المخدرات تباع داخل أكشاك السجائر في بنغازي وتهريبها يتم من سوريا إلى ليبيا عبر “شبكة الطير”

كشف استقصاء أجراه موقع “العربي الجديد”، عن شبكة لتهريب المخدرات بين موانئ سوريا وليبيا، على رأسها مدان حاصل على جنسية الدولتين، ويعمل في المنطقة الشرقية بدعم من متنفذين مقربين من خليفة حفتر مستفيداً من الفوضى والفراغ الأمني.

ونقل الموقع الممول من قطر، عن الدكتور ساسي موسى، الأخصائي في معالجة الإدمان أثناء عمله في وحدة الدعم النفسي والاجتماعي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس، قوله إنه رصد تفاقما لأعداد المدمنين على مواد مخدرة تنتشر شرقا وغربا في البلاد المنقسمة أمنيا، مثل الحشيش والأدوية المخدرة كالأمفيتامين.

كما نقل الموقع عن شاهد عيان من مدينة بنغازي، رفض ذكر اسمه خوفا على حياته، تأكيده أن المخدرات تباع بشكل طبيعي داخل أكشاك السجائر في المدينة، وخاصة في منطقة بوهديمة، وتابع: “أي شخص، على سبيل المثال، يمكنه شراء حبة ترامادول، بخمسة دنانير”.

ووفق بيانات حصلت عليها “العربي الجديد”، عبر ضبطيات مصلحة الجمارك لشحنات صودرت في الموانئ الليبية، بلغت كمية مخدر الحشيش التي ضبطتها السلطات الليبية 71.95 طنا خلال الفترة من 16 يوليو 2017 وحتى 22 ديسمبر 2020م، بقيمة سوقية تقدر بمليار و79 مليون دينار ليبي.

وقال محمد الفيتوري، مستشار مدير إدارة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، إن الكميات المضبوطة من الحشيش تمثل 30% من إجمالي ما جرى تهريبه بالفعل، متابعا: “ما يقارب 227 طنا سُربت إلى ليبيا خلال عامين فقط”.

وأكد الفيتوري، أن الموانئ الأربعة، طبرق وبنغازي والخمس وزوارة، أكبر منافذ تهريب المخدرات في ليبيا، إذ لا توجد سيطرة حقيقية لأجهزة الدولة عليها.

وأوضح أنه بسبب الانقسام بين الشرق والغرب، لا تتوفر لدى إدارة مكافحة المخدرات في الغرب أي معلومات بخصوص الحشيش والكبتاغون وعلاقة السلطات السورية بعمليات تهريبه، مشيرا إلى ضعف التواصل مع فرع المنطقة الشرقية.

وأشار الموقع إلى تغريدات على توتير لوزير الداخلية السابق، فتحي باشآغا، في مايو 2020م، إلى أن الانقسام بين الشرق والغرب يستغله نظام بشار الأسد للتمدد وتمويل أنشطته عن طريق تهريب المخدرات من الأراضي السورية إلى العديد من البلدان، بما في ذلك موانئ المنطقة الشرقية، وفق ما كشفه، متهما هيئة الاستثمار العسكري التابعة لحفتر بالاعتماد على فتح طرق للشحن البحري والجوي، لإنشاء اقتصاد قائم على السوق السوداء مع نظام الأسد الخاضع للعقوبات.

وأوضح استقصاء “العربي الجديد”، أن “المخدرات إلى ليبيا تـُـهرب بشكل أساسي عبر شبكات عابرة للدول، إحداها تعمل انطلاقا من سوريا عبر مُـدانٍ في قضية مخدرات يحمل الجنسيتين السورية والليبية.

وكشف الاستقصاء كيف استفادت الشبكة من الفوضى الأمنية والانقسام لتهريب المخدرات من ميناء اللاذقية الخاضع لسيطرة النظام السوري وحتى ميناءي طبرق وبنغازي، شمال شرقي ليبيا، الخاضعين لقوات حفتر، والخمس وزوارة، غربا، الخاضعين لحكومة الوحدة المؤقتة.

