صوان: تأجيل الانتخابات رهان على ‏الفوضى والعودة إلى زمن الحروب

اعتبر رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي للإخوان ‏المسلمين، ‏محمد صوان، أن تأجيل الانتخابات بمثابة رهان على ‏الفوضى والعودة إلى زمن الحروب، قائلا: “كل المتابعين للمشهد محليا ودوليا يدركون ‏أن أي تأخير في إجراء الانتخابات، قد يرجعنا لمربع الصراع ‏والحروب، ويجب ألا نسمح بذلك”.‏

وأشار صوان، في مقابلة مع موقع “عربي 21” القطري، إلى أن المجتمع الدولي لا يزال منقسمًا حول الملف الليبي، ‏الذي لا يحظى بالاهتمام الكافي من الأطراف الفاعلة، بما فيها ‏الإدارة الأمريكية، موضحا أن المزاج الدولي العام مؤيد للثورات ‏المضادة، ولا يقدم يد العون لمجتمعات العالم الثالث كي تنجح في ‏التحول إلى الديمقراطية، ولا يساعدونها في تجاوز العقبات، لأنهم ‏وجدوا أن هذا التحول لا يخدم مصالحهم.‏

ولفت إلى أن الهشاشة والسيولة والضعف والتمزق هو السائد على ‏المشهد السياسي الراهن، وعلى الأجسام الرسمية القائمة أيضا، ‏ومع ذلك ورغم كل الظروف الصعبة علينا أن نتمسك بفرصة إجراء ‏الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، ونغتنمها لتعزيز المسار السياسي ‏وبعث الحياة في العملية السياسية من جديد بالانتخابات البرلمانية ‏والرئاسية، وعلينا ألا نلتفت للمثبطين لأن استمرار الوضع كما هو ‏غير ممكن‎.‎

وعن موقف حزبه من الانتخابات، قال إن حزبه يؤيد بقوة إجراء ‏الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر، وأنه يرفض أي تأجيل أو تأخير ‏مهما كانت المبررات، وندعو وندفع باتجاه أن يتم انتخاب الرئيس ‏بالاقتراع المباشر من الشعب الليبي، وانتخاب البرلمان وفقا للقوائم ‏الحزبية، التي يجب أن تمثل أغلبية أعضاء البرلمان القادم، نظرا ‏للتجارب المريرة التي عاشتها ليبيا نتيجة تجارب انتخابات فردية ‏نتج عنها برلمان ممزق بين 200 عضو يمثل كل عضو منهم جهته ‏ومنطقته ومدينته وقبيلته‎.‎

ولفت إلى أن تجربة البرلمان الماضي كانت تجربة مريرة من العجز ‏الكامل لهذا الجسم، الذي أصيب بشلل بسبب خلوه من أي كتل ‏سياسية حقيقية مثل ما هو متعارف عليه في الأنظمة الديمقراطية، قائلاً: “نعتقد أن اختيار رئيس بالاقتراع المباشر من الشعب الليبي خطوة ‏مهمة جدا في إطار توحيد الدولة ومؤسساتها، ونحن نحتاج إلي ‏مظلة وغطاء شرعي يدعمه كل الليبيون، وهذا لن يتأتى إلا برئيس ‏منتخب مباشرة من الشعب”.

وتابع: “نأمل أن يساهم اختيار رئيس من قبل الشعب في إخراج ليبيا ‏من هذا التمزق وهذا الانقسام، وأظن أن هناك إجماع ليبي على هذا ‏المطلب، مع أن البعض يشترط وجود دستور لانتخاب رئيس ‏بشكل مباشر من الشعب ونحن نفضل ذلك، ولكننا نؤيد انتخاب ‏الرئيس مباشرة من الشعب في كل الأحوال، وعلينا أن لا نسمح ‏للأصوات التي تضع العراقيل في هذا الاتجاه وتريد أن تستمر ‏المراحل الانتقالية، يجب أن نعطي الشعب حرية اختيار رئيسه ‏بشكل مباشر‎”.

وأوضح بقوله إنه مع ذلك توجد بلا شك معوقات كثيرة نتجت عن ‏تواجد الحزب منفردًا كقوة سياسية وحيدة في الساحة في بعض ‏المراحل وتصدره في الأخرى، مراحل بين الحرب والسلم والانقسام ‏والوفاق، مراحل كانت بحاجة إلى قرارات صعبة وجريئة لم يتردد ‏الحزب في اتخاذها؛ فتعرض للكثير من التشويه نتيجة أخطاء ربما ‏يصح أن يتحمل مسؤولية بعضها، ولكن ألصق به زورا ما جرى في ‏كل المراحل السابقة، وهذا بالطبع يحتاج إلى مراجعات وبذل ‏جهود كبيرة لوضع استراتيجيات جديدة لكيفية خوض هذه ‏الانتخابات، ويحتاج إلى لقاءات واستشارات وورش عمل ‏واستطلاعات رأي عام بدأ في إجرائها الحزب وسيستمر‎.‎

أما عن تصريح الدبيبة بعودة بنغازي إلى “حضن الوطن”، فعلق ‏قائلا إن هناك تداخل في هذا التوصيف، فمدينة بنغازي لا يمثلها ‏المجرمون والمتورطون في دماء الليبيين، ولا يمثلها مَن اغتصبوا ‏أموال الناس، وانتهكوا الأعراض، وارتكبوا مخالفات جسيمة ‏لحقوق الإنسان، ومثل هؤلاء ليسوا حصرا في بنغازي أو مدينة ‏بعينها، وستطالهم العدالة سواء طال الزمان أم قصر‎.‎

وأشار إلى أن هناك كثيرون في بنغازي والمنطقة الشرقية عموما مَن ‏يرفضون حكم العسكر ويطمحون لدولة مدنية، وهناك كثيرون ‏حتى ممن نختلف معهم سياسيا يؤمنون بالديمقراطية ويصرون ‏على إجراء الانتخابات في موعدها يوم 24 ديسمبر 2021، وإذا ‏كانت العودة إلى حضن الوطن تعبيرا عن تخلص هؤلاء من سيطرة ‏حفتر وأتباعه فهذا أمر مفهوم ومطلوب، ونعتقد أن حدوثه ممكن ‏قريبا عن طريق إنجاح المسار السياسي والانتخابات‎..

وتطرق إلى أنه في حقيقة الأمر ربما توجد مدن أخرى في ليبيا أقل ‏سوءا في هذه الناحية، ولكنها ليست في أي وضع قريب من المثالية، ‏الوطن هو المكان الذي يجب أن يشعر فيه الناس بالأمان والانتماء، ‏ينتفعون من خيره ويمتلكون فيه المقومات الأساسية للحياة ولا ‏يعانون فيه الظلم والتهميش، وبحسب هذا المعنى فإن ليبيا ‏بالكامل للأسف لا تزال أمامها عقبات‎.‎

وقال إن العودة الحقيقة لحضن الوطن هي الوصول إلى الوضع، ‏الذي نتعايش فيه بأمن وسلام، ويمتلك فيه كل الليبيون حرية تقرير ‏المصير ومقومات العيش الكريم، ونحن نأمل أن يعود وطننا قريبا ‏ويتحقق أمل شعبنا في دولة ديمقراطية مزدهرة‎.