نورلاند: يكفي أن تنسحب القوات التركية من ليبيا جزئيًا لإجراء الانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر المقبل
أفاد المبعوث الأمريكي الخاص بليبيا، ريتشارد نورلاند، أن الانسحاب التدريجي للقوات الأجنبية الموجودة في ليبيا وفق اتفاق وفق إطلاق النار، يمكن أن يكون كافيًا لإجراء الانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر المقبل.
وأوضح نورلاند في مقابلة مع موقع “ميديا سكيب” التركي أنه يكفي أن تحقق القوات الأجنبية المتواجدة في ليبيا، بما في ذلك القوات التركية، انسحابًا جزئيا كخطوة لتعزيز وقف إطلاق النار تمهيدًا للانتخابات المرتقبة.
وأشار إلى أن تركيا شريك مهم في العملية السياسية المرتقبة في ليبيا، ملمحًا إلى أن تحسن العلاقات بين مصر وتركيا إيجابي للغاية، ويمكن أن يُعزز المكاسب السياسية في ليبيا، ويحافظ على الزخم الحالي للحل السياسي الذي هو في مصلحة مصر وتركيا أيضا وصولاً إلى الانتخابات المرتقبة في ديسمبر.
ولفت إلى أن تحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة يمكنه أن يساعد الليبيين على تشكيل جيشهم الموحد، ويساعد على رحيل القوات الأجنبية خارج البلاد، علاوة على أنه علامة جيدة على أن الحوار قد بدأ ونأمل أن يستمر ويحقق نتائج جيدة.
وأكد أن ربط انسحاب القوات الأجنبية بنجاح الانتخابات أمر غير صحيح، فهي ليست شرطًا مسبقا لإجراء انتخابات، وهناك من يستخدم هذا ذريعة لتأجيل الانتخابات، لكننا نعتقد أنه ليس من الضروري انتظار الانتخابات لفعل شيء تجاه القوى الأجنبية، فهذا ليس نهج أمريكا في المسألة، بل هذا هو نهج الليبيين، حيث يقول الليبيون بشكل متزايد إنهم يريدون كسر الرهائن في صراع القوى الإقليمية واستعادة سيادة بلادهم، ونعتقد أن بعض هذه القوات يمكن سحبها تدريجياً على أساس المعاملة بالمثل، ويمكن التحقق منها ميدانيا، ومن الممكن التقدم تدريجيًا في هذا الاتجاه، ولا أحد يتوهم أنهم سيخرجون جميعًا من البلاد مرة واحدة.
ولفت إلى أنه مع ذلك، فإن تقليص الوجود العسكري للأجانب في البلاد، سيسهم في الحفاظ على الاستقرار والعملية السياسية، وأود أن أؤكد بصدق أنه سيساعد الدول ذات الصلة التي لها وجود عسكري في هذا البلد على مراقبة مصالحها بطريقة طبيعية، مضيفا أنه في رأيه فكل من ليبيا والدول المتواجدة في ليبيا تتفهم بشكل متزايد أن حماية مصالحها، يكون من خلال العلاقات السياسية والاقتصادية هي أكثر فعالية من الأساليب العسكرية.
وتطرق بحديثه عن مرتزقة فاغنر الروسية، بقوله إنه لا يوجد من يصدق الإدعاء بأن تلك المرتزقة موجودة في البلاد، كقوات أمن خاصة، وهذه القوات هي فرع من فروع الحكومة الروسية، لكن النقطة التي يجب التأكيد عليها هي أن هذه عملية سياسية سريعة التطور، والعملية تتطلب الآن تقليص الوجود العسكري الأجنبي.
وأوضح أنه مرة أخرى، لا يتوقع أحد أن تغادر جميع القوى الأجنبية البلاد في يوم واحد بسرعة، حيث يمكن القيام به تدريجياً حسب الحاجة مع تقدم العملية، وفي المشاورات التي أجريتها في المنطقة، ورأيت أن هناك فرصة سانحة الآن لبدء ذلك، فالناس لا يريدون الانتظار حتى ما بعد الانتخابات، متسائلا “لماذا لا يتم طرد بعض هؤلاء المقاتلين من البلاد، كإجراء لبناء الثقة، في حالة وجود وضع مثل نقل قوات جديدة أو احتمال وقوع حادث بين القوات الموجودة المتمركزة ضد بعضها البعض في أي وقت؟، مؤكدا أنه من الممكن القيام بذلك.
وتحدث أيضا عن دور الولايات المتحدة في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، فقال إن حقيقة وجود داعش في درنة في مرحلة ما، حيث نشبت صراعات خطيرة في الماضي لإنهاء وجود الإرهابيين المتطرفين، ومن المؤسف جدا أن الظروف التي سمحت للجماعات الإرهابية بالعثور على أرضية في السنوات القليلة الماضية في ليبيا، ولكن في الوقت الحالي، تمكنا من القضاء على هذا التهديد من خلال التعاون مع شركائنا الليبيين.