وحصل “العربي الجديد”، على أوراق القضية رقم 3 لسنة 2019م من سجلات النيابة العامة بعدما أحيلت إلى محكمة جنايات بنغازي، والتي كشفت تورط 7 أفراد، من بينهم 4 سوريين و3 ليبيين، بتهريب المخدرات من سوريا إلى الموانئ الليبية، ومنهم السوريان محمد محمود سعد وهاشم عادل عجان، وقضت المحكمة عليهما بالإعدام رميا بالرصاص حضوريا، في حين أن السوريين محمود عبد الإله الدج ومحمد هاني عبدين حُكم عليهما بالإعدام غيابيا، بعد إدانتهم بجلب مخدر الحشيش من سوريا إلى الأراضي الليبية، بينما تمت تبرئة الليبيين لعدم توفر دليل.

ونقل الموقع عن الدج قوله إنه ولد في سوريا وعاش فترة طويلة في ليبيا قبل 2011م مع عائلته، وحصل على كتيب عائلة ليبي ورقم وطني مسجل له ولعائلته من مصلحة الأحوال المدنية في سوق الجمعة بطرابلس.

وحسب استقصاء أيضا، “تورطت شركة الطير للتجارة والشحن الدولي، ومقرها اللاذقية، في تهريب المخدرات، إذ ضُبطت حاويات تحتوي مخدرات تابعة لها على مدار عامين، وما قاد إلى كشف عمليات التهريب، التي كانت شبكة الطير تقف خلفها، ضبط السلطات اليونانية المخدرات على متن سفينة نوكا “Noka” في المياه الإقليمية في 5 ديسمبر 2018م، أثناء توجهها إلى ميناء بنغازي، وكانت شركة الطير إحدى الجهات التي تشحن عليها، لذلك أبلغت السلطات اليونانية نظيرتها الليبية التي داهمت مقر شركة الطير في منطقة بوعطني ببنغازي، وألقت القبض على المتورطين، وصادرت كميات من مادة الحشيش والحبوب المخدرة، حسب ما أعلنت عنه مديرية جمارك بنغازي في 23 أغسطس عام 2019م.

وأضاف أن عمل الدج تطور، وصار وكيلا لشركة أجنحة الشام للطيران، الخاضعة للعقوبات الأمريكية لتعاونها مع الحكومة السورية في نقل المرتزقة والأسلحة والمعدات، في ظل دعم مسؤولين مقربين من خليفة حفتر لأعماله المنتشرة في المنطقة الشرقية الخاضعة له.

ووفقا للاستقصاء، “يظهر على صفحة شركة الطير على فيسبوك، “لوغو” الشركة وصورة السفينة SPARTA II، وهي سفينة مملوكة لشركة OBORONLOGISTICS LLC التي تعمل لصالح وزارة الدفاع الروسية، وتقوم برحلات دورية من ميناء نوفوروسيسك الروسي إلى ميناء طرطوس بسوريا، وتحمل شحنات عسكرية”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة عاقبت هذه الشركة عام 2014م بسبب عملها في شبه جزيرة القرم.

ووفق رصد معدَي للتحقيق، “ظهر عبد الفتاح الدج، وهو أخ محمود الأصغر، في صور ملتقطة في مكتب شركة الطير، مؤكدا أنه من مواليد مصراتة بحسب بيانات الرقم الوطني، كما ظهر في صور أخرى بزي عسكري أمام سيارة لوحتها دمشق، وفي سيارة سورية للشرطة العسكرية.

ونقل موقع “العربي الجديد”، عن تقرير “الرمال المتحركة – تغير ديناميكية الاتجار بالمخدرات في الساحل الليبي وحدود الصحراء” الصادر عام 2019م للباحث مارك ميكاليف، من منظمة المبادرة العالمية ضد الجريمة المنظمة، قوله إن “ليبيا تصنف أنها محطة عبور وتخزين مهمة إقليميا للمخدرات القادمة من سوريا والمغرب ولبنان، ويتم استهلاك بعضها محليا، ثم يعاد تهريب كميات كبيرة منها إلى مصر وجنوب إيطاليا ودول البلقان مثل ألبانيا والجبل الأسود، ودول الساحل”.

