الفيتوري: مجلس الأمن فشل في فرض إرادته في ليبيا إلا عندما ‏رغب في إسقاط القذافي

قال الكاتب والباحث الأكاديمي، مصطفى الفيتوري، إن كل دعوات ‏الأمم المتحدة لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة فشلت طوال ‏أعوام، مشيرًا إلى أن مجلس الأمن فشل في فرض إرادته في ليبيا إلا ‏عندما رغب في ‏إسقاط العقيد معمر القذافي.‏

وتطرق الفيتوري في مقال نشرته صحيفة “ميدل إيست ‏مونيتور” البريطانية، لتصريحات مبعوثة الأمم المتحدة إلى ‏ليبيا، ستيفاني ويليامز، في 2 ديسمبر من العام الماضي، التي قالت ‏فيها إن هناك 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي في ليبيا، والتي وصفت ‏الأمر حينها بـ”أزمة خطيرة” قبل أن تستنتج أنه “انتهاك مروّع للسيادة ‏الليبية” و “انتهاك صارخ لحظر الأسلحة”، مشيرة إلى قرار مجلس ‏الأمن الدولي رقم 1973 الذي يحظر، حتى اليوم، نقل الأسلحة ‏والمقاتلين إلى ليبيا.

وأوضح أن الهدف من القرار الذي مضى عليه عقد ‏من الزمن كان تشجيع الليبيين على التوصل إلى تسوية سياسية، ‏فيما بينهم بعيدًا عن التدخل الأجنبي في شؤونهم، وحظي هذا القرار ‏منذ ذلك الحين بتأييد آخرين يطالبون بالشيء نفسه، ‏دون جدوى على ما يبدو.‏

وقال الفيتوري إن مجلس الأمن فشل في فرض إرادته على جميع ‏الأطراف باستثناء الفترة ما بين مارس وأكتوبر 2011، وذلك عندما ‏كان إضعاف النظام السابق لتسهيل سقوطه هو الهدف الواضح، ‏مشيرًا إلى أنه بمجرد سقوط النظام ومقتل العقيد معمر القذافي، أصبح مجلس الأمن أقل ‏جدية بشأن حظر الأسلحة، لافتا إلى أن لجنة الجزاءات والعقوبات ‏التابعة لمجلس الأمن ترصد دوما في تقريرها المخالفين لقرار الحظر ‏ولا تتخذ أي إجراء حاسم ضدهم. ‏

واتهم أيضا الأمم المتحدة بأنها تعاني من آليات داخلية فاشلة، ‏وأن الدول الأعضاء الأضعف يدفعون الثمن دائمًا، وطالما أن الأعضاء ‏الخمسة الدائمين لا يتفقون على أي إجراء وقادرون على استخدام ‏حق النقض “الفيتو”، فإن المجلس مشلول ومحكوم عليه ‏بالفشل، مستشهدًا بموقف الأمم المتحدة تجاه فلسطين وأنه أوضح مثال على ذلك.

وشبه الفيتوري الوضع في ليبيا اليوم، بما تواجه فلسطين في الأمم ‏المتحدة، وسط الخلاف بين الأعضاء الخمسة الدائمين، الأمر ‏الذي يقتل أي قرار لمجلس الأمن قبل حتى التصويت عليه، وتذكر ‏الفيتوري كيف أن القذافي أطلق على مجلس الأمن لقب “مجلس ‏الإرهاب”، قائلاً: هي مقولة حقيقية فهو لم يعد مجلسًا يعمل من أجل ‏السلام العالمي، وليبيا اليوم تعاني تحت إرادة نفس المجلس الذي ‏لا يملك الإرادة لمعاقة الدول والأفراد المسؤولين عن تدمير البلاد”.‏

وأوضح أيضا أن المثال الليبي يكشف مدى استعداد الدول ‏لانتهاك جميع قرارات الأمم المتحدة، وكذلك ميثاق ‏المنظمة الدولية، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال، فالعنف المندلع ‏في ليبيا بين أبريل 2019 ويونيو 2020، كان له أبعاد جديدة لفكرة ‏الحظر، مما يجعل انتهاكه ليس أسهل فحسب، بل أيضًا أكثر قابلية ‏للدفاع والإنكار، وأصبح تعزيز الحظر قضية تفسيرية وليس تطبيقًا ‏واقعيًا، حيث تشكل تركيا وروسيا، وكلاهما من منتهكي الحظر الرئيسيين، ‏مثالاً واضحًا على ذلك.‏

