طالب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نظيره الأمريكي، جو بايدن، بمساعدتهم في وضع خطة لإخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا، بعدما تأثر البلد كثيرا بالحرب الأهلية طوال السنوات الماضية.
وكشفت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية تفاصيل الخطة التي عرض أبعادها ماكرون على بايدن، والتي تتضمن جدولاً زمنيًا مدته 6 أشهر، تقترح أولاً سحب المرتزقة السوريين المدعومين من تركيا، يليها المرتزقة المدعومون من روسيا وأخيرًا القوات التركية النظامية.
ولفتت إلى أنه تم تداول مقترح الخطة المكونة من صفحتين، لعدة أسابيع بين المسؤولين الدبلوماسيين في الدول المعنية، وفقًا لمسئولين مطلعين على المحادثات، وطرح ماكرون تفاصيل الخطة مباشرة خلال الأيام الأخيرة على نظرائه في الولايات المتحدة وتركيا.
وناقش ماكرون أيضًا تفاصيل الخطة مع بايدن يوم السبت في اجتماع مجموعة الدول السبع الكبرى في إنجلترا، قبل أن يطرحها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الاثنين في قمة الناتو في بروكسل.
وتستهدف الخطة زيادة الاستقرار في ليبيا التي تقع على الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي خلق تحديات الهجرة ومخاطر الإرهاب في أوروبا، حيث يسعى اللاعبون الرئيسيون ترسيخ وقف إطلاق النار في الحرب الأهلية الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي بين حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، وخليفة حفتر ، الجنرال الذي يسيطر على مناطق في شرق ليبيا.
ويسعى ماكرون من خلال تلك الخطة، للاستفادة من ثقل أمريكا، واستخدامها كوسيلة ضغط على تركيا وروسيا، من أجل سحب القوات التابعة لهما من ليبيا، وهو ما وصفه التقرير بأنه تحول تكتيكي بالنسبة لماكرون، حيث يتبنى نهجا أكثر جماعية يمكن أن ينتهي به الأمر إلى تقديم بايدن على أنه الشخصية صاحبة الخطة، ويحصل من خلالها على الإشادة الدولية.
وبموجب خطة ماكرون، ستسحب تركيا أولاً المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم إلى ليبيا في عام 2020، عندما طلبت حكومة الوفاق المنتهية ولايتها المساعدة في صد حصار من قوات حفتر، وترجح الخطة أن تتم هذه الخطوة في 1 يوليو المقبل.
وستشهد المرحلة الثانية سحب روسيا لعناصرها الخاصة من مجموعة فاغنر ثم سحب تركيا جنودها النظاميين، وقد تجري تلك الخطوة، المقترحة في شهر سبتمبر.
ويشير التقرير إلى أن الخطوة الأكثر صعوبة، هي إقناع تركيا بسحب قواتها النظامية، حيث ترى أن قواتها موجودة بصفة رسمية ودعوة من حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، فيما تتواجد مرتزقة فاجنر بصورة غير رسمية أو شرعية.
وتقترح المرحلة الثالثة إعادة توحيد قوات الأمن الليبية المنقسمة، بين أولئك الذين دافعوا عن حكومة الوفاق المنتهية ولايتها وأولئك الذين يقاتلون من أجل حفتر، حيث ظاهريًا، ستجعل هذه الخطوة قوات حفتر هي المهيمنة، وهي خطوة في الحقيقة صعب إقناع من يدعمون طرابلس بها، حيث سيعتبرونها مكافأة لحصار حفتر الفاشل على طرابلس، وتهدد بتعزيز التصور القائل بأن فرنسا قريبة جدًا من حفتر، الذي كان الشريك المفضل للبلاد في قتالها ضد تنظيم “داعش” والجماعات الجهادية في المنطقة.
ولم تعلن إدارة بايدن حتى الآن، إذا ما كانت تدعم الخطة الفرنسية أم لا، ولم تشر أيضا إذا ما كان الرئيس الأمريكي سيناقش الخطة مع أردوغان أو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكن المسؤولين الأمريكيين أقروا بأنهم يعملون على تأمين انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول كبير في إدارة بايدن: ”نتشاور مع مجموعة من الشركاء الليبيين والدوليين، للحث على الاحترام الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الليبي، ودعوته إلى رحيل العناصر الأجنبية”.
وقال مسؤولو بايدن إن الرئيس الأمريكي ناقش الوضع في ليبيا بشكل عام مع أردوغان، وستستمر المناقشات خلال اجتماع أطول من المتوقع في قمة الناتو يوم الاثنين، ومن المتوقع أن تكون ليبيا على جدول أعمال لقاء بايدن مع بوتين بعد ظهر الأربعاء في جنيف، وإذا خرج بايدن من اجتماع بوتين مع بعض الالتزام بالتعاون بشأن ليبيا، فقد يقدم ذلك للرئيس الأمريكي فوزًا ملموسًا من اجتماع لا يُتوقع أن ينتج عنه الكثير.
ويؤكد التقرير أنه مع ذلك، تكمن المشكلة الأكبر في محاولة كسب موافقة تركيا على الخطة، خاصة وأن التكافؤ الذي ترسمه الوثيقة بين الجنود الأتراك ومرتزقة مجموعة فاغنر يمكن أن يحبط المسؤولين الأتراك.
وتهرب ماكرون في وقت سابق من الرد على إذا ما أسفر اجتماعه مع أردوغان عن الاتفاق على سحب قواته النظامية، وليس فقط المرتزقة السوريين، وركز على أن هناك اتفاق واسع بينهما على ضرورة انسحاب المقاتلين الأجانب، كما ظل ماكرون غامضًا بشأن الجدول الزمني للانسحاب، واكتفى بالقول: “الرئيس أردوغان أكد في لقائنا رغبته في مغادرة المرتزقة والميليشيات الأجنبية العاملة على الأراضي الليبية في أسرع وقت ممكن، ورغبته في العمل معًا على ذلك”.
كما حذر الرئيس الفرنسي من أنه لا يمكن لفرنسا وتركيا بالضرورة حل المشكلة بمفردهما، في إشارة إلى مجموعة الدول الأخرى التي لها مصالح في البلاد، حيث لعبت كل من قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، على سبيل المثال لا الحصر، أدوارًا مختلفة خلال الحرب الأهلية.
——–
ليبيا برس