وأضاف بقوله إنه لا يبدو أن الجماعات الإرهابية قادرة على مواصلة عملياتها في ليبيا في الوقت الحالي، مؤكدا أنه من أجل منع ظهور هذه الجماعات الإرهابية من جديد، من مصلحتنا أن يكون لدينا حكومة قوية مع قواتها الأمنية الخاصة، التي يمكن أن تضمن استقرار البلاد والسيطرة على المناطق والحدود التي تسيطر عليها.
وأشار إلى أن المقاتلين التشاديين، الذين أتيحت لهم الفرصة للتنظيم، من خلال الاستفادة من الفجوة في ليبيا، والتي يتلقى بعضها أيضًا دعمًا من الجماعات المسلحة في ليبيا، ثم يعودون إلى تشاد ويهاجمون القوات الحكومية ويقتلون رئيس تشاد، فمثل هذه الأحداث هي بالضبط ما يريد الليبيون ألا يحدث مرة أخرى أبدًا.
ولفت إلى أن تلك الأحداث لها تأثير كبير في توحيد البلاد، وتسريع الجهود لتوحيد الجماعات المسلحة تحت قيادة واحدة، مشيرا إلى أنه من الناحية الفنية، المجلس الرئاسي هو على رأس القوات المسلحة في ليبيا، ولكن تحتاج الجماعات المسلحة الموجودة في ليبيا إلى بذل المزيد من الجهد لتنسيق أنشطتها وضمان تشكيل الجيش الوطني في نهاية المطاف، موضحا أنه يعتقد بهذه الطريقة يمكن لليبيين أن يضمنوا عدم استخدام الجماعات الإرهابية لبلدهم كقاعدة مرة أخرى.
وعاد نورلاند، وأكد أنه لا يريد أن ينقل عنه القول إنه من المقبول عدم سحب أي قوات أجنبية في ليبيا، لأن الهدف الآن هو تقليل عدد القوات الأجنبية، وكلما تم القيام بالأمور في هذا الاتجاه، وزاد بناء الثقة الذي سيساهم في الاستقرار، لكن علينا أن نفهم أن هناك انعدام ثقة عميق بين الطرفين، ويعتقد أولئك الموجودون في الغرب أنهم إذا انسحبوا أولاً، فإن أولئك الموجودين في الشرق سيرغبون في الاستفادة منه، وأولئك الذين يعيشون في الشرق لديهم مخاوف مماثلة، لكننا نعتقد أنه يمكن بدء عملية الانسحاب التدريجي هذه، لا ينبغي انتظار الانتخابات لهذا، لكننا نعترف أيضًا بأن هذه العملية لا يمكن أن تكتمل حتى ديسمبر.
وأكد أنه يعتقد أن الشيء المهم هو الرؤية المستقبلية، التي رسمها الليبيون لأنفسهم، كما هو الحال مع انسحاب القوى الأجنبية، فإن الواقع سيحدد ما يريده الليبيون، وكيف يدعمهم المجتمع الدولي في هذه التطلعات، مشيرا إلى أنه من الناحية الاقتصادية، إذا تحدثنا عن مستقبل ليبيا، فهم في وضع محظوظ، لأن ليبيا لديها موارد، ولديها أموال في البنوك، وأصول مجمدة سيتم استخدامها بعد المصالحة السياسية، وتتمتع بموقع جغرافي مهم للغاية من حيث الوصول إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا تقتصر مواردهم على النفط والغاز، وهناك مصدر مائي هائل تحت الصحراء، ولديها مخزون كبير من الذهب.
وأوضح أنه من الممكن التحدث عن ليبيا، التي يمكنها أن تلعب دورًا نشطًا في جنوب البحر الأبيض المتوسط، فهي جسر بين جيرانها من الشرق والغرب والشمال والجنوب، كما أن الليبيين أنفسهم على استعداد للعب دور بناء في المنطقة، ويريدون إقامة علاقات جيدة مع جيرانهم تونس ومصر وتشاد والنيجر، وإنهم يريدون إنهاء الحرب والصراعات وانقطاع التيار الكهربائي لمدة 24 ساعة والسيطرة على وباء فيروس كورونا، ولقد سئموا الانتظار في طوابير أمام البنوك أو محطات الوقود.
وأتم بقوله من حيث رؤية الليبيين، فإن الخطوة الأولى هي عودة الحياة إلى طبيعتها، والبدء في عيش حياة طبيعية، وبعد ذلك، ليس لدي شك في أنهم سيلعبون دورًا مهمًا للغاية في المنطقة، بما لديهم من موارد، مع الاستقرار الذي سيشجع الليبيين خارج البلاد على العودة، وهذا هو هدفهم ونريد أن ندعم هذه الرؤية، ولهذا السبب بالضبط تحاول دبلوماسيتنا أن تجمع كل من تركيا ومصر مع هذه الرؤية، وما يشجعني هو أن الجميع بدأوا يتجهون نحو هذه الرؤية. لأن الجميع بدأ يدرك أن مثل هذه ليبيا التي نتحدث عنها أفضل من حيث مصالحهم.
——
ليبيا برس