ويرى الناطق السابق باسم لجنة مكافحة الجريمة عبد الحكيم البليعزي، والذي عاصر فترة طويلة من عمل اللجنة التي قامت بضبط مختلف أنواع المخدرات، أنه “مع هذه الأرباح الطائلة من تجارة المخدرات، إضافة إلى الفساد والرشوة المنتشرين بين مسؤولي النظامين، ومع تقلص مصادر الإيرادات الحكومية، يصبح تهريب المخدرات عبر موانئ النظام السوري أمرا منطقيا”.

وذكر الاستقصاء، أن متنفذين تابعين لحفتر سهّلوا عمل شركة الطير السورية في ليبيا، وعلى رأسهم فوزية الفرجاني، مستشارة رئيس أركان قوات الكرامة، عبدالرازق الناظوري، ورئيسة مجلس أصحاب الأعمال الليبيين فرع بنغازي، والتي شغلت منصب مستشارة الحاكم العسكري للشؤون الاقتصادية والتعاون الدولي، وكان لها دور كبير في تصميم العلاقة بين حفتر والأسد.

ونوه بأن الفرجاني افتتحت في 22 مارس 2018م، الخط البحري المباشر بين ميناءي بنغازي واللاذقية، وهو ما وثقه معدا التحقيق عبر صفحة المجلس على “فيسبوك”، والتي نشرت خبرا عن الحدث وشكرت أعضاء الوفد السوري، بمن فيهم المدير العام لشركة الطير محمود عبد الإله الدج، الذي ظهرت صورته مع وصول أول سفينة شحن إلى ميناء بنغازي في 28 مارس 2018م، والتي تسمى ZAHER، ومنعت الفرجاني تفتيشها وأُعلن أنها كانت محملة بمنتجات سورية موردة إلى بنغازي، وسعى معدّ التحقيق من ليبيا، إلى مواجهة الفرجاني بما وثقه والحصول على ردها لكنها لم تستجب لرسائله، بحسب الاستقصاء.

وبحسب ما رصدت “العربي الجديد”، رفعت السفينة زاهر علم مصر، عبر منصة تتبع حركة السفن “مارين ترافيك”، وظهر على متن سفينة Zaher أيضا ابن عم محمود الدج، وهو عبد السلام الدج، الذي يقيم في ليبيا ويمتلك شركة “المختار للشحن الدولي”، ومقرها الرئيسي بنغازي، ولديها فروع في دمشق وحلب وإسطنبول ومصراتة.

وأضاف أن عبد السلام كان يرافق محمود في غالبية زياراته ونشاطاته، وأعلن عبر صفحته على فيسبوك، يوم 6 إبريل 2021م، عن وصول السفينة MANASSA FLOWER M إلى ميناء بنغازي، وتحمل علم جزر القمر، إذ انطلقت من ميناء اللاذقية في الأول من إبريل الماضي، وهي آخر رحلاتها وفقا لموقع “مارين ترافيك”.

وتكشف قاعدة بيانات فريق الخبراء المعني بليبيا في الأمم المتحدة، والمنشأ بقرار من مجلس الأمن، أن السفينة تم بيعها في فبراير 2021م، لشخص مجهول، وتم تغيير اسمها، وفق إفادة أحد أعضاء الفريق، والذي تحفظ على ذكر اسمه.

ووفقا للتقرير، أسهمت الفرجاني في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين نظام الأسد والمنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرة حفتر، عبر تنظيم معرض “صنع في سوريا” بالتعاون مع شركة الطير، بمدينة بنغازي في 20 مايو 2018م، وكانت الفرجاني في استقبال الوفد السوري الذي ضم محمود الدج، كما تُظهر الصور التي نشرتها صفحة المجلس.

وذكر أن وزارة الاقتصاد السورية وغرفة صناعة دمشق وريفها واتحاد المصدرين السوريين ومجلس رجال الأعمال الليبيين في بنغازي، كانوا رعاة وممولين للمعرض، وتولت شركة الطير نقل بضائع التجار المشاركين جميعهم إلى بنغازي، وفق توضيح محمود الدجّ.

ومن خلال هذا المعرض، استطاع الدجّ استقطاب التجار الليبين للمشاركة فيه بدمشق، كما تبين دعوة حصل عليها “العربي الجديد” وجهتها شركة الطير إلى زبائنها التجار في ليبيا، لحضور المعرض السوري مع تذكرة وإقامة مجانية لمدة أربعة أيام في دمشق في فبراير 2019م، تحت رعاية الرئيس السوري بشار الأسد.

