كاتب إيطالي: بدعم روما ستكون ليبيا الميناء الذي يمكن للأمريكيين نقل سلطتهم منه
أكد الكاتب والمحلل السياسي الإيطالي، إيمانويل روسي، إن ليبيا جاءت على رأس أجندة حوار رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراجي، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، معتبرًا أن ليبيا هي نقطة اتصال بين إيطاليا والولايات المتحدة للدفاع عمليًا عن القيم والأهداف المشتركة، وضمان الاستقرار الإقليمي.
وأوضح روسي في مقال نشرته مجلة “فورميكي” الإيطالية إنه ليس هناك من شك في أن الملف الليبي كان على رأس الأجندة بين إيطاليا والولايات المتحدة، خاصة الوضع الحالي في البحر الأبيض المتوسط، وذلك خلال لقائهما على هامش قمة مجموعة السبع الكبار في كورنوال جنوب غربي بريطانيا.
وفسر بقوله إن ليبيا تعتبر أحد أهم القضايا المطروحة على طاولة المباحثات بين البلدين، لأن ليبيا تعيش وضعًا حساسًا، بعدما أدى وقف إطلاق النار، والعملية التي تقودها الأمم المتحدة إلى تشكيل حكومة وحدة مؤقتة مهمتها تحقيق الاستقرار في البلاد تجاه الانتخابات الأساسية والحساسة في ديسمبر، والتي تمثل قضية سياسية دولية واسعة النطاق.
ولفت إلى أن سر أهمية الملف الليبي يكمن في التطورات الجارية في البحر الأبيض المتوسط، وأنه حتى قبل بضعة أشهر، كان الحوض مسرحًا للاشتباكات بين القوى الإقليمية المتمثلة في تركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر، في حين أنه بفضل تأثير بايدن، تم إطلاق عملية حوار تهدف إلى تحقيق انفراج عام.
وأشار إلى أن كل ذلك يرضي رغبات البيت الأبيض، ولكنه يحتاج أيضًا إلى التعافي بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، الذي يستثمر فيه دراجي مسؤوليات وآمال تلك المنطقة من العالم والتي تجد بعدها البحري في البحر الأبيض المتوسط.
واعتبر أن ليبيا تعد بمثابة اختبار، حيث بدأت العملية الإقليمية في الواقع بفضل وقف إطلاق النار الليبي، وهو السياق الأول الذي كانت فيه تركيا ومصر، في حالة حرب على الجبهتين الليبيتين، في صدام في شرق البحر الأبيض المتوسط الحساس للغاية، وذلك في احتكاك أيديولوجي وثقافي عميق.
وأوضح أن إيطاليا لديها مهمة تتمثل في حماية المسار السياسي الليبي، الذي بدأته حكومة طرابلس التي ولدت بعد توقف إطلاق النار، مع دور اعترفت به الولايات المتحدة كقائد عالمي، فمن يفهم أهمية العملية من خلال تأطيرها ضمن الديناميكيات الإقليمية، يدرك أن الهدوء المعمم يمكن أن يكون ذا قيمة للاحتياجات الاستراتيجية، أي التركيز على الجبهة المعادية للصين.
وأشار إلى أن واشنطن قامت مؤخرًا بإضفاء الطابع الرسمي على زيادة الاهتمام بما يحدث في ليبيا وشمال إفريقيا والساحل، حيث لم يعد الاهتمام مرتبطًا فقط بالحاجة إلى قمع المنظمات الجهادية التي تجد ملاذًا في تلك المناطق، حيث القوانين فضفاضة والحدود غير مترابطة، التي تختبئ في الصحاري، والآن يبدو أن واشنطن، التي عينت مؤخرًا مبعوثًا خاصًا لليبيا، ونقلت مسؤولًا كبيرًا في وزارة الخارجية لزيارة طرابلس بعد سنوات، مهتمة بالتطورات الجيوسياسية، وهي تدعم الحكومة الليبية لأنها تعتبرها قوة دافعة للاستقرار الإقليمي.
وقال روسي إن الأمر لا يتعلق ببايدن فقط، بل هو نضج المشاعر التي سادت منذ فترة طويلة بعض الأجهزة الأمريكية، مثل البنتاجون، من خلال مشاركته النشطة مع قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، الموجودة على الأرض في كل من المهام العملياتية لمكافحة الإرهاب، وكأشكال من الاتصالات الدبلوماسية العسكرية، بحيث يكون الجيش الأمريكي واضحًا تمامًا بشأن السياق.
وأردف بقوله أن الاستقرار الليبي يتزامن مع استقرار المنطقة، واستقرار المنطقة مسألة أمن وطني لأوروبا، وبالتالي بالنسبة للحلفاء، ويمكن النظر كم تعاني بروكسل من ارتداد أزمات الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، فاستقرار الحلفاء ضروري للمنافسة بشكل كاف، ضد اختراق ومصالح الخصوم مثل روسيا والصين، وكذلك في إطار المنافسة التكنولوجية التي هي أساس التنمية الثقافية.
وأكد أن دراجي واضح في هذه الآلية مثل بايدن، حيث يعتبر الحوار الأمريكي-الإيطالي عنصرًا للاستقرار، إذا اعتبرنا أنه داخل البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت هناك مؤخرًا تحركات عدوانية من قبل تركيا ضد اليونان، وخلافات مريرة بين أنقرة وباريس، وأزمات جغرافية ثقافية بين الأتراك والملكيات العربية في الخليج، وجميعهم وجدوا منفذاً في ليبيا.
وأتم بقوله أن القضايا التي لطالما لعبت إيطاليا فيها دورًا ثالثًا مريحًا وحواريًا، تحظى بتقدير كبير من واشنطن، وإذا أعادت ليبيا استئناف المسار الذي يسود فيه الحوار الدبلوماسي على التهديد العسكري، وأحيانًا استخدام الأسلحة، فعندئذ يمكن أن تكون إيطاليا فقط محورها، وهو الميناء الذي يمكن للأمريكيين نقل سلطتهم منه.
——–
ليبيا برس