أبو زريبة: جهاز “الردع” يرتكب جرائم ضد المسجونين وعلى رئاسة البرلمان سحب شرعيته

استنكر عضو مجلس النواب، علي محمد أبو زريبة، ما يدور داخل أروقة جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وما يصدر عنه من انتهاكات وتجاوزات ترقى إلى جرائم جنائية، متمثلة في حجز لأشخاص وتعذيبهم.

وأضاف أبوزريبة، في بيان موجه لهيئة رئاسة مجلس النواب، نشره عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن “هؤلاء المحتجزين منهم من قضى نحبه، ومنهم من تسببوا له في إعاقات مستديمة، ومنهم من لا يُعلم عنه أي شي مجهول المصير”.

وأشار أنه “يتم سجن النساء في أماكن اعتقال ليست مخصصة لهم، بالإضافة إلى صعوبة وصول ذويهم للاطمئنان عنهم وعن أوضاعهم، وتعنتهم لإحالتهم لجهات الاختصاص لمباشرة التحقيق معهم”، لافتاً أن “أغلب هؤلاء المعتقلين بالرغم من صدور إفراجات من السلطة القضائية لهم، لا يزال تعنت جهاز الردع ورفضهم وعصيانهم للأوامر الصادرة، بحجة مكافحة الإرهاب وتناسوا أن الإرهاب هو ترهيب الناس وترويعهم، فحينما يتم خطف إنسان من وسط بيته وبدون إذن قضائي ومن غير إشراف القضاء فهو يسمى إرهاب”.

وتابع بقوله: إنه “لا مناص من القول إن هذا الجهاز استمد شرعيته بالقوة، وذلك بالضغط على الحكومة بإصدار قرار إنشائه، وهو مخالف للقانون حيث أنه الثابت أن اختصاصاته موكلة إلي جهات رسمية قائمة ومنشأة بموجب قانون، ناهيك عن وجود هذا المعتقل بمحيط أهم المرافق بالعاصمة وهو مطار معيتيقة الدولي غير مكترثين لحجم الخطورة التي قد تمس المعتقلين في هذا السجن نتيجة قربهم من المطار في حالة حدوث أي كارثة لا قدر الله فضلا عن ذلك لابد من أن تكون السجون في مواقع غير مأهولة بالسكان”.

واستطرد: “إذ تابعنا ببالغ القلق إزاء ما شاب هذا القرار من خروقات ومخالفات دستورية وقانونية وحقوقية، جراء منح القرار صلاحيات أمنية واسعة تتنافي وتتعارض مع صحيح الإجراءات القانونية والالتزامات الدستورية، فيما يتعلق بالمهام المنوطة بالأجهزة الأمنية الضبطية، وتحديد اختصاصها ومهامها وفقا لما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية، ووفقا للإعلان الدستوري المؤقت وأيضا كافة القوانين الوطنية المعمول بها والتي تضمنت بعدم السماح لجهة أمنية بمراقبة الاتصالات والرسائل الإلكترونية بدون إذن قضائي مسبق ولمدة محدده، وبما لا يد مجالا للشك نستشف تعارض هذا القرار مع الميثاق الأممي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بسلامة الإجراءات القانونية واحترام الخصوصيات وحرمت التنصت على المكالمات والرسائل الهاتفية والالكترونية”.

ويرى أبوزريبة أن “منح جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، بشكل مزدوج حق في أن تكون مؤسسة للإصلاح والتأهيل وصفة الضبط القضائي، ازدواجية في المهام وهو يتنافى مع القوانين الوطنية”، مشيرًا إلى أن محاربة الإرهاب لا تكون بالنصوص القانونية والإجراءات الأمنية فحسب، بل بمواجهة فكرية مبنية على أسس وقوانين تحمي الحريات العامة وتحرم الحقوق وتؤسس لعدالة بشراكة مجتمعية بالإضافة إلى احترام صحيح القانون والمبادئ الدستورية المحلية والمواثيق الدولية والأممية المعنية باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة.

كما أوضح أن تمرير قرار تشكيل جسم أمني يدعي محاربة الإرهاب وبصلاحيات واسعة وبتجاوزات أوسع، حق أصيل للسلطة القضائية يهدد الحريات العامة والخاصة على حد سواء، مؤكدًا أن محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة لا تتم عبر مصادرة الحريات، وإنما عبر إجراءات ضبطيه وقانونية سليمة ومتوازنة، وبما يضمن احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان وبين مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وذكر أنه تم إنشاء أول سجن في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما اشترى نافع بن الحارث دارًا للسجن في مكة، وتم وضع أول نظام للسجون في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكتب إلى أمراء البلدان تعميماً ويمكن تفصيله في القواعد التالية: “التفقد والنظر وسرعة البت في قضايا المسجونين ومن ثبت عليه حق منهم قيام الحد ولا يسجّن، من كانت قضيته مشكلة فعليه رفع الأمر إلى الخليفة لينهي قضيته، المحافظة على المجرمين والفساق لأنّ الحبس لهم نكالاً فلا يتمكنوا من الهروب، عدم التعسف والجُور في استعمال التأديب”.

بالإضافة إلى “العناية بصحة السجناء، بالتفقد المستمر لأحوال المرضى، وخاصة من لا حال له ولا قريب، تصنيف السجناء وفصلهم، عزل النساء عن الرجال، الاهتمام بموظفي السجن والتحري عن سلوكهم واشتراط الثقة والعدالة فيهم، إمدادهم بالطعام، معاملة السجين معاملة مستقيمة خيرة”.

ويرى أبوزريبة، أن السجن عقوبة لها فلسفتها وأهدافها، لأن إيقاع العقوبة على الجاني تحقق عدة نتائج أهمها “الوقاية والعبرة بزجر الآخرين من ارتكاب الجرم وإيقاع الألم بالمجرم كعقاب له، إصلاح المجرم أثناء تنفيذ العقوبة وتشجيعه على أن يجعل من نفسه إنساناً شريفاً يستطيع معاودة العيش الشريف في المجتمع الذي أساء إليه، بجانب الوظيفة الأخلاقية إذ أنّها بمثابة تدبـير تكفيري ترضي الحاجة إلى العدالة وتحل محل الانتقام الفردي الذي يؤدي إلى إطفاء جذوة الحقد والألم التي تتمثل في نفس المضرور من الجريمة من ابداء أي رد فعل”، متسائلاً بقوله: “السؤال هنا أين نحن من هذا ؟”

واختتم بمطالبة هيئة رئاسة مجلس النواب، الأخذ بالأسباب والاتجاه نحو الإصلاح والبناء وفق القوانين وذلك بمعالجة هذا الملف بسحب الشرعية من قوة الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وكذلك الايعاز على الحكومة بتصحيح وضعها اتجاه هذا الملف، وذلك بإحالة كافة المسجونين بجهاز الردع إلي مؤسسة الإصلاح والتأهيل التابعة لجهاز الشرطة القضائية وتحت شرعية الدولة.

———

ليبيا برس