الأناضول: ‏مزاعم حفتر بالسيطرة على الحدود مع الجزائر مجرد فقاعة إعلامية لجس نبض الجيش الجزائري

أفاد تقرير صحفي بأن روسيا حققت حلمها القديم بالوجود في ‏جنوب ليبيا، والتمدد في مستعمرات فرنسا الإفريقية، مؤكدًا أن هذا الأمر زاد ‏بصورة كبيرة عقب إعلان فرنسا الانسحاب من منطقة الساحل.‏

ونشرت وكالة “الأناضول” التركية تقريرًا مطولاً تناول ما أسمته بـ”الحلم الروسي في التواجد بالجنوب الليبي” وفقا لتصريحات ‏سابقة لوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، بأنه حتى لو كان هذا ‏الحلم يصطدم مع مصالح دول كبرى وإقليمية.

وأشارت الوكالة التركية إلى أن روسيا تتواجد في إقليم فزان عبر ‏شركة فاغنر الأمنية، التي نشرت عناصرها في قاعدتي براك الشاطئ ‏وتمنهنت الجويتين، منذ سبتمبر 2020.

وتابعت: “لم تكتف فاغنر الروسية بالتمركز بقاعدة تمنهنت التابعة ‏لمحافظة سبها، وإعادة تأهيل قاعدة براك الشاطئ التي كانت خارج ‏الخدمة، بل سبق ذلك دخولها أكبر حقلين نفطيين في فزان”.‏

وواصلت: “في 25 يونيو 2020، وعقب هزيمة هذه القوات وميليشيات حفتر أمام قوات حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، ‏وفرارها من جنوبي طرابلس والمنطقة الغربية، توجهت عناصر من ‏فاغنر رفقة مرتزقة أفارقة إلى حقل الشرارة النفطي أكبر حقل في ‏البلاد، انطلاقاً من قاعدة الجفرة الجوية، ثم دخلت حقل الفيل ‏النفطي، ومهبطه الجوي”.‏

وذكر أن هذه التطورات على الأرض في الجنوب الليبي جعلت من ‏روسيا القوة الأجنبية الأولى المهيمنة على الجنوب الليبي ‏مزيحة فرنسا التي كانت تعد المستعمر التاريخي لإقليم فزان (1943- 1951) من ‏المنطقة.

وتطرق التقرير إلى أنه في أبريل 2021، حلق طيران حربي لمرتزقة فاغنر ‏فوق تمنهنت وسرت، أشبه باستعراض قوة، بالتزامن مع تصاعد ‏الصراع مع حلف شمال الأطلسي “الناتو” في البحر الأسود، قرب ‏سواحل شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي تحتلها روسيا.‏

وألمح التقرير إلى أنه رغم الضغوط الأمريكية والغربية الشديدة على عناصر ‏فاغنر، والعقوبات المسلطة عليها للخروج من ليبيا، طبقًا لما نصت ‏عليه مخرجات مؤتمر برلين الأول والثاني، وأيضاً اتفاق وقف إطلاق ‏النار الموقع في جنيف 23 أكتوبر 2020، إلا أنه لا توجد أي ‏مؤشرات عن انسحاب وشيك لفاغنر من ليبيا.‏

ولفتت إلى أن شبكة‎ ‎‏”سي إن إن”‏‎ ‎الأمريكية سبق ونشرت تقريراً ‏يظهر المرتزقة الروس، وهم يحفرون خندقاً ويقيمون تحصينات ‏لتأمين مواقعهم في سرت والجفرة، في إشارة واضحة إلى أنهم ينوون ‏البقاء في البلاد‎.‎

وأكدت أنه المرتزقة الروس يعززون من مكاسبهم في ليبيا، بدليل أن ‏خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الاستشاري، كشف، في 10 ‏يوليو 2021، أن مرتزقة فاغنر تضاعف عددهم منذ اتفاق وقف ‏إطلاق النار، وفي يونيو 2020، قدرت القيادة العسكرية الأمريكية ‏في إفريقيا (أفريكوم) عدد مرتزقة فاغنر بنحو 2000 عنصر.‏

