كوبيش: على حكومة الوحدة الوطنية وضع ضمانات المحاكمة العادلة لإنهاء ومنع الاحتجاز التعسفي

أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، أن اتفاق وقف إطلاق النار يوفر الإطار الليبي اللازم لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج في ليبيا.

وأضاف كوبيش، في إحاطة أمام مجلس الأمن حول آخر المستجدات في ليبيا، أنه قد أسندت إلى اللجنة العسكرية المشتركة مهمة إنشاء لجنة فرعية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للبدء فورًا في تحديد وتصنيف التشكيلات والكيانات المسلحة على كامل الأراضي الليبية بهدف تفكيكها وإعادة إدماج أفرادها في المجتمع أو في الخدمة الحكومية.

وأشار أنه تم تشكيل لجنة نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بقيادة من المنطقة الغربية، في 19 ديسمبر 2020م، وتتألف من ضباط عسكريين وضباط شرطة رفيعي المستوى وممثلين عن الوزارات المعنية وخبراء في التخطيط، ومن الضروري أن تكون لجنة نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج موحدة وغير سياسية وفنية وأن تكون مرتبطة باللجنة العسكرية المشتركة “5+5″، لافتاً أن الأمم المتحدة تلتزم بدعم الشروع في التخطيط لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج كما ينص عليه القرار 2570 لعام 2021م، عملا باستراتيجية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني بملكية وقيادة وطنية.

وتابع: “يؤكد القرار 2570 أيضا أهمية عملية المصالحة الوطنية الشاملة والجامعة، وقد أعلن رئس المجلس الرئاس في أبريل الماضي إنشاء المفوضية العليا للمصالحة الوطنية للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وتعزيز المصالحة الوطنية القائمة على العدالة وسيادة القانون”.

وأوضح كوبيش، أن الرئاسة ستتعاون في هذا الشأن تعاوناً وثيقاً مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، والعمل المشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جارٍ لدعم السلطات الليبية على تعزيز المصالحة القائمة على الحقوق والعدالة الانتقالية، مع التركيز على المصالحة المجتمعية والمحلية والمشاركة الهادفة للمرأة والشباب وجميع المكونات الثقافية في ليبيا.

وشدد على أن القاسم المشترك لجميع تحديات حقوق الإنسان في ليبيا، هو الإفلات من العقاب، حتى بالنسبة لأكثر انتهاكات القانون الدولي خطورة، وما اكتشاف أكثر من 100 مقبرة جماعية في أعقاب استعادة حكومة الوفاق الوطني لمدينة ترهونة جنوب العاصمة إلا تذكير صارخ بأهوال الصراع الليبي.

ولفت كوبيش، أن المملكة المتحدة انضمت مؤخراً إلى العقوبات الثنائية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على ميليشيا الكانيات وقادتها، وفي حين أن المساءلة والعقوبات الدولية ضروريتان، فإنهما لا يمكن أن يحلا محل المساءلة الفردية الجنائية الوطنية، ويجب أن تكون حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر والعودة والمساءلة الكاملة عن الجرائم محور أية عملية من أجل ضمان المضي قدماً فيها، مضيفاُ أن المساءلة التامة لهذه الفظائع هي السبيل الوحيد لضمان العدالة والمصالحة القائمة على الحقوق في ليبيا، وما لم تتصدَّ ليبيا للانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف خلال دوامات النزاع، فإن الفشل سيكون مصير أية جهود تبذل لتحقيق السلام المستدام.

وبالانتقال الى وضع المهاجرين، أكد كوبيش أنه “لا يزال وضع المهاجرين واللاجئين في ليبيا مصدر قلق بالغ، فهناك حوالي 575000 مهاجر في ليبيا ينحدرون من أكثر من 41 دولة، فيما جاء أكثر من ثلثيهم من البلدان المجاورة، وقد لقي أكثر من 500 شخص حتفهم، وأعاد خفر السواحل الليبي 9135 مهاجراً ولاجئاً إلى ليبيا حتى الآن في عام 2021 مقارنة بـ 12000 شخص أعيدوا خلال عام 2020م.

وتابع: “لا تزال ليبيا مكانا غير آمن للإنزال، حيث يجري احتجاز معظم المعادين احتجازاً تعسفياً في ظروف سيئة للغاية من قبل إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، مع تقييد وصول الوكالات الإنسانية أو منعها، أو نقلهم إلى أطراف غير حكومية مع فقدان آلاف الأشخاص وعدم احتسابهم في نظام الاحتجاز الرسمي”.

وطالب كوبيش، حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بالإسراع في وضع ضمانات المحاكمة العادلة لإنهاء ومنع الاحتجاز التعسفي من خلال إنشاء نظام مراجعة قضائية بقيادة وزارة العدل بما يتماشى مع التزاماتها الأخيرة بالتصدي للاحتجاز التعسفي، ومما يبعث على الارتياح نية إدراج المهاجرين واللاجئين في عمليات الإفراج من خلال إنشاء نظام مراجعة قضائي بقيادة وزارة العدل، وتسريع العودة الطوعية والآمنة للنازحين، مرحباً بالرد الإيجابي الصادر عن وزيرتي الشؤون الخارجية والعدل في ليبيا بخصوص هذا الأمر.

