تقرير إماراتي: إذا ما عاد سيف الإسلام القذافي بطريقة ديمقراطية فلن تكون مواقفه ثأرية من أي تيار
كشف تقرير صحفي أن عودة سيف الإسلام معمر القذافي، تحظى بترحيب ودعم من أوساط ليبية سياسية وقبلية وعشائرية وأيديولوجية، بجانب الدعم من الدول المجاورة وأبرزهم الجزائرة.
وأشار تقرير منشور عبر موقع “كيو بوست” الإماراتي، إلى أن سيف الإسلام، عاد إلى المشهد السياسي من جديد، عقب تداول اسمه على نطاقٍ واسع، وسعي جهات عدة لترشيحه لقيادة بلاده، لافتًا إلى أنه خيار لا يلقى إجماع كما لا يلقى رفضًا، سواء في الداخل أو على مستوى الخارج.
ونقل التقرير عن مصادر إعلامية وسياسية قولها إن سيف الإسلام يحظى بالترحيب لدى أوساطٍ ليبية سياسية وأيديولوجية، خاصة القبلية والعشائرية، كما لدى الجيران مثل الجزائر التي لا تزال تحتفظ بالعلاقات القوية مع النظام الليبي السابق.
ونقلت أيضا عن صحيفة “لوجون إندبندت الفرنسية- الجزائرية، قولها إنه بعد 10 سنوات لا يستبعد الليبيون الذين سئموا الحروب بالوكالة التي وقعوا ضحايا لها، عودة سيف الإسلام معمر القذافي ليحكم ليبيا، وبات يُنظر إليه كقوة رمزية، وكاريزمية، ومنارة للأمل.
وأوضح التقرير أن الليبيين في حيرة من أمرهم للاختيار بين ديمقراطية غير مستقرة وهشة، وسلطة تضمن الاستقرار، مشيرةً إلى أن الخيار الثاني يلقى استحساناً واسعاً بعد تراجع وضعف ميليشيات الإخوان المسلمين.
ولفتت الصحيفة الجزائرية الفرنسية إلى أن الترتيبات الليبية توصلت إلى ضرورة إعادة شخصية توافقية للترشح لمنصب الرئيس، خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر، وكان من أبرز تلك الشخصيات سيف الإسلام، خاصة بعدما حظي بدعم القبائل الليبية، ومصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا، مشيرة إلى الوضع الذي باتت عليه الأحزاب المقربة من الإخوان المسلمين دفع من يرعاهم من الأتراك والقطريين إلى إعادة النظر في مخططاتهم الجيوسياسية.
وأشارت المصادر إلى أن خطة “ليبيا المستقبل” التي أطلقها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، ليس سوى امتداد لمشروع “ليبيا الغد” الذي سبق وأطلقه سيف الإسلام في 2006، حيث كان الدبيبة في ذلك الوقت، إحدى النقاط الأساسية في هذه الخطة التي تهدف إلى تطوير البلاد.
ونقل موقع “كيو بوست” عن الباحث في الشؤون المغاربية سعيد هادف، قوله إن الشعب الليبي ذاق مرارة الحرب والفوضى، وأدرك أن الحل في المصالحة والحياة السياسية الديمقراطية، وصيرورة الحوار انطلقت من مبدأ المصالحة، ونبذ العنف وعدم الإقصاء، وبالتالي فإنه من حق أي ليبي أن يشارك في الحياة السياسية في إطار القانون.
وتابع بقوله: “أما مَن ثبت أنه ارتكب جرماً، فإن العدالة وحدها ستأخذ مجراها، وعليه فإن عودة سيف الإسلام إلى الحياة السياسية لا تعني أنه يمتلك الوصفة السحرية للعودة إلى الحكم”.
واستمر: “إذا ما عاد سيف الإسلام القذافي بطريقةٍ ديمقراطية، فلا أعتقد أن مواقفه ستكون ثأرية من هذا التيار أو ذاك أو من هذا البلد أو ذاك، ولكن في ظلِّ السياسة الجديدة التي ينتهجها الليبيون فمن المؤكد أن المواقف والقرارات ستكون صارمة؛ ضمانًا لمصلحة الشعب الليبي والمصلحة العليا للدولة، سواء أكانت قرارات ذات صلة بالوضع الداخلي بمكوناته الحزبية، أو السياسة الخارجية”.
وحول تأثير عودة سيف الإسلام إلى المشهد السياسي على الجزائر، قال هادف: “الأمر يبقى مشروطًا بطبيعة السياسة التي ستنتهجها الجزائر مستقبلاً، على اعتبار أن المحيط المغاربي عرف تحولاً جذرياً طيلة العقد الذي مضى، وهذا التحول ما زال سارياً، وإذا لم تدرك الجزائر هذا المعطى فستجد صعوبة في التعامل مع كل محيطها المغاربي والإقليمي، وليس مع ليبيا فقط”، موضحًا أن النخبة الليبية ستُعالج كل المعضلات قبل انتخابات ديسمبر المُقبل، وأن نجاحها في تصفية الجو السياسي، ونشر روح الثقة بين كل الفرقاء قبل الاستحقاقات سيضمن الوئام والحوار بعد الاستحقاقات.
وشدد على أن مشكلة الإخوان ستتم معالجتها قبل الذهاب إلى انتخابات ديسمبر، وذلك عبر اللقاءات الأممية، وفي سياق تجاوز كلَّ ما من شأنه إعاقة العملية الديمقراطية؛ أي في إطار التأسيس لدولة الحق والقانون.
ونقل التقرير أيضًا عن أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المهتم بالشؤون الإفريقية، مبروك كاهي، قوله إن مشكلة عودة سيف الإسلام للحكم تكمن في أن سيف الإسلام لا يزال مطلوبًا لدى “الجنائية الدولية”، كما أن فصيلاً معتبرًا من الليبيين لا يؤيده، قائلاً: “نوعية خطابه لم تظهر بعد، وعليه فالأمر يُصنف في خانة الفرضية غير المؤسسة”.
وتابع: “ليبيا مبنية على القبلية، وسيف الإسلام لا يلقى دعمًا من كل الدول المشاركة في الصراع الليبي، كما أن موعد الانتخابات قريب جدًا بما لا يسمح بتأهيله لضيق الوقت، بالإضافة إلى أن ظهوره في الوقت الحالي غير مناسب؛ لأنه يذكِّر الليبيين بمأساتهم القريبة مع والده.. هي كلها عوامل ليست في صالح هذه الفرضية.”
واستمر بقوله “حتى لو سلمنا بهذه الفرضية، فإن سيف الإسلام يحمل ذكريات حسنة مع الجزائر التي لم تتورط في المستنقع الليبي، كما أن الجزائر لا تملك أية حساسية تجاه أية شخصية يتوافق عليها الليبيون، مبرزاً أن تيار الإخوان في ليبيا يعاني ضغوطاً خارجية؛ لاسيما من مصر وبعض الدول، من أجل التخلي عن بعض من قناعاته، وعليه فإن الإخوان سيحاولون أن يكونوا أكثر انسجاماً مع الوضع الدولي، ولا أعتقد أن تكون لهم اتصالات مع سيف الإسلام”.