السفير البريطاني: الانتخابات القادمة ستمنح الحكومة سلطة توحيد المؤسسات العسكرية في ليبيا

أكد سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، نيكولاس هوبتون، على وجوب مغادرة المرتزقة الأجانب الأراضي الليبية، وأنه لا ينبغي للشعب الليبي تحمل الوجود العسكري الأجنبي ضد إرادته، مشيراُ إلى قرار مجلس الأمن الأخير الذي ينص على انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من أجل السماح للشعب الليبي باستعادة سيادته بالكامل.

وقال هوبتون، في حواره مع “جريدة الوسط”، أن “هناك إجماع متزايد على أنه لا حل عسكريا في ليبيا، لكن لا يمكن تجاهل هذا الخطر”، لافتاُ أن تنفيذ وقف إطلاق النار لن يكون بالكامل طريقا مستقيما وسهلا، والمهم الاستمرار في التحرك في هذا الاتجاه.

واوضح أنه “يمكن أن تساعد الانتخابات في توضيح ذلك، حيث ستتمتع الحكومة الجديدة المنتخبة ديمقراطيا بالسلطة والشرعية من الشعب الليبي لتنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، وتوحيد المؤسسات العسكرية في البلاد، وضمان إزالة هؤلاء المرتزقة”، مبيناً ان دعم المملكة المتحدة للعملية السياسية هو لمساعدة ليبيا على استعادة سيادتها، وفي الوقت نفسه، للعمل على التواصل الدبلوماسي مع جميع الأطراف، بما في ذلك في الأمم المتحدة، لتشجيع انسحاب متبادل للقوات الأجنبية على عدة مراحل.

وأضاف أن بلاده تعمل من خلال مجلس الأمن على تسهيل نشر مراقبي وقف إطلاق النار، الذين سيعملون مع آلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبية، وأنهم مستعدون وراغبون في معاقبة الذين يحاولون تعطيل العملية أو ارتكبوا جرائم حرب.

وتابع: “كنت فخورا بأن المملكة المتحدة فرضت مؤخرا عقوبات على ميليشيا الكيانات وقادتها، ردا على الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها في ترهونة، وعلى المدى الطويل، سيكون حجر الأساس لأمن ليبيا هو إطار سياسي تمثيلي مستقر ندعمه من خلال العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة”.

وأشار هوبتون، أنه على المدى القصير، يقوم المجتمع الدولي بالكثير لمساعدة الأطراف الليبية في تنفيذ وقف إطلاق النار، قائلاً: “نحن كعضو مشارك لإدارة مجموعة العمل الأمنية، أخذت المملكة المتحدة زمام المبادرة في التنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، وهي طريقة مهمة حقا لضمان توافق الجهود الليبية والدولية”.

وفيما يتعلق بالانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر المقبل، أكد السفير البريطاني أن الضمان الأكثر فعالية وأهمية في هذا الشأن، هو إرادة الشعب الليبي، قائلا: إن المملكة المتحدة كان لها دور رئيسي في صياغة قرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2570، الذي يؤكد ضرورة إجراء انتخابات آمنة وشاملة وذات مصداقية في هذا الموعد.

وتابع: “يجب أن نتذكر أن الشعب الليبي قد عبر عن رغبته وترحيبه بالاتفاق على إجراء هذه الانتخابات، ونعتقد أنه يجب احترام ذلك من قبل حكومة الوحدة الموقتة، حيث أشاروا إلى أنهم سيفعلون ذلك”، مشيراً أن “خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي، قد نصت على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ولكن للمفوضية العليا للانتخابات دورا أساسيا في تحديد التسلسل المنطقي لهذه الانتخابات من الناحية اللوجستية”.

وذكر أن “هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل إجراء الانتخابات في ديسمبر من هذا العام، وهناك بالطبع جانب سياسي لهذا العمل، مثل الاتفاق على أساس دستوري للانتخابات، مع موافقة جميع الأطراف على الشروط، لكن هناك أيضا عنصرا فنيا رئيسيا، فيجب أن تكون المؤسسات المكلفة بإجراء تلك الاستعدادات الفنية قادرة على القيام بعملها بدون مناورة سياسية، إذا أردنا أن نرى تلك الانتخابات تحدث”.