وكشف الدج، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن هناك وكيلا آخر لشركة أجنحة الشام في ليبيا، وأن شركة الطير ليست الوكيل الحصري لها، وهي ياسمينة سليم العروشي المجبري، والتي وثق التقرير أن أصولها من مدينة أجدابيا، وكانت ناشطة في اللجان الثورية التابعة للنظام السابق، وشغلت منصب أمين العدل بأجدابيا، في المنطقة الشرقية، وسافرت بعد أحداث 2011 إلى سوريا.

ولفت إلى أن المجبري تكفلت بالتواصل مع مكتب المحاماة لتقديم الطعن في الحكم بإدانة المحبوسين السوريين هاشم عجان ومحمد محمود سعد.

وعبر مهاتفة مع مكتب المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن المجبري تواصلت معهم، وبالفعل قدم المكتب الطعن ووصل إلى المحكمة العليا بطرابلس في فبراير2021م، مؤكدا أن الدجّ، لا يستطيع أي محام حسب القانون الليبي تقديم طعن في الحكم الصادر بحقه، لأنه محكوم غيابيا، خلافا لما ادعاه الدج في رده على “العربي الجديد” بأن محاميه قدم الطعن وأنه سيحصل على البراءة الحتمية، فيما علق المحامي قائلا :”عليه أن يسلم نفسه للسلطات الليبية لإعادة محاكمته وحتى يمكنه أن يستفيد من الطعن”.

وأفاد الاستقصاء بأن شبكة تهريب المخدرات، اتبعت نمطا متشابها لإدخال الحشيش والكبتاغون عبر الموانئ الليبية، من خلال إخفائها في منظفات أو مواد بناء، وكذلك في جدران وأرضيات الحاويات، كما ثبت من خلال تتبع التقرير بيانات 9 ضبطيات تمت على متن سفن رست في الموانئ الليبية حتى 22 ديسمبر 2020م، بالإضافة إلى 8 سفن أخرى صادرت حمولتها من المخدرات سلطات دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وكان مصدرها ميناء اللاذقية السوري، ما بين 20 سبتمبر 2018م، وحتى 5 يناير 2021م.

وأشار إلى أن من بين تلك الضبطيات 6 أطنان من الحشيش و3.1 ملايين قرص من الكبتاغون التي ضُبطت على متن سفينة نوكا Noka، وكانت مخبأة في منظف زجاج اسمه الميدالية الذهبية، وكذلك في جدران وأرضيات الحاويات.

وكشف الاستقصاء، أن ملكية الشركة العالمية للكيماويات التي تصنع منظف زجاج من نوع الميدالية الذهبية تعود لعائلتي المفتي ودعبول، ويديرها محمود المفتي وسليم دعبول، وهو أحد رجال الأعمال السوريين المقربين من نظام الأسد وأسس مشاريع تصب في خدمته، بحسب تقرير بعنوان “شبكة رجال الأعمال لتمويل النظام السوري والتحايل على العقوبات”، الصادر عن منظمة “مع العدالة” عام 2020م.

وقال إن سفينة نوكا كانت ترفع العلم السوري لدى ضبطها، وبحسب بيانات منصة “مارين ترافيك”، فإن السفينة تصنف باعتبارها تعمل في الشحن العام ومملوكة لشركة “نبتنوس” ومقرها اللاذقية، وتأسست عام 2016م، وتعرّف نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها مورد رائد للخدمات البحرية والشحن، وجرى تغيير اسم السفينة حاليا إلى “أولا” Ola، وتبحر تحت علم سانت كيتس ونيفيس (دولة من جزر الهند الغربية).

