اللافي: الاستحقاق الانتخابي على رأس أولويات الحكومة والتحديات التي تواجهها تأتي في مرحلة عانت فيها ليبيا من الانقسام

أكد وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، وليد عمار اللافي، إن الاستحقاق الانتخابي يأتي على رأس أولويات الحكومة، لافتاً أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، شدد خلال جميع لقاءاته الداخلية والخارجية على الدعم الكامل للمفوضية، وتوفير كامل احتياجاتها المالية والفنية وعدم التأخر في تسهيل عملها.

وأضاف في حواره مع وكالة “سبوتنيك”، أن الحكومة عملت على وضع خطة تواصل، لتهيئة البلاد لإجراء الاستحقاق للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المزمع عقدها في 24 ديسمبر القادم، مشيراً أن الخطة تشتمل على برامج لتوسيع دائرة المشاركة السياسية للنشطاء والسياسيين والنخب والمدونين، من خلال التواصل المباشر والاستماع لملاحظاتهم ومطالبهم لإنجاز الانتخابات في موعدها وتهيئة الظروف لذلك.

كما قال: “نعمل على إطلاق عدد من الأنشطة والفعاليات التي تسهم في توسيع دائرة مشاركة الشباب والمرأة بالانتخابات القادمة، ونشر التوعية بأهمية المشاركة بها والالتزام بسلمية العملية السياسية والانتخابية، وهذا العمل يأتي متوافقاً مع دعوات مجلس الأمن والبعثة الأممية لدى ليبيا بأن تعمل الحكومة على ضمان مشاركة واسعة للمرأة والشباب ضمن الاستحقاق القادم”.

وأشار أن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة تعمل على إطلاق إصلاحات واسعة في قطاع الإعلام والصحافة بليبيا، بما يعزز من دورهما في تثبيت الاستقرار والتفاعل الإيجابي مع الملفات الأساسية لهذه المرحلة وهي المصالحة الوطنية وإنجاز الانتخابات في موعدها.

وفيما يخص الزيارات الخارجية لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لإقناع الدول بدعم السلطة الجديدة دون التدخل بشكل أو بأخر لدعم بعض الأطراف في ليبيا خارج المسار الدبلوماسي المتعارف عليه دوليا، أوضح اللافي، أن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة جاءت تعبيراً عن رغبة الليبيين أولاً في إنهاء الإنقسام السياسي ووقف الحروب.

وتابع: “أن الدور الفاعل للبعثة الأممية في ليبيا والتي رعت الاتفاق السياسي، لاقى دعماً واضحاً من مجلس الأمن الدولي وأعضائه الفاعلين ومن ضمنهم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كما توافقت الدول الإقليمية وجيران ليبيا على أهمية استقرار ليبيا وبالتالي فإن حكومة الوحدة الوطنية هي التعبير الأوضح على التوافقات الداخلية والخارجية من أجل استقرار البلاد وتوحيد السلطات فيها والذهاب للانتخابات التي تناقض فكرة الوصول للسلطة بالقوة العسكرية”.

وأضاف أن الزيارات الخارجية أولويتها تثبيت الاستقرار في ليبيا حتى تتمكن ليبيا من تدوير عجلة التنمية التي نؤمن في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة أنها المدخل للسلام وضمان حقوق جميع مكوناتها.

ولفت أن الحكومة تلتزم باقناع الليبيين أولاً بأن السلام هو طريق التنمية، مؤكدا أن هذا المسار قطعنا شوطاً كبير فيه، وهو بحاجة لدعم المنظومة الدولية التي أدركت أن الحل العسكري في ليبيا لن يحقق مصالح أي طرف فيها.

واستطرد: “يمكن القول أن زيارات رئيس مجلس الوزراء كانت كلها تصب في مصلحة الليبيين والمصالح المشتركة مع شركاء وجيران ليبيا الذين يمكنهم المشاركة في إعادة استقرار ليبيا ومشاركتها بالتالي في استقرار المنطقة التي يمثل استقرارها مصلحة للأمن القومي للكثير من جيران ليبيا وكذلك أمن أوروبا، كما أن المنظومة الدولية أصبحت أكثر وضوحاً في دعمها للمجلس الرئاسي ولحكومة الوحدة الوطنية واعتبار هذه السلطة هي الممثل الوحيد لليبيا”.