ولفت الفيتوري إلى أن أنقرة في كل مرة يتم فيها الحديث عن قضية سحب قواتها ‏والمرتزقة السوريين، تشير إلى أن قواتها موجودة ‏في ليبيا لأن الليبيين طلبوا منهم التواجد هناك، وفي أحدث تعليق على هذه القضية، تحدث وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ‏في طرابلس إلى جانب نظيره الليبي ورفض أي مساواة بين الوجود ‏العسكري التركي وما أسماه “الجماعات غير الشرعية”، حيث كان واضحًا ‏أنه يشير إلى المرتزقة الروس وغيرهم في ليبيا.

وتابع الفيتوري: “عندما ‏قالت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، إنها تريد تعاون تركيا ‏لإنهاء وجود جميع القوات الأجنبية والمرتزقة في البلاد، ذكرها ‏الوزير التركي بأن بلاده أرسلت قواتها للدفاع عن طرابلس عندما ‏كانت تتعرض للهجوم، وتهرّب ببساطة من السؤال من خلال ‏التأكيد على أن قواته موجودة في طرابلس بناءً على طلب ليبيا”.

وتطرق أيضا بحديثه عن الموقف الروسي، بقوله لا يعترف الروس ‏أبدًا بوجود أي قوات في ليبيا من خلال الإدعاء بأن فاغنر- التي ‏تجنّد المرتزقة وتوظفهم- هي شركة خاصة لا علاقة لها بالكرملين، ‏وحتى اللجنة العسكرية المشتركة التي عملت على وقف إطلاق النار ‏في أكتوبر لا تزال غير قادرة على الاتفاق على كيفية إخراج القوات ‏الأجنبية، وفي آخر اجتماع عقدته في سرت في 16 مارس، دعت ‏مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المساعدة في إزالتها.‏

ورأى الفيتوري أن التساؤل الآن عما إذا كانت ليبيا جادة في طرد القوات الأجنبية، فلماذا لم تتخذ أي خطوات ملموسة للقيام بذلك؟، قبل أن ينوه إلى أن مجلس الأمن قد دعا إلى عزلهم كما فعل جميع أعضائه الدائمين.

واعتبر أن مثل هذه الخطوة، إذا اتخذتها ليبيا، فمن المرجح أن تحظى بدعم الأمم المتحدة وآخرين مثل الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن ليبيا كانت لديها تجربة مماثلة مع القوات الأجنبية في عام 1970م، عندما كانت في نفس الوضع الضعيف تقريبًا كما هي عليه اليوم.

وواصل: “بعد عام واحد فقط من توليه السلطة، واجه القذافي ما لا يقل عن سبع قواعد عسكرية أجنبية في بلاده، والتي وصفها الآلاف من القوات الأمريكية والبريطانية بأنها موطنها”، مضيفا: “تمكن من إخراجهم من البلاد على الرغم من وجودهم هناك بالاتفاق مع حكومة الملك إدريس”.

وتابع: “لم ينتظر القذافي حتى يوافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو الحكومات المعنية على مطلبه، لقد هدد ببساطة بأنهم إذا لم يغادروا، فسوف يحشد الجماهير لمحاصرة القواعد مع قطع العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا”، مُشددًا على أن حكومة الوحدة المؤقتة فشلت في تعلم هذا الدرس من سابقتها.

واعتبر الفيتوري أن هذا يطرح سؤالا آخر، وهو أي القوات تريد الحكومة المغادرة؟ قبل أن يشير إلى عبارة “القوات الأجنبية والمرتزقة” تكررت على لسان وزيرة الخارجية الليبية، لكنها لا تشمل القوات التي وافقت عليها الحكومة السابقة، مثل القوات التركية والإيطالية المتمركزة في مصراتة شرقي طرابلس.

وأردف: “هذه العبارة تشير فقط إلى المرتزقة، بمن فيهم الروس، الذين يدعمون قوات خليفة حفتر في شرق وجنوب ليبيا”، معتقدا أنه من المفترض أن تقود حكومة البلاد إلى انتخابات ديسمبر دون أي مقاتلين أو قوات أجنبية على الأراضي الليبية، وأنه للقيام بذلك، يجب أن تكون جادة وواضحة بشأن رغبتها في إزالتها.

‏———-
ليبيا برس