وأكمل كوبيش بأن “ثمة ضرورة ملحة الحصول على الدعم الفاعل من حكومة الوحدة الوطنية، لتسهيل الإجلاء الإنساني والعودة الطوعية وإعادة توطين المهاجرين واللاجئين من ليبيا، بقيادة المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في ضوء قيام السلطات الليبية مؤخراً بإلغاء وتأجيل عمليات المغادرة هذه”.

ورحب بالجهود المتجددة لمعالجة قضايا الهجرة واللاجئين متعددة الأوجه في ليبيا من خلال فريق العمل ثلاثي الأطراف الذي أعيد تفعيله بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، داعياً السلطات الليبية، ولا سيما المجلس الأعلى للقضاء، ووزارات العدل والداخلية والدفاع إلى إنهاء الاعتقالات والاحتجازات التعسفية في ليبيا، وإلى قيام الأطراف بالإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين تعسفيا وتحديد وإغلاق مرافق الاحتجاز غير القانونية كإجراء حيوي لتحقيق السلام المستدام.

ويرى أن وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد لا يزال يسمح بتحسين وصول المساعدات الإنسانية، على الرغم من استمرار بعض القيود البيروقراطية مع إدخال قيود جديدة، وتظهر تقييمات الأمم المتحدة الأخيرة على الأرض في سبع مناطق للعودة أن هناك حاجة إلى تحسينات كبيرة في فرص كسب العيش وإمكانية الحصول على التعليم والصحة والخدمات العامة الأخرى مثل الكهرباء والمياه لتسريع العودة الآمنة والطوعية والكريمة للنازحين المتبقين في ليبيا والبالغ عددهم 278,000 شخص.

وفيما يخص كوفيد-19، قال كوبيش إنه بلغ العدد الإجمالي للإصابات المبلغ عنها في ليبيا 181174 حالة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية حتى أوائل شهر مايو، ما يشكل انخفاضاً بنسبة 27 في المائة عن الأسابيع الماضية رغم أن عدد الإصابات أعلى بالتاكيد بسبب عدم كفاية مرافق الاختبار.

وأشار أنه يجري تنفيذ برنامج التطعيم الوطني من قبل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في البلديات في جميع أنحاء البلاد، حيث أبلغ المركز الوطني لمكافحة الأمراض أنه وبحلول منتصف مايو، تلقى حوالي 100000 شخص أول جرعة لقاح، وسجل 731000 شخص في البرنامج، وتواصل منظمة الصحة العالمية واليونيسف دعم الجهود الوطنية لمكافحة الوباء، بما في ذلك وصول الدفعة الثانية من 600 117 جرعة لقاح إلى ليبيا عن طريق مرفق كوفاكس في 19 مايو.

وعن الانتخابات القادمة وتحديات الفترة الحالية في ليبيا قال كوبيش: “يحدد مجلس الأمن في قراره 2570 أولوياتنا للفترة الحالية التي تسبق الانتخابات المقبلة، وقد استجبنا للمطلب الواسع من الليبيين لإنهاء ما يسمى بالفترات الانتقالية، والأمر متروك للسلطات والمؤسسات الليبية للاستفادة من الفرص المتاحة لتحقيق الوحدة والسيادة الوليدتين المستعادتين حديثاً من أجل مواصلة الانتقال السياسي نحو بلد موحد كامل السيادة في كنف السلام والاستقرار بمشاركة كاملة وفعالة وبناءة للمرأة والشباب”، مشيراً أنه يجب تعزيز التقدم والإنجازات الهامة التي تحققت في الأشهر العديدة الماضية، ويجب أن تستعيد العمليات زخمها، وعلى السلطات والمؤسسات الليبية أن ترقى إلى مستوى مسؤولياتها كاملة أمام الشعب الليبي.

وتابع: “إن الانخراط المستمر والجهود التي من شأنها أن تسمح للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية ببسط سلطتهما ومسؤولياتها بالكامل وبشكل فعلي في جميع أنحاء ليبيا ضرورية من أجل دفع عملية إعادة توحيد البلاد ومؤسساتها، والبدء في التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وإستكماله، وتهيئة الظروف الأمنية اللازمة لانتخابات 24 ديسمبر المقبل”.

واختتم أن تضافر وتنسيق الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لدعم العمليات التي تقودها ليبيا وتملك زمامها لا تزال غاية في الأهمية، قائلا: “علينا أن نواصل العمل مع السلطات والمؤسسات الليبية وتقديم دعم ملموس لها في جهودها الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وتوحيد مؤسسات الدولة والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وتهيئة الطريق لاجراء الانتخابات في 24 ديسمبر في كنف الحرية والنزاهة والأمن وقبول نتائجها بالروح نفسها، وهذا الأمر مهم للشعب الليبي وللمنطقة ككل.

———–

ليبيا برس