مجلة إيطالية: القوى التي أطلقت العنان ‏للفوضى في ليبيا عام 2011 ولم تبد اهتمامًا منذ 10 ‏سنوات تبحث اليوم عن إرساء الاستقرار

أفاد تقرير إيطالي بأنه الأتراك والروس، لن ينسحبوا من ‏ليبيا قريبًا، مشيرًا إلى أن لهذا فوائد عديدة لمصالح إيطاليا رغم ما ‏يشكله هذا من عوائق أمام ليبيا لإتمام العملية السياسية ‏والانتخابات.‏

ونشرت مجلة “تحليل الدفاع” الإيطالية تقريرا حول عدم انخفاض ‏أي من المقاتلين الأجانب أو المرتزقة أو أنشطتهم في ليبيا، رغم ‏صدور قرار رسمي برحيلهم، بل على العكس يقيمون تحصينات ‏ومواقع دفاعية على طول خط سرت الجفرة في وسط ليبيا، مع ‏استمرار وجود العناصر والموارد الأجنبية.‏

وقدرت المجلة عدد العسكريين والمرتزقة الأجانب في ليبيا بأكثر من ‏‏20 ألف، بينهم 13 ألف سوري، و11 ألف سوداني وتشادي، ‏والمئات من الأتراك والروس.‏

وأفاد التقرير بأنه بعيدًا عن آمال وضغوط الأمم المتحدة، يجب أن ‏نسأل أنفسنا إلى أي مدى يعتمد الاستقرار الحالي في ليبيا- على ‏الرغم من أنه لا يزال محفوفًا بالمخاطر- على مبادرات الأمم ‏المتحدة أو أوروبا أو الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية وإيطاليا، ‏والتوازن الذي نشأ في ساحة المعركة بعد انسحاب حفتر من ‏طرابلس.‏

وأشار إلى أنه لنكون أكثر وضوحًا، إذا لم يكن هناك المزيد من ‏القتال في ليبيا لمدة عام، فهناك حكومة مؤقتة واحدة وهناك ‏حديث عن إعادة الإعمار والبنية التحتية بعد الحرب، فإن الفضل ‏يعود إلى حد كبير إلى تركيا وروسيا، اللتين أنشأتا كقوى مرجعية مع ‏ الحلفاء الآخرين في المجالين المتعارضين وقبل كل شيء في ‏ساحات القتال.‏

وأوضح أن الجنود الأتراك مع المرتزقة السوريين هم من صدوا ‏قوات خليفة حفتر من طرابلس ومحيطها، وكان المقاولون الروس ‏هم من فرضوا وقفًا على أعداء حفتر على طول الخط الفاصل بين ‏‏”الليبيين” بين سرت والجفرة.‏

ولفت إلى أنه موسكو وأنقرة قادتا المعركة ثم المفاوضات من أجل ‏وقف إطلاق النار وحتى إعادة فتح صادرات النفط الليبية، وهو ‏اتفاق وقع من قبل نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني المنتهية ‏ولايتها، أحمد معيتيق ونجل حفتر في سوتشي بروسيا بعد أن ذهب ‏إلى تركيا. ‏

وتطرق إلى أنه من المفهوم أن هذا الوجود المهيمن اليوم غير ‏مريحة للقوى الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، التي لم ‏تكن لديها الشجاعة أو الاهتمام لتعريض نفسها للحرب، ولكن ‏اليوم ترغب في جني “مكاسب السلام”، للمطالبة بأي دور حاسم ‏على المدى الطويل في الأزمة الليبية.‏

وأكد أنه من الغريب أن نلاحظ كيف أن القوى التي أطلقت العنان ‏لفوضى مطولة في ليبيا في عام 2011 قادتها الولايات المتحدة ‏الأمريكية، وفرنسا، بريطانيا، وإيطاليا مع الحرب المؤسفة ضد ‏العقيد معمر القذافي، لم تبد أبدًا اهتمامًا منذ عشر ‏سنوات، من دون أن يدركوا أن التدخل العسكري الجديد يهدف ‏هذه المرة إلى إرساء الاستقرار فيه وليس زعزعة استقراره.‏

وفي الوقت نفسه، بالنسبة للولايات المتحدة وحلف شمال ‏الأطلسي، فمن المفهوم أن نلاحظ أن النتيجة النهائية للحرب التي ‏أطلقوها بأنفسهم في عام 2011 كانت بمثابة انتكاسة استراتيجية ‏أخرى. قواعد عسكرية روسية على الأراضي الليبية وبالتالي في وسط ‏البحر الأبيض المتوسط، مشيرًا إلى أنه من الضروري التساؤل عما ‏إذا كان الانسحاب غير المحتمل للقوات التركية مع المرتزقة ‏السوريين من طرابلس والمتعاقدين الروس مع المستشارين ‏العسكريين الإماراتيين ودول عربية أخرى، والمرتزقة التشاديين ‏والسوريين والسودانيين من برقة سيساهم، استقرار أكبر في ليبيا.‏

وحذر التقرير من أن انسحاب كل تلك القوات سيترك فراغًا عسكريًا ‏لا يبدو أن أحدًا يرغب في تحمل مسؤولية التعويض، بينما يبدو من ‏المؤكد بنفس القدر أن انسحاب هذه القوات العسكرية المرجعية، ‏سيشجع استئناف الاشتباكات بين قوات طرابلس وقوات حفتر، ‏لذلك، من الأفضل التساهل مع النصائح الموجهة إلى القوات ‏المقاتلة الأجنبية لمغادرة ليبيا، التي لم تنحل تمامًا حتى الآن بفضل ‏وجودها، على الأقل حتى يكون شخص ما في أوروبا أو في الولايات ‏المتحدة مستعدًا لفعل الشيء نفسه.‏

وطرح التقرير تساؤلا، “هل يتخيل أي شخص حقًا أن القوات ‏الإيطالية أو الأوروبية أو الأمريكية أو الخوذات الزرقاء التابعة للأمم ‏المتحدة تهبط في ليبيا اليوم لاستعادة السلام والاستقرار؟ أم أن ‏تدخلهم مرضي للفصائل الليبية؟”، مشيرا إلى أنه كانت موسكو ‏وأنقرة، وليس روما أو باريس أو بروكسل أو واشنطن، هي التي أدارت ‏الصراع وضمنت جهود الاستقرار الحالية في مستعمراتنا السابقة، ‏وهكذا حققوا هيمنة لا يبدو أنهم مستعدون للتنازل عنها بالتأكيد.‏

‏——— ‏
ليبيا برس