عسكري أمريكي سابق: استقرار ليبيا يعتمد على قدرة أمريكا على تخفيف نفوذ تركيا والإخوان المسلمين
أفاد العسكري ورائد الفضاء الأمريكي السابق، كيفين شيلتون، بأن استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة الحالية بشأن ليبيا، موجهة من أجل الحدث من نفوذ تركيا وروسيا في البلاد.
وأشار شيلتون في مقال في صحيفة “ذا ديفينس بوست” الأمريكية، العسكرية المتخصصة، إلى أنه في الشهر الماضي في برلين، التقى دبلوماسيون دوليون، بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا لتعزيز التقدم السياسي الذي تشتد الحاجة إليه في البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية، مستدركًا بأن واشنطن كان لها أهداف أخرى.
ولفت إلى أنه قبل الاجتماع، حدد بلينكين الهدف من وجوده، والذي تضمن “فرصة لتعزيز دعم المجتمع الدولي لليبيا بالتقدم نحو الانتخابات، والحفاظ على وقف إطلاق النار، وإخراج القوات الأجنبية من البلاد”، معتبرًا أن تلك الأخيرة كانت هي الهدف الحقيقي لأمريكا.
وتحدث عن أن بلينكن، يبدو أنه أُحرز تقدم في المحادثات، بما في ذلك كيفية دحر التدخل الخارجي في الشؤون الليبية، لافتا إلى أنه لا يزال يمكن ويجب على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد لتعزيز الاستقرار الدائم في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، لأنه بات أمرا مهما بشكل متزايد على نطاق أوسع.
وأردف بقوله إنه لحسن الحظ، تم وضع الأساس لمثل هذه الجهود، حيث عينت واشنطن في وقت سابق من يونيو الماضي، السفير ريتشارد نورلاند مبعوثًا خاصًا إلى ليبيا، وهو القرار المرحب به رغم أنه متأخر، بحسب قوله.
وتحدث عن أنه يجب أن يمتد الغرض من تعيين مبعوث خاص إلى ما هو أبعد من مجرد معالجة التقلبات الإقليمية على المدى القصير، ويجب أن تتمثل في أهداف المهمة في المساهمة بشكل هادف في الاستقرار على المدى الطويل في شرق البحر الأبيض المتوسط الأوسع، بعد وقف إطلاق النار الهش في أكتوبر 2020 بين الفصيلين المتحاربين الرئيسيين في البلاد.
وتطرق إلى أن الاستقرار الدائم في ليبيا يعتمد إلى حد كبير على قدرة أمريكا على تخفيف النفوذ التركي في المنطقة، وهو الأمر الذي يستوجب أيضا تخفيف نفوذ الإخوان المسلمين، خاصة وأن هذا النفوذ يهدد مصالح الولايات المتحدة ومصالح أولئك الموجودين في شرق البحر المتوسط.
وقال إن كانت تركيا عاملاً رئيسياً في التحريض على الحرب الأهلية العنيفة في ليبيا، وإدامتها من خلال دعم حكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها، التي يهيمن عليها الإسلاميون، حيث تُعد أنقرة حاليًا نفسها لتظل حضوراً ثابتاً في السياسة الليبية، حتى بعد تشكيل حكومة دائمة.
وأوضح أنه رداً على ذلك، يجب على واشنطن أن تفعل كل ما في وسعها لدعم إبرام اتفاق يعترف بالإرادة السيادية للشعب الليبي، خاصة وأن البلاد تستعد لإجراء انتخابات ديمقراطية من المقرر إجراؤها في شهر ديسمبر، والتي ينبغي أن تكون متزامنة مع مفاوضات جادة بين الليبيين بشأن الأمن الداخلي والترتيبات المالية والسياسية.
وأكد أنه يجب على الولايات المتحدة أن تدعم إنشاء نظام غير إسلامي يدعم بصدق مصالح الشعب الليبي، وسيتوقف القيام بذلك جزئيًا على الأقل على قدرة الولايات المتحدة على حماية ليبيا من المكائد التركية.
