وزير خارجية تركيا الأسبق: تركيا ترفض الانسحاب من ليبيا خوفًا من شن حفتر هجوم آخر على طرابلس

كشف وزير خارجية تركيا الأسبق والعضو المؤسس في ‏حزب العدالة والتنمية التركي يشار ياكيش، سبب رفض أنقرة الانسحاب ‏من ليبيا.‏

وأوضح ياكيش في مقال نشرته صحيفة “عرب نيوز” الناطقة باللغة ‏الإنجليزية أن إرسال تركيا وفد رفيع المستوى إلى ليبيا واستقبالهم ‏من قبل كبار المسؤولين الليبيين بمن فيهم رئيس المجلس الرئاسي، ‏محمد المنفي ورئيس وزراء حكومة الوحدة المؤقتة، عبد الحميد ‏الدبيبة، ونائبي المجلس الرئاسي، عبد الله حسين اللافي، وموسى ‏الكوني، ووزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، كان إشارة إلى أن تركيا ‏تسعى لتعزيز ما تمكنت من تحقيقه حتى الآن في ليبيا.‏

ولفت إلى أن ما أثارته المنقوش خلال مؤتمرها مع نظيرها التركي، ‏مولود جاويش أوغلو، حول مسألة انسحاب القوات الأجنبية من ‏ليبيا، وتركيزها الاهتمام على الوجود العسكري التركي، على الرغم ‏من وجود مرتزقة فاغنر الروس، الذين يتم توظيفهم من قبل ‏شخص مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووجود مرتزقة ‏سودانيون وتشاديون في البلاد، ورد جاويش أوغلو بالقول إن تركيا ‏وقفت إلى جانب ليبيا في أوقاتها الصعبة، وأن هذا الدعم سيستمر ‏تماشيًا مع مذكرة التفاهم الموقعة في عام 2019، وأن الوجود ‏العسكري التركي لا ينبغي أن يتساوى مع وجود المرتزقة الأجانب ‏الذين يقاتلون من أجل المال، كان إشارة قوية لما ينتظر أنقرة.‏

وأشار إلى أن الوجود العسكري المرتبط بتركيا في ليبيا يمتلك ‏جانبان، الأول منهما؛ المستشارون العسكريون الأتراك، والثاني ‏المرتزقة السوريين، حيث تعتبر تركيا المستشارين العسكريين فئة منفصلة ‏لأنهم ذهبوا إلى ليبيا بناءً على طلب حكومة الوفاق الوطني المنتهية ‏ولايتها، لكنه لفت إلى أن هذا المنطق ضعيف إلى حد بعيد لأن ‏اتفاق حكومة الوفاق لم يتم التصديق عليه من قبل البرلمان ‏الموجود في طبرق والذي كان معارضًا لحكومة الوفاق.‏

كما ألمح إلى أنه حتى الآن لم تعترف تركيا بأنها ترعى المرتزقة ‏السوريين في ليبيا، على الرغم من زعم وسائل الإعلام الدولية أن ‏هناك حوالي 17 ألف من هؤلاء المقاتلين في البلاد، وأنه تم سحب ‏حاولي 2500 منهم، قائلاً: “إذا كانت هذه الأرقام دقيقة، فقد نفترض أنه ‏لا يزال هناك حوالي 14500 مرتزقة سوري ترعاهم تركيا في ليبيا”.

وأكد أن إحجام تركيا عن سحب القوات، ينبع ‏من التهديد الذي تشكله قوات فاغنر على الموالين لها في طرابلس، ‏مشيرًا إلى أنه ينبغي تذكر أن خليفة حفتر شن هجوما للسيطرة على ‏طرابلس في أبريل 2019، وبفضل المساعدة العسكرية التركية تم ‏احتواء الهجوم وتم إنقاذ حكومة الوفاق المنتهية ولايتها ‏من الانهيار المحتمل، ومنذ ذلك الحين، ساد توازن قوى مستقر ‏إلى حد ما بين حكومة الوفاق الوطني وقوات حفتر، لكن ليس هناك ‏ما يضمن أن يمتنع الأخير عن استئناف تقدمهم نحو طرابلس إذا تم ‏سحب الوجود العسكري التركي من البلاد، مؤكدًا أنه إذا حدث هذا، ‏يمكن أن نعود إلى المربع الأول في الحرب الأهلية الليبية.‏

وتطرق إلى نقطة أخرى ترفض من خلالها تركيا الانسحاب من ليبيا، ‏ألا وهي أنه من الصعب معرفة نوع الجو السياسي الذي سيظهر بعد ‏الانتخابات البرلمانية الليبية في ديسمبر المقبل، ولذلك تريد تركيا ‏الحفاظ على وجودها العسكري في ليبيا على الأقل حتى يستقر ‏الوضع وتُشكل الحكومة عقب الانتخابات جيشًا مدربًا جيدًا ومهنيًا.‏

وقال وزير خارجية تركيا الأسبق إن أنقرة لن تشعر بالراحة، إذا ‏بقيت ليبيا منقسمة ووقعت المنطقة الشرقية تحت تأثير مزيج من ‏قوات فاغنر وحفتر.‏

‏ كما أوضح أن العامل الأكثر أهمية في موقف أنقرة من عدم ‏الانسحاب، هو موقف مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة الوفاق ‏الوطني المنتهية ولايتها في نوفمبر 2019، لترسيم مناطق ‏الاختصاص البحري بين البلدين، لأن هذه الاتفاقية تخلق ممرًا بين ‏المناطق التركية والليبية وتقطع شرق البحر الأبيض المتوسط عن ‏باقي البحر، وإذا أرادت دول مثل اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر مد ‏خط أنابيب غاز في قاع البحر لنقل غاز شرق البحر الأبيض ‏المتوسط إلى أوروبا، فسيتعين عليها عبور هذا الممر التركي الليبي، ‏والذي من المحتمل أن تدافع عنه تركيا عسكريًا. ‏

وتابع: “أما إذا تم تقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ شرقية وغربية، فسيقع الممر ‏البحري في أيدي المنطقة الشرقية، مما يجعل مذكرة التفاهم ‏التركية الليبية حبرًا على ورق، لذلك؛ فإن لوحدة ليبيا وسلامة ‏أراضيها آثار على تركيا تتجاوز انسحابها العسكري التقليدي”.

كما أشار إلى أن تركيا تكبدت خسائر مالية بلغت عدة مليارات من ‏الدولارات عندما سقطت ليبيا في حالة من الفوضى في عام 2011، ‏وتريد الآن تعويض أكبر قدر ممكن من ذلك، وإذا سيطرت قوات ‏حفتر، فستُعاني تركيا تبعات هذه الخسارة المالية، لذلك في ظل ‏هذه الظروف، يصعُب الحكم على المدة التي ستظل فيها أنقرة ‏مترددة في الانسحاب من الأراضي الليبية.‏

‏——- ‏
ليبيا برس