وكالة إيطالية: كمية المياه في النهر الصناعي كانت ستعادل 200 عام على الأقل من تدفق نهر النيل

في تقرير لها عن الاعتداءات والسرقات والتخريب لآبار النهر الصناعي، في ظل الغياب التام للأجهزة الأمنية، تطرقت وكالة نوفا الإيطالية إلى آخر الهجمات على البئر رقم 079 في الحقل الجنوبي، بالقرب من الخط C3، الذي يعتبر من أكثر الآبار انتاجًا.

وقال التقرير، إن النهر الصناعي تحول الآن إلى سلاح في الحرب الليبية، مشيرًا إلى إطلاق العقيد القذافي وصف “الأعجوبة الثامنة” في العالم، عليه عند افتتاح أول خط أنابيب من مرزق إلى طرابلس عام 1996م.

وأوضح أن النهر الصناعي عبارة عن شبكة معقدة تتكون من 4000 كيلومتر من خطوط الأنابيب و270 محطة ضخ، تخضع معظمها لسيطرة المليشيات، مؤكدًا أنه قناة مائية عملاقة كلفت ما يقارب 50 مليار دولار وثلاثين عاما من العمل، ويعد بنفس أهمية النفط بالنسبة لليبيا.

ولفت التقرير، إلى إهمال احتياطيات هائلة من المياه الجوفية عالية الجودة تقدر بـ35 ألف كيلومتر مكعب من المياه العذبة تحت الأرض، تم اكتشافها أيام الملك إدريس السنوسي خلال حملة للبحث عن رواسب نفط خام جديدة في عمق جنوب الصحراء الليبية.

وأشار إلى أنه بعد عشر سنوات من “ثورة الفاتح”، عُهدت بدراسة جدوى إلى شركة أمريكية تسمى “كيلوج براون & روت أوف هيوستن”، لاستغلال هذا الكنز، موضحا أنه في أكتوبر 1983م، تم إنشاء هيئة النهر الصناعي الكبرى، وإطلاق مشروع النهر الصناعي رسميًا، وهو مشروع حفر الآبار، وبناء خطوط الأنابيب “مدفونة تحت رمال الصحراء لمنع التبخر”، وبناء محطات ضخ للسماح بمرور المياه، التي تتدفق في مسار مسطح وتربط كل شيء بشبكة المياه الموجودة على الساحل الليبي.

وذكر التقرير، أن الأنابيب التي يبلغ قطرها أربعة أمتار والمصنوعة من الخرسانة، تغطي مسافة أربعة آلاف كيلومتر، تم إنتاج جميع المواد محليًا في مصنع بالقرب من البريقة بواسطة شركة كورية جنوبية، لكن تبين أن النهر الجوفي يمثل مشكلة كبيرة، لأن تكلفة المتر المكعب من الماء تبلغ 35 سنتًا للدولار، بينما يتطلب الحصول على متر مكعب من المياه المحلاة 3 دولارات.

وقدر الخبراء أن كمية المياه التي سيتم استغلالها تعادل 200 عام على الأقل من تدفق نهر النيل، رغم أن احتياطيات أحواض الكفرة وسرت وحمادة ومرزق لن تكون أبدية. وكان حفل التنصيب بمثابة انتصار شخصي للعقيد معمر القذافي الذي اختار ذكرى ثورة الفاتح، إذ قال إن النهر العظيم من صنع الإنسان هو الأعجوبة الثامنة في العالم.

وأضاف التقرير أن “الاحتفال حضره العديد من رؤساء الدول العربية في السلطة عام 1996م، مثل المصري السابق حسني مبارك، والملك الراحل الحسن الثاني ملك المغرب، ورئيس السودان المخلوع عمر البشير، ورئيس جيبوتي حسن جوليد، حيث وجه القذافي خطابه لمبارك على وجه التحديد بدعوته لتشجيع هجرة آلاف المزارعين المصريين إلى ليبيا للعمل بالمزارع على طول الساحل.

ووفقا للتقرير، أشارت التقديرات، إلى أن الشركة الكورية وظفت حوالي 15 ألف عامل لتنفيذ العمل، الذي اكتمل على عدة مراحل، حيث يمتد أول خط من مرزق إلى طرابلس بطول حوالي ألف كيلومتر، وافتتح في عام 1996م، كما تم حفر ثلاثة آلاف كيلومتر أخرى من الخنادق في الرمال، ومد مواسير المياه على طول الساحل لربط طرابلس ببنغازي.

وأكد التقرير، أن مشروع النهر الصناعي، لم يكتمل حتى اليوم، لكنه يمثل بالفعل أكبر عمل ضخم من نوعه تم بناؤه في العالم، لاسيما أنه ينقل حوالي مليوني متر مكعب من المياه يوميًا، حيث تم استخدام 400 حفار أمريكي ضخم لحفر الخنادق في الرمال، وكذلك الشاحنات المستخدمة لنقل أقسام الأنابيب الخرسانية التي تم بناؤها في مصنع البريقة في قوافل طويلة على المسارات الصحراوية.

وأفاد بأن المشروع واجه خطر السقوط بسبب العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، بعد أن وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا إلى حافة الهاوية، لكن سلمت الشركة الأمريكية عملها، كما لم تلتزم أوروبا بالعقوبات الأمريكية باستثناء بيع الأسلحة.

واسترسل التقرير بأن العلاقات التجارية مع ليبيا كانت قوية للغاية بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية، بما فيها إيطاليا، لكن خلال فترة بناء “النهر الصناعي العظيم”، افترض خبراء من وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية أن القناة العملاقة يمكن أن تخفي نظامًا من الأنفاق التي يمكن استخدامها أيضًا لأغراض عسكرية، وفقا للتقرير.

وبحسب التقرير، كانت الأنابيب التي يبلغ قطرها أربعة أمتار كافية للسماح للرجال والمركبات بالمرور من جزء من البلاد إلى آخر باتجاه تونس ومصر وتشاد والسودان، وبالإضافة إلى حجمها الكبير، كانت الأنابيب المستخدمة في العمل عبارة عن بناء خزانات كبيرة تحت الأرض بحوالي عشرين مترًا في عشرين مترًا كل 50، أو 60 كيلومترًا من مسار خط الأنابيب.

وختم التقرير، بالتأكيد على أن هذه غرف ضغط لتنظيم تدفق المياه في خط الأنابيب الكبير، لكن وفقًا للمخابرات الأمريكية، يمكن أن تكون أيضًا مناطق لإيقاف الجنود وإراحتهم أثناء العبور، كما أن مسار أحد خطوط الأنابيب تحت الأرض كان قريبا جدًا من جبل ترهونة، حيث بنى القذافي، أهم مصنع لبناء الأسلحة الكيماوية والبكتريولوجية، حسبما قالت المخابرات الأمريكية نفسها.

———–

ليبيا برس

العقيد معمر القذافيالنهر الصناعيليبيا