أما الهدف الاستراتيجي الأمريكي الثاني في ليبيا، فهو النفط، حيث أكد أنه يجب على المبعوث النظر في سبل تعزيز منتدى غاز شرق المتوسط ، لضمان ثقل إقليمي موازن لمحاولات تركيا لتعطيل أسواق الطاقة الإقليمية.
وأكد أن المنتدى المكون من قبرص ومصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية، يمثل وسيلة إضافية لعزل أنقرة، ردًا على عدوانها الإقليمي.
كما يعد المنتدى أيضا بتعزيز التعاون بين العديد من الشركاء العرب وأوروبا، حيث يجمع لأول مرة في منظمة دولية واحدة منتجي الطاقة والمستهلكين وشركاء النقل.
ولفت إلى أن أنقرة لم تتعامل بلطف مع تشكيل المنتدى، بعد استبعادها منه، وأثارت اضطرابات مختلفة في أسواق الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك إبرام ترتيبات بحرية مثيرة للجدل.
واستدرك بقوله إن تلك الاتفاقية البحرية الحالية بين تركيا وليبيا تنشئ منطقة اقتصادية خالصة بين الساحل الجنوبي لتركيا على البحر المتوسط إلى الساحل الشمالي الشرقي لليبيا، مما أثار استياء جيران تركيا، وبدعم من زعماء الاتحاد الأوروبي، جادلت اليونان وقبرص بأن الاتفاقية تنتهك القانون الدولي، وتحديداً اتفاقية مونتيغو باي لعام 1982، من خلال تجاهل الحقوق البحرية لدول شرق البحر المتوسط الأخرى.
وطالب العسكري الأمريكي بأنه يجب تحت رعاية المبعوث الجديد على الولايات المتحدة دعم الحل السلمي، لهذا النزاع الحدودي البحري، والتأكد من أن الاتفاقية تتماشى مع القانون الدولي.
وثالث تلك الملفات، التي تطرق لها العسكري الأمريكي، تتمثل في التصدي للنفوذ الروسي، بجانب صد النفوذ التركي، مشيرًا إلى أنه يجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تكون حذرة من روسيا، التي قدمت دعمها لقوات حفتر خلال الحرب الأهلية، وما زالت تستثمر في ضمان الاعتماد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي.
وتحدث عن أنه يهدد التعاون السلمي داخل شرق البحر الأبيض المتوسط، وخاصة في قطاع الطاقة، هيمنة موسكو على الأسواق العالمية، مما يعني أن الكرملين لديه مصلحة راسخة في زرع الفوضى والحفاظ عليها.
وأضاف بقوله إنه تعتبر موسكو أيضًا موقع ليبيا موقعًا جذابًا لتخويف الناتو، لاسيما بالنظر إلى الأزمة الأوكرانية الأخيرة، كما توفر طرابلس لموسكو فرصة محتملة لإنشاء ميناء للمياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، وعلاوة على ذلك، بمرور الوقت، قد يشكل الوجود الروسي في ليبيا مشاكل في الوصول إلى قناة السويس، وهي نقطة محورية مهمة في شبكة الشحن العالمية.
وأكد أنه بدون التأثير المخفف للولايات المتحدة كوسيط للاستقرار، يمكن أن تصبح ليبيا بالنسبة لروسيا موطئ قدم قوي في شمال إفريقيا.
وانتقل بالحديث إلى القول إن الدور الجديد للسفير نورلاند مهمة صعبة، لكنها ليست مهمة غير واضحة، وبينما يجب أن تظل واشنطن مركزة على تسهيل إنشاء ممثل حكومي للشعب الليبي، يجب أن تكون طموحاتها طويلة المدى موجهة نحو الحد من نفوذ أنقرة وموسكو، وكلاهما يمثل مراكز قوة تزدهر على الفوضى والاضطراب في ليبيا.
وأتم بقوله: “كان مؤتمر برلين بداية لحل عدم الاستقرار السياسي في ليبيا، ومع ذلك، فإن نجاح مثل هذه الجهود على المدى الطويل سيعتمد على قدرة ليبيا على حماية نفسها من الجهات الفاعلة ذات النوايا السيئة”.
——–
ليبيا برس