وأضاف أن ضبط المخدرات على متن السفينة أسهم في حل لغز تهريب المخدرات الذي تقف وراءه شركة الطير، وفق ما تؤكده أوراق القضية، لافتا إلى أنه تم إخفاء المخدرات بالطريقة ذاتها في السفن التي أعلنت مصلحة الجمارك العامة عن ضبطها، ومنها السفينة التي ضُبطت في 15 أغسطس 2018م، حيث أخفيت 6 أطنان و300 كيلو من الحشيش داخل ألواح مخبأة في شحنة سيراميك تخص شركة البياض لاستيراد مواد البناء والطلاء، وفق الإقرار الجمركي، محملة على متن سفينة “MSC Sheila” التي انطلقت من ميناء بورسعيد ورست في ميناء الخمس غربي ليبيا في 8 أغسطس 2018م، بحسب رسالة الإقرار الجمركي الصادرة من مصلحة الجمارك، وهي سفينة شحن عامة بنيت بواسطة شركة شيبارد في تركيا، وتملكها الآن شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة، بحسب بيانات منصة “مارين ترافيك” التي تظهر أن السفينة ذاتها رست في 16 مارس 2018م، في ميناء بنغازي، وكانت حمولتها لشركة الإسطرلاب للتوكيلات الملاحية.

ونوه بأن مصلحة الجمارك صادرت 3 حاويات فيها 14 طنا من الحشيش معبأة في براميل معجون جدران (دهانات) في 30 أغسطس2018م، كتب عليها “الأميرة” وهي عائدة لشركة البياض ذاتها وكانت قادمة من سوريا.

وكشف مصدر في مصلحة الجمارك بطرابلس طلب عدم الإفصاح عن اسمه، للموافقة على الحديث، أن شركة البياض وشركة أخرى متورطة في تهريب المخدرات تحمل اسم الانطلاقة الحديثة للمقاولات، هما شركتان وهميتان.

وأفاد بأنه تم ضبط 4.5 أطنان من الحشيش تخص الشركة الوهمية المسماة بـ “الانطلاقة الحديثة للمقاولات” على متن سفينة قادمة من سوريا في 3 سبتمبر عام 2018م، وكان وصف البضاعة حسب الإقرار الجمركي هو مواد بناء، بحسب ما كشفته رسالة حصل عليها “العربي الجديد” من المدير السابق لمصلحة الجمارك العميد طارق الفقي، بتاريخ 6 سبتمبر 2018م، موجهة إلى النائب العام حاليا الصديق الصور، وكان حينها رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام في طرابلس.

وأضاف أن الرسالة كشفت أيضا أن مصلحة الجمارك في طرابلس وضعت يدها على 13 طنا من مخدر الحشيش في شحنة تخص شركة صحاري ليبيا للتوكيلات الملاحية الموجودة في طرابلس، في الأول من الشهر ذاته، مشيرا إلى أنه رغم الحكم بالإعدام على الدج، لم يصدر بحقه أي أمر قبض دولي، ولم تعمم السلطات الليبية اسمه واسم شركته على المنافذ البحرية والبرية والجوية كي تمنع التعامل معه، ولا تزال شركة الطير للشحن البحري تسير رحلاتها إلى ليبيا.

وأضاف أن الهيئة العامة للطيران المدني في سوريا منحت شركات الطيران الليبية إذنا باستئناف الرحلات الجوية من بنغازي إلى دمشق، على أن تتكفل شركة الطير بخط الطيران المباشر، بحسب ما أعلنته فوزية الفرجاني في 20 مايو 2020م، عبر صفحة مجلس أصحاب الأعمال الليبيين.

وتابع بأنه عقب هذا القرار، أعلنت شركة أجنحة الشام في فبراير2020م، عن طريق صفحتها الرسمية على فيسبوك، بأنها بدأت الحجز لرحلات ليبيا عبر وكيلها الحصري، وهو شركة الطير، ما يؤكد العلاقات الاقتصادية بين شركتي الطير وأجنحة الشام المدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية منذ ديسمبر 2016م، بسبب تعاونها مع الحكومة السورية في نقل المرتزقة والأسلحة والمعدات.

وأوضح أن ملكية الشركة اسميا ترجع إلى مجموعة “شموط” التي يرأسها رجل الأعمال عصام شموط، والمفروضة عليه عقوبات أمريكية منذ الماء/مايو 2015م، مضيفا أن أجنحة الشام افتتحت مكتبا لها في شارع فينيسيا بمدينة بنغازي في 5 مارس 2020م، وبدأت بتسيير ثلاث رحلات أسبوعيا من دمشق إلى بنغازي منذ أكتوبر 2020م.