وعن التحديات التى تواجهها الحكومة المؤقتة وعلى رأسها جائحة كورونا، يرى الوزير أن كل هذه التحديات تأتي في مرحلة عانت فيها ليبيا من الإنقسام السياسي، وعدم القدرة على استجلاب لقاحات كورونا في وقت مبكر.

وذكر أن برنامج الدبيبة أثناء تقديمه لترشيحه لرئاسة الحكومة تضمن تعهده بأن تكون أولوية الحكومة توفير اللقاح وتأمين كافة الاحتياجات اللازمة لإنقاذ المصابين، فعملت الحكومة مباشرة على إعادة تشكيل اللجان التي شكلتها الحكومتين السابقتين وعملت على توحيدها، في إطار الحد من أي شبهات فساد وكذلك من أجل تفعيل عملها على المستوى المطلوب، خاصة بعد عجز اللجان التي تم حلها عن تحقيق أي نتائج ملموسة سواء على مستوى تقديم العناية اللازمة للمصابين بالمرض أو تقديم اللقاحات للمواطنين.

وبين أن بعد استلام الحكومة لمهامها باشرت باستلام اللقاحات التي وصلتها من تركيا والإمارات وروسيا وبريطانيا، وتمكنت الحكومة من التعامل المباشر والمنظم مع مبادرة ” كوفاكس” التي ترعاها الأمم المتحدة لتوفير اللقاحات، والآن اللقاحات تصل تباعاً لليبيا وتقدم للفئات الأكثر حاجة لها ولباقي المواطنين وفق عملية سلسلة وبمتابعة مباشرة من رئيس الحكومة.

وأما بالنسبة لملف الميزانية، قال اللافي أنها “تخضع لمناقشة مجلس النواب، وتجاوبت معهم الحكومة من خلال تعديلها وفقا للملاحظات الفنية الواردة من المجلس حول قيمتها وبنودها”.

وأضاف أن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة الآن تعمل من خلال ترتيبات مالية خاصة مع مصرف ليبيا المركزي وتبذل كل الجهود حتى لا يؤثر تأخير اعتماد الميزانية وتحويل اعتمادها لقضية سياسية على الرغم من أنها مسألة فنية، ولا يجب أن تقحم في ملف التجاذبات السياسية.

ورداً على التساؤل حول تمكن الحكومة من إعداد خطة للدعم اللوجيستي للمفوضية العليا للانتخابات خاصة في الدعم الأمني والمالي، أكد ان الاستحقاق الانتخابي يأتي على رأس أولويات حكومة الوحدة الوطنية، وهناك تواصل مستمر مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وجميع الالتزامات الخاصة بالحكومة تجاه المفوضية ملتزمين بها، لافتاُ أن الدعم اللوجستي للانتخابات، وتغطية الجوانب الأمنية، كلها برامج أساسية ضمن عمل الحكومة والوزارات ذات العلاقة.

وطالب جميع المؤسسات التشريعية الأخرى وكافة المكونات السياسية في ليبيا إلى الالتزام بالمدد الزمنية الداعمة لمهام المفوضية في تحقيق الانتخابات على مستوى التشريعات والقوانين، وكذلك التهيئة السياسية لهذه العملية.

كما أكد أن وزارة الداخلية تستكمل جهود توحيد المؤسسات الأمنية والشرطية التابعة لها، بما يضمن حماية وتأمين مراكز الاقتراع في كل مناطق ليبيا، وربط هذه العمليات بمركز مراقبة ومتابعة موحد، ويبقى العامل الأمني حاسماً في تحقيق الانتخابات في موعدها، مردفاً بقوله: “ثقتنا كبيرة في إرادة الليبيين على تحقيق هذا الأمر والتعاون مع خطط حكومة الوحدة الوطنية لتأمين الانتخابات”.

ورأى أن هناك الكثير من الإجراءات والخطوات التي تحقق المصالحة الوطنية؛ أبرزها وجود الإرادة السياسية والوطنية لدى جميع أطراف الأزمة، مبينا أن الحكومة تتمسك بهذه الإرادة لتسهم في إنجاز الملف الذي يعمل المجلس الرئاسي الآن على تحقيق أكبر تمثيل للفاعلين بالمجتمع الليبي داخل مفوضية المصالحة الوطنية.