وأكد هوبتون أن البيان الصادر عن سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا في 7 مايو المنصرم لم يكن بمثابة أي نوع من التدخل، لكن بدلا من ذلك، كان الغرض من هذا البيان، التأكيد على أن هذه المؤسسات بحاجة إلى بعض الاستقرار لتتمكن من أداء وظائفها بشكل جيد.

وعبر عن اهتمام بلاده بالشراكة الاقتصادية مع ليبيا، مؤكدا أنها تصب في مصلحة كلا البلدين، لكنه أشار إلى أنه لا تزال هناك بعض العقبات التي تحول دون إعادة الشركات البريطانية إلى ليبيا، وأن حكومته تعمل لمعالجتها عن كثب مع حكومة الوحدة المؤقتة.

وأضاف أنه “تمكن مؤخرا من الإجتماع في طرابلس مع مجموعة من رجال الأعمال الليبيين والبريطانيين لمناقشة هذه القضية، وهو أمر مشجع للغاية نظرا لأوضاع البلاد قبل عام واحد فقط”، مؤكدا أنه “إذا استمرت ليبيا في السير على طريق الاستقرار، فسوف نرى المزيد من الشركات البريطانية التي تتطلع إلى القيام بالعمل في ليبيا، بما في ذلك في قطاعات الرعاية الصحية والبنية التحتية والطاقة والتعليم”.

وحول نشاط السفارة البريطانية في ليبيا، أوضح السفير هوبتون، أنه لم تغلق السفارة البريطانية، ولا المجلس الثقافي البريطاني بشكل فعلي وكان هناك تواجد دبلوماسي دائم في ليبيا منذ ديسمبر 2020م، معقبا: “لدينا طموح واضح لتوسيع خدمات التأشيرات في ليبيا، ليس فقط في طرابلس، بل في بنغازي أيضا، لكن هذه الأشياء تستغرق وقتا”.

وأضاف أن هناك أيضا اهتماما كبيرا بخدمات المجلس الثقافي البريطاني، بما في ذلك اختبارات مستوى اللغة الإنجليزية “الأيلتس”، وإمكانية تقديمها خارج مدينة طرابلس، لكن لا يمكننا التسرع في اتخاذ مثل هذه القرارات.

وعن خطر العودة إلى الخيار المسلح في المشهد الليبي، قال: “أعتقد أنه إذا نظرنا إلى الوراء على الوضع قبل عام، فقد حققت ليبيا تقدما ملحوظا، لا سيما عندما ننظر في التحديات الإضافية التي فرضها انتشار وباء فيروس كورونا”، مؤكدا أن هناك إجماع متزايد على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في ليبيا.

وأضاف أنه “لا يمكن تجاهل المخاطر، فلا تزال هناك مجموعة متنوعة من التحديات التي تحتاج التطرق إليها، لضمان الاستقرار والازدهار الذي يستحقه الشعب الليبي، وبالطبع، جزء مهم من تلك العملية هو الانتخابات هذا العام، لكن العملية ستستمر لما بعد ديسمبر”.

واختتم بالتأكيد على أن “قرار مجلس الأمن الدولي الأخير منح الأمم المتحدة أساسا لدعم آلية مراقبة وقف إطلاق النار المملوكة لليبيين، بحيث في حالة حدوث أي انتهاكات، يمكن للأمم المتحدة الوصول إلى معلومات محايدة ودعم الأطراف لمعالجة الانتهاك من خلال البروتوكول المتفق عليه، وتجنب تصعيد الصراع، ولن يكون تنفيذ وقف إطلاق النار بالكامل طريقا مستقيما وسهلا، لكن من المهم للغاية أن نستمر في التحرك في هذا الاتجاه”.

———–

ليبيا برس