نيويورك تايمز: الأهمية الاستراتيجية لليبيا ‏في الشرق الأوسط تقترب من أهمية قضايا إسرائيل و‏إيران واليمن

  • تعيين نورلاند مبعوثًا أمريكيًا يعني أن إدارة بايدن جادة في ‏طريق الانتخابات
  • المسؤولية الأمريكية عن الفوضى الليبية عام 2011 ‏تُلزم إدارة بايدن بمسؤولية خاصة للوقوف إلى الجانب الصحيح الآن

 

أكد تقرير أمريكي أن تعيين الولايات المتحدة للسفير الأمريكي ريتشارد ‏نورلاند، مبعوثا خاصا إلى ليبيا، وسط الأحداث ‏المتفجرة في الشرق الأوسط والتفجيرات التي تواجهها إسرائيل ‏والقتلى الذين يتساقطون في فلسطين، يظهر أن واشنطن وإدارة جو ‏بايدن يسعون لاستعادة بعض المصداقية والرصانة في تحقيق ‏الاستقرار الحقيقي في ليبيا.‏

وأوضح التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن منح نورلاند نفوذا وسلطة إضافية يعتبر ‏بمثابة علامة مهمة على أن بايدن والإدارة الأمريكية جادين في دعم ‏العملية السياسية التي من المفترض أن تتوج بالانتخابات في 24 ديسمبر ‏المقبل. ‏

وأشار إلى أنه بعد عقد من الفوضى والحرب الأهلية والتدخل ‏الأجنبي في أعقاب سقوط 42 عامًا من حكم العقيد معمر القذافي، ‏فإن هناك الآن فرصة حقيقية لإعادة البلاد إلى قدميها، حيث مر شهر ‏رمضان المبارك دون وقوع حوادث كبيرة، لافتًا إلى أنه توجد حاليًا حكومة ‏وحدة مؤقتة واحدة، ومعظم الفاعلين الأجانب والداخليين يقفون ‏اسميًا على الأقل وراء العملية السياسية والانتخابات.‏

وحذر من أنه بعد سنوات عديدة من ‏الاضطرابات مع وجود الكثير من النفط تحت بحارها الرملية، فإن ‏أي تحرك نحو تسوية سياسية في ليبيا هو بطبيعته هش، ولا تزال ‏الاستعدادات للانتخابات غارقة في المناورات السياسية، حيث وضعت ‏مجموعة مزعجة من القوى الخارجية، أبرزها؛ تركيا وروسيا ومصر ‏والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي، علامات استفهام ‏واسعة حول مختلف القضايا بالبلاد، كما يوجد كذلك الكثير من ‏القوات الأجنبية والأسلحة والطائرات بدون طيار والأموال التي ‏تتدفق لدعم مطالبهم.‏

وأشار إلى أن إعادة الاستقرار في ليبيا له فوائد مغرية بصورة كبيرة ‏في الولايات المتحدة، فهناك النفط، الذي يُحتمل أن يصل إلى 1.6 ‏مليون برميل يوميًا، والذي يمكن أن يسهل التعافي السريع ‏للاقتصاد ويوفر فرص عمل كبيرة ليس فقط لليبيين، ولكن أيضًا ‏لجيرانهم الأفقر، ولاسيما مصر، وقد تعني استعادة النظام أيضًا ‏فرض قيود على المهاجرين الذين يتدفقون عبر ليبيا للمخاطرة ‏برحلة بحرية محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا ، حيث أصبحوا مصدرًا ‏لمشاكل اجتماعية وسياسية كبيرة. ‏

كما ألمح إلى أن وجود حكومة مُتجهة نحو الغرب ستخفف من ‏حدة طموحات روسيا في جنوب البحر الأبيض المتوسط، والتي ‏تزرع الآن نفسها في ليبيا من قبل مرتزقة مجموعة فاغنر المرتبطة ‏بالكرملين، والتي تدعم المتمردين في شرق ليبيا.‏

وتطرقت الصحيفة إلى أن الأهم من ذلك، أن الليبيين أنفسهم سئموا من ‏حالة عدم الاستقرار والقتال، خاصة عقب المحاولة الفاشلة من ‏خليفة حفتر للاستيلاء على طرابلس في الفترة من أبريل 2019 حتى ‏يونيو 2020، والتي ارتكب خلالها مذابح مروعة، خاصة وأن إدارة ‏ترامب السابقة منحت ضوء أخضر ضمني لحفتر في شن هجومه ‏الفاشل، رغم اعتراف الولايات المتحدة بحكومة الوفاق المنتهية ‏ولايتها.‏

وأفادت بأن ترامب عرض المساعدة على حفتر، ‏وقدمها سرا له إريك برنس، وهو مقاول أمني أمريكي ومؤيد ‏لترامب، ما يظهر أن واشنطن في موقف نادر انحازت إلى جانب ‏روسيا والإمارات في إعادة إشعال حرب أهلية ليبية، وأدت لتشويه ‏وقتل الآلاف من الليبيين وتشريد مئات الآلاف، ولكن في النهاية تم ‏إضعاف هجوم حفتر على أبواب طرابلس، بعد دعم عسكري هائل ‏من تركيا.‏

ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولية الأمريكية عن الفوضى الليبية التي حدثت عام 2011، ‏تعطي إدارة بايدن مسؤولية خاصة للوقوف إلى الجانب الصحيح ‏في عملية السلام التي بدأت بعد الحرب الأهلية من خلال وساطة ‏ألمانيا، والتي اختارت حكومة مؤقتة مكلفة بقياد ليبيا إلى ‏الانتخابات، وهو أمر ليس بالسهل، خاصة للفصائل المتنافسة ‏وبالأخص حفتر وأجزاء من الهيئات التشريعية القديمة.‏

وقالت الصحيفة، إن الأمر الأكثر إثارة للرعب، هو أن عشرات ‏الآلاف من القوات الأجنبية لا يزالون داخل ليبيا، على الرغم من ‏الاتفاق على مغادرة تلك القوات، خاصة بعد أن دعت نجلاء ‏المنقوش وزيرة الخارجية المؤقتة وأول امرأة تعمل في ذلك ‏المنصب، القوات التركية والمرتزقة إلى مغادرة البلاد، ليكن الرد ‏عليه هو اقتحام فندق في طرابلس الذي يأوي المقر الخاص بالمجلس ‏الرئاسي يوم 8 مايو.‏

ولفتت إلى أن واشنطن ينبغي ألا تقلق من أهمية ليبيا الاستراتيجية ‏في الشرق الأوسط، فهي بمرتبة تقترب من أهمية قضايا إسرائيل أو ‏إيران أو اليمن، لأن استعادة النظام في ليبيا أمر بالغ الأهمية ‏لحلفاء أمريكا عبر المحيط الأطلسي وإمدادات الطاقة، ولكن الأهم ‏من ذلك، أنها اختبار رئيسي لنية الإدارة المعلنة لدفع الضرر الذي ‏لحق بسنوات ترامب، وتنشيط الدبلوماسية الأمريكية وإعادة ‏إشراك الحلفاء، الذين وجدوا أنفسهم أحيانًا في جوانب مختلفة من ‏الصراع الليبي.‏

‏——— ‏
ليبيا برس

إسرائيلالشرق الأوسطاليمن