ومن جانب آخر، لفتت إلى أن فاغنر لا تجند فقط مقاتلين روس ‏ومن أوروبا الشرقية، بل أيضاً مرتزقة من سوريا موالين لنظام بشار ‏الأسد، وحتى مرتزقة تشاديين وسودانيين، وأن زعيم المتمردين ‏التشاديين محمد مهدي، الذي قاد هجوماً على شمالي تشاد انطلاقاً ‏من الجنوب الليبي في أبريل الماضي، اعترف لصحيفة ميديا بارت ‏الفرنسية بأن ميليشياته تلقت تدريبات على يد مرتزقة فاغنر في ‏قاعدتي براك الشاطئ وتمنهنت ومناطق أخرى في الجنوب الليبي.‏

وذكرت أن هذا الاعتراف يتقاطع مع اتهامات أمريكية لفاغنر بدعم ‏هجوم المتمردين على شمال تشاد وتوغلهم إلى المناطق الغربية ‏القريبة من العاصمة نجامينا، مما تسبب في مقتل الرئيس إدريس ‏ديبي، واستيلاء المجلس العسكري على السلطة بقيادة نجله محمد ‏ديبي، كما أن هجوم المتمردين على شمال تشاد نبه العالم إلى خطورة ‏تواجد المرتزقة الأجانب في الجنوب الليبي على أمن واستقرار دول ‏الساحل التي تخوض حرباً مصيرية ضد الجماعات المتطرفة.‏

وأكدت أن استراتيجية موسكو لا تتمثل فقط في طرد فرنسا من ‏الجنوب الليبي، بل من كامل منطقة الساحل الإفريقي، موضحة أن فزان تمثل ‏نقطة الانطلاق الروسية لتحقيق هذا الهدف.‏

وانتقلت بالحديث عن موقف الجزائر بقولها إن الفراغ الفرنسي في ‏الساحل قد تملؤه روسيا بالتنسيق مع الجزائر، بينما قد يتم تحجيم ‏دور قوات خليفة حفتر في منطقة غات الحدودية مع الجزائر، ‏الخاضعة لسيطرة قوات من الطوارق بقيادة الفريق علي كنة، ‏الموالي لحكومة الوحدة المؤقتة.‏

وأشارت إلى أنه على عكس ما أعلنته قوات حفتر من سيطرتها على ‏المعبر الحدودي إيسين/تين الكوم، لم يرصد الجيش الجزائري ‏تواجد هذه الميليشيات على الطرف الآخر من الحدود، ما يعني أن ‏مزاعم حفتر مجرد فقاعة إعلامية لجس نبض الجيش الجزائري، ‏الذي يمثل له الجنوب الليبي منطقة حساسة لأمنه القومي‎.‎

وأكدت أنه سبق للجزائر أن رفضت تدخلاً عسكرياً فرنسياً علنياً في ‏الجنوب الليبي انطلاقاً من تشاد، مما اضطر باريس للتحرك بشكل ‏محدود وسري في المنطقة في الفترة ما بين 2014 و2020، بحسب ‏محللين فرنسيين‎.‎

ولفتت إلى أن عدة عناصر إرهابية من أصل جزائري اتخذت من ‏الجنوب الليبي قاعدة خلفية لاستهداف البلاد على غرار زعيم ‏‏”حركة أبناء الصحراء من أجل العدالة”، عبدالسلام طرمون، الذي ‏قتل في مدينة سبها، مركز إقليم فزان، في ظروف غامضة‎.‎

وأتمت الوكالة التركية بقولها “ليست فقط روسيا وفرنسا والجزائر ‏المعنية بالجنوب الليبي بل الولايات المتحدة تمثل لاعباً آخر ولو ‏من بعيد في فزان، حيث شنت طائرات مسيرة أمريكية عدة غارات ‏استهدفت تجمعات لعناصر يشتبه في أنهم يتبعون لتنظيمات ‏إرهابية، خاصة حول مدينتي مرزق وأوباري. فالجنوب الليبي الغني ‏بالنفط والغاز وأيضاً الذهب واليورانيوم والمياه الجوفية، يكاد ‏يتحول إلى منطقة نفوذ خالصة لروسيا، ما يجعل إخراج فاغنر ‏مسألة غاية في التعقيد”.‏

‏———
ليبيا برس