أن البيان لم يتجاوز لغة ‏الوصاية ولم يشر إلى أي طرف من الأطراف المتصدية للجماعية ‏وفكرها.‏

ولفت، إلى أن البيان رغم ‏تضمنه فقرات إيجابية ومطمئنة للرأي العام، إلا أنه خلا من قوة ‏الالتزام الأدبي والسياسي، وهو ما يظهر وجود تيارين داخل الإخوان ‏المسلمين، أحدهما أرثوذوكسي محافظ، والآخر تقدمي تغييري.‏

وأشار إلى أن إعلان الإخوان تحولهم إلى جمعية مرتبط ‏بصورة مباشرة بالتقارب المصري التركي، والتوجه السعودي الإماراتي ‏القطري الفكري والسياسي، وسعي للتموضع لمرحلة ما بعد حرب ‏طرابلس ودور خليفة حفتر وعقيلة صالح في المشهد الليبي ‏ومستوجبات مرحلة جنيف.‏

وانتقد قرادة مسمى “الإحياء والتجديد” لجمعية الإخوان الجديدة، ‏بقوله: “إحياء ماذا؟ وتجديد ماذا؟، لأن مصطلح الإحياء مرتبط ‏بموت أو جمود شيء ما، أما التجديد مرتبط بشيء قديم أو عتيق، ‏وربما كان استخدام ألفاظ مثل التحديث أو النهضة أو الإصلاح ‏الأكثر اقترابًا من احتياجات المستقبل”.‏

كما انتقد استخدام مصطلح الدولة المدنية في بيان ‏الإخوان من دون توضيح المقصود منه، قائلاً: “لأنه يُفهم في منطقتنا ‏العربية على أنه الدولة اللا عسكرية أو الدولة غير الدينية، ولكن عدم ‏ذكر الديمقراطية بجانب الدولة المدنية يجعل أبواب التفسير ‏والترجيح والتساؤل مفتوح على مصراعيه”، مضيفًا: “كما أن الدولة ‏المدنية قد تكون بوليسية أو مخابراتية أو دولة الحزب الواحد أو ‏جبهة حزبية يقودها حزب الضرورة الطليعي، ما لما تذكر ‏الديمقراطية وتداول السلطة السلمي الدوري والتعدد الحزبي ‏بوضوح دقيق وحزم جلي سيكون الباب مفتوح أمام كل ‏الاحتمالات”.‏

وتطرق إلى استخدام الإخوان مصطلح “الإسلام ‏الوسطي”، بقوله: “هل كان النموذج النهضوي في تونس وسطي أم ‏النموذج الحماسوي أو الطالباني أو التراباني نسبة إلى حسن الترابي أو ‏الأردوغاني أو القطبي أو الهضيباني نسبة إلى حسن الهضيبي”، ‏مضيفا “كيف ستُطبق الجمعية هذا النهج الوسطي الأصولي؟ ‏خاصة وأن بعض المتشددين يصنف تيار الإخوان المسلمين بأنه ‏مهادن مفرط، وبعض الإسلاميين الديمقراطيين يعتبرون فكر ‏الإخوان المسلمين نواة وجنين وحاضن للإفراط والتطرف ‏والإرهاب، علاوة على وجهة نظر غير الإسلاميين، مما يجعل ‏الوسطية المذكورة بدون تحديد حالة هلامية قد تنقل من الأقصى ‏إلى الأبعد”.‏

وتابع: “بيان الإخوان اعتراف صريح أنهم في منصة قيادة ‏التغيير ويريدون احتكارها، ولا يريدون الخروج منها ولا ‏يلمحون للمشاركة فيها، وهو ما يظهر ريبة وتخوف وعدم ثقة ‏أطراف سياسية في الإخوان المسلمين، بسبب ممارستها سياسة ‏التمكين والتموضع في الدولة ومفاصلها، لدرجة أن البعض يقول إن ‏الإخوان أصبحوا دولة عميقة متجذرة ومتشعبة ومنتشرة في كل ‏المؤسسات المحورية للدولة الليبية”.‏

وتساءل عن سبب عدم تحديد البيان مستقبل العلاقة ‏التنظيمية بين الجمعية وحزب العدالة والتنمية التابع للتنظيم، كما ‏تساءل أيضا عن سبب عدم توضيح البيان أيضًا إذا ما كانت جمعية ‏‏”الإحياء والتجديد” حزب سياسي أم جماعة دعوية أم منظمة ‏مجتمع مدني.‏

وأتم بقوله: “لم يشر ويتطرق البيان لا من قريب ولا بعيد ‏للاستحقاق الانتخابي القريب، حين أن الانتخابات بجانب أنها ‏مطلب شعبي أصيل لخروج من أزمة السلطة، فهي أساس العمل ‏السياسي لأي دولة ديمقراطية وتنظيم ديمقراطي، حتى إذا كانت ‏الجمعية، كما أن الديمقراطية والانتخابات ليست مسألة سياسية ‏فقط وكان ينبغي التطرق لها”.‏