وكشفت رسالة حصلت عليها “العربي الجديد”، موجهة في 7 أكتوبر 2018م، من مدير إدارة العلاقات والتعاون في وزارة الداخلية حسين عبدالله العامري، إلى وزير الداخلية فتحي باشاغا، أن السفارة الأمريكية في ليبيا وجهت مذكرة إلى وزارة الخارجية، تعرب فيها عن مخاوفها إزاء السماح لشركة أجنحة الشام للطيران بالهبوط في مطار بنغازي، وتأمل من الجانب الليبي القيام بمنع الشركة من الهبوط في المطارات الليبية باعتبار وقوعها تحت طائلة العقوبات الأمريكية.

ولفت إلى أن رحلاتها ظلت مستمرة كما يكشف التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بليبيا، المنشأ بقرار من مجلس الأمن، والصادر في مارس 2021م، في الملحق 55، “إذ نفذت طائرات تابعة لأجنحة الشام 21 رحلة مشبوهة من دمشق إلى بنغازي، في الفترة من 12 إبريل 2019م، إلى 31 ديسمبر 2019م، وبلغ مجموع الركاب الذين تم نقلهم من دمشق إلى بنغازي 3312 راكبا.
كما بلغ عدد رحلات أجنحة الشام 83 رحلة خلال العام 2020م، بمجموع ركاب 12324 راكبا، وكان معظمها من دمشق إلى بنغازي، منها 10 رحلات من مطار اللاذقية الذي يقع بجانب قاعدة حميميم الروسية، و3 رحلات إلى قاعدة الخادم العسكرية التابعة لقوات حفتر، كما كانت هناك رحلة من مطار الإمام الخميني الدولي بطهران إلى بنغازي، ورحلتان من العاصمة الأردنية عمان إلى بنغازي، ورحلة من الشارقة إلى بنغازي.

وذكرت “العربي الجديد” أنها حاولت في مارس الماضي التواصل مع رئيس لجنة المعلومات والتحقيق في مديرية جمارك بنغازي المقدم فرج الجارح، للحصول على ردّ رسمي حول ذك، لكنه تهرب من تقديم أي معلومات حول شبكة الطير ونشاطها.

ولفت إلى أن شركة أجنحة الشام تعلن عبر صفحتها أن عبد السلام الدج، مدير شركة المختار للشحن، هو أحد وكلائها في ليبيا أيضا، إلى جانب محمود الدج وشركة بلوتو للسياحة والسفر ومقرها بنغازي، والتي ظهر عبد السلام الدج في صورة مع أحد العاملين فيها.

وتابع بأنه عقب واقعة القبض على السفينة نوكا (Noka)، داهمت السلطات الليبية مقر شركة الطير في بو عطني ببنغازي، فيما قال مديرها محمود الدج في رده على أسئلة “العربي الجديد” بأن مداهمة المخازن التابعة لمقر شركته، والقبض على اثنين من موظفيه عام 2018م، كانا بهدف التفاوض معه على دفع مبلغ مالي في سبيل الإفراج عن الموظفين وإقفال القضية.

وأضاف الدج، أن جهات ليبية استمرت بالتفاوض معه وابتزازه لمدة شهر، لكنه رفض الاستجابة لهم على حدّ قوله، ولديه تسجيلات صوتية لهم قام بإرسالها إلى السلطات السورية لتتفهم قضيته وإلى السلطات الليبية التي حاسبت أولئك الأشخاص على حدّ قوله، لكنه لم ينشرها حفاظا على سلامة عائلته وأقاربه في ليبيا، وعلى العلاقات بين البلدين، بحسب التقرير.

وأكد محمود الدج، أن شركته حصلت على البراءة في قضية سفينة نوكا التي ضبطت السلطات اليونانية المخدرات على متنها، أما في بنغازي فكل القضية مفبركة، والمدان محمد هاني عبدين، المحكوم بالإعدام غيابيا أيضا، حيث كانت البوليصة باسمه عندما ضُبطت سفينة نوكا، وهو موجود في سوريا حاليا كما يقول محمود الدج..

واختتم التقرير بالقول: “على الرغم من وعود محمود الدجّ بتزويد “العربي الجديد” بصورة عن الحكم وبالتسجيلات الصوتية لإثبات ما يتحدث عنه، إلا أنه تهرب من معدي التحقيق”.

———-

ليبيا برس