واستطرد بأن التحديات التي تواجهها السلطة في عملية جبر الضرر وتحقيق العدالة، يجب أن تكون مدعومة شعبيا، قائلا: “قد لا تنجز السلطة الحالية ملف المصالحة الوطنية بالكامل، ولكنها تؤسس قواعد صلبة تعمل من خلالها السلطة المنتخبة القادمة على الذهاب بليبيا إلى السلام الشامل بين الليبيين”.

وحول تأثير الخطاب الإعلامي على عمل الحكومة والرئاسي، قال إن الحكومة تدرك أن للإعلام دور أساسي في تهدئة الأوضاع، ولذلك أطلقت اصلاحاتها المتعلقة في جزء منها بضبط الخطاب الإعلامي وفقاً للقواعد المهنية المعمول بها، مضيفا أن الأداء الإعلامي في ليبيا الممثل لجميع الإطراف يتأثر بالحالة السياسية ووجود اشتباكات من عدمها، كما يرتبط بمستوى ثقة جميع الأطراف في بعضها.

واعتبر أن التحريض الإعلامي هو نتيجة لحالة الانقسام والحروب، متابعا: “كلما ابتعدنا عن الحروب والممارسات العدوانية للأطراف المختلفة ضد معارضيها، كلما خفت حدة التحريض الإعلامي، وليس من الدقة أن يكون الإعلام المحلي هو المسبب الوحيد للأزمة الليبية ولكنه أحد توابعها ونتائجها”.

وواصل بأن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن لها أن تكون عاملاً مؤثراً في إنجاح هذه المرحلة من خلال دعم مسارات المصالحة الوطنية والانتخابات، وإحداث نوع من الإجماع والتأييد الوطني لجهود توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، قائلا: “عندما تتوفر الإرادة الحقيقية لإرساء المصالحة بين الليبيين لن تتمكن وسائل الإعلام من إفساد هذه العملية، فحسم الملفات المسببة للأزمة الليبية يلغي أي تأثير لمحاولات التشتيت لمساعي المصالحة الوطنية”.

وحول خطط الحكومة من خلال وزارة الدفاع ورئاسة الأركان والأجهزة الأمنية بالبلاد في عملية لملمة الأسلحة المنتشرة في البلاد، أفاد بأن المرحلة الحالية تعمل السلطة المؤقتة على إعادة توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية بالبلاد، وتقدم كامل الدعم المطلوب منها للجنة العسكرية 5+5 من أجل توحيد المؤسسة العسكرية، التي ستضمن احتكار الدولة للسلاح، وبالتالي يصبح من غير القانوني وجود تشكيلات مسلحة مناوئة لسلطة الدولة.

وبالنسبة للسلاح الشخصي والمعدات العسكرية، أوضح أن وزارتي الداخلية والدفاع تعملان على دعوة المواطنين لتسليم هذه القطع والتي سيكون هناك خطط أكثر تفصيلاً تعرضها الحكومة بالتوازي مع نجاح اللجنة العسكرية 5+5 في مسار توحيد المؤسسة العسكرية، معتبرا أن عملية جمع السلاح مرتبطة بإيجاد بدائل مناسبة للمسلحين وتقديم نموذج متكامل لسلطة موحدة مدنية تحمي حقوق المواطنين وتحمي ليبيا كبلد موحد خارج من إتون حروب استمرت لسنوات.

وحول دور الرئيس الجزائري في رعاية مؤتمر المصالحة الوطنية بليبيا، ذكر أن الجزائر دولة جارة وحريصة على استقرار ليبيا، وخلال السنوات الماضية كانت دائماً داعمة لجهود السلام في البلاد، مضيفا أن لديها تجربة مصالحة وطنية مثمرة بعد المعاناة التي عانها الجزائريين في عقد التسعينات من القرن الماضي وما عرفت “بالعشرية السوداء”.

وتابع أن تجربة الوئام المدني والمصالحة الوطنية في الجزائر حققت الاستقرار في البلاد، وبالتالي فإنها قادرة على تقديم نموذج مميز لليبيا، مختتما بقوله: “إرادة الليبيين هي الأساسية لتحقيق المصالحة الوطنية، ثم دور الحكومة الموحدة القوية صاحبة الدعم الشعبي اللامحدود، ثم يأتي دور الأشقاء والأصدقاء في استكمال جهود الأطراف الليبية من أجل السلام وتنمية ليبيا”.

———–

ليبيا برس