المعهد الأمريكي للسلام: انتخابات 24 ديسمبر ستكون هي الحاسمة، لإنهاء عقد من الفوضى والحرب في ليبيا
وصف المعهد الأمريكي للسلام، المصالحة السياسية والعدالة الانتقالية بأنهما عنصران أسياسيان لضمان رؤية جديدة ومستقبل مشترك مشرق في ليبيا.
وأوضح المعهد الأمريكي للسلام في تقرير مطول منشور عبر موقعه الرسمي أنه بعد عقد من الحرب والانقسام، أحرزت ليبيا تقدمًا نحو السلام هذا العام، وفي مارس، تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة لتوحيد الفرقاء المتحاربين، ووصفها التقرير بأنها هيئة مؤقتة تهدف إلى قيادة البلاد إلى انتخابات 24 ديسمبر، التي تأخرت طويلاً.
ولفت إلى أنه تم إحراز بعض التقدم – تم توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار وتوحيد السلطة التنفيذية، ولكن لا تزال هناك العديد من التحديات، ومن أهم هذه التحديات وضع إطار للمصالحة الوطنية والتصدي للدور المزعزع للاستقرار للقوى الأجنبية.
ورصد التقرير مجموعة من لقاءات كاتبي التقرير المحللين نيت ويلسون وإيلي أبوعون مع السلطات الحكومية والمجتمع المدني في ليبيا ما بين طرابلس وبنغازي، مناقشين أداء حكومة الوحدة المؤقتة، وكيف يمكن أن يؤثر التنوع في ليبيا على الصراع.
وقال ويلسون إنه يُنظر إلى الانتخابات المقررة في ديسمبر على أنها حاسمة، لإنهاء عقد من الفوضى والحرب في البلاد، وعلاوة على ذلك، يظل استكمال توحيد المؤسسات الوطنية عبر الانقسام بين الشرق والغرب أولوية قصوى.
ولفت إلى أنه بدأ هذا في بعض الحالات، وبينما كان إلى حد كبير خطوة إيجابية إلى الأمام، يبدو أن التوحيد الرمزي في بعض الأحيان لم يقابل بالتكامل الإداري المصاحب، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال، لم يتم شغل بعض المناصب الرئيسية في فرع بنغازي بوزارة العدل، مما تسبب في عدم القدرة على تلقي واستخدام التمويل لعدم وجود سلطة للقيام بذلك.
وتحدث عن أن لجنة المجتمع المدني، من بين أمور أخرى، عن تسجيل وترخيص عمل المنظمات الدولية والمحلية، تلعب دورًا رئيسيًا في دعم عمل هذه المنظمات على أرض الواقع، ومع ذلك، لا يزال هناك انقسام إداري بين الهيئة الرسمية في الشرق والهيئة الموازية التي تم تشكيلها في الغرب، والتي حاولت مؤخرًا وضع قيود مرهقة على كيفية عمل المجتمع المدني.
ووصف ويلسون أن منظمات المجتمع المدني لا تعتبر مهمة للقطاعات المختلفة بحسب، بل هي من المفترض أن تتحدى الحكومة، وأن تمثل جزءا من مجتمع يدعم الحريات الأساسية، ولكن التحديات الإدارية تعيق هذا الاحتمال.
وألمح إلى أن أحدث مظهر من مظاهر الجدل الدائر حول المركزية مقابل اللامركزية في ليبيا، ووصفها بأنها قضية معقدة، لها جذور في مناطق ليبيا التاريخية الثلاث وهي برقة وطرابلس وفزان، خاصة مع وجود مقر الحكومة وأغلبية المؤسسات الوطنية في الغرب، تعتبر المناطق الأخرى مهمشة.
وذكر ويلسون أنه بالإضافة إلى ذلك، أصبحت المصالحة قضية بارزة أكثر فأكثر، حيث شكلت حكومة الوحدة المؤقتة لجنة لتنفيذ ”مصالحة وطنية شاملة”، وكان هذا موضوعًا في مؤتمر برلين الثاني، الذي انعقد في 23 يونيو.
وأضاف بقوله “في حين أنه مسعى قيم، فمن الواضح أن هذه الحقيبة هي نقطة خلاف بين مختلف الهيئات الحكومية والمناطق، كما أنه لا توجد فكرة واضحة عن ماهية المصالحة وإلى أين ستقود الشارع، فمن الناحية المثالية، يجب أن تمس المصالحة أكثر من السياسة، لتشمل مسائل العدالة الانتقالية وكيفية وضع رؤية جديدة لمستقبل مشترك، وهي نقطة شدد عليها شركاء المجتمع المدني كأولوية.
وتطرق ويلسون، بحديثه عن حكومة الدبيبة بأنه تم الترحيب بالحكومة بآمال كبيرة، لكن السياق الذي تعمل فيه يمثل تحديًا كبيرًا، ولكنها حددت في أول 3 أشهر أولويات عديدة، مثل المصالحة، ولكن لا يمكن تنفيذها كلها قبل انتخابات ديسمبر.
وواصل بقوله “علاوة على ذلك، أضاف التدخل العسكري الأجنبي في الصراع الليبي طبقات من التعقيد، في حين أن إزالة القوات الأجنبية يمثل أولوية، فإن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ليست مجهزة للتعامل مع هذا بنفسها، ولا تزال هناك أسئلة أساسية حول من يسيطر على القوات المسلحة”.
واستدرك قائلاً: “علاوة على ذلك، فهي بحاجة إلى إحراز تقدم جوهري إضافي في توحيد المؤسسات، ولتحقيق هذه الغاية، تم إحراز تقدم في توحيد مصرف ليبيا المركزي، وأحد الأسباب التي لم يتم تقديرها بشكل كافٍ، والتي تمكنت حكومة الوحدة المؤقتة من تشكيلها على الإطلاق هو أن الحكومة الوطنية، ستتحمل ديون المؤسسات الحكومية الموازية في الشرق مقابل توقف تلك الهيئات عن استخدام مصادر الدخل البديلة، والاعتماد على مصرف ليبيا المركزي في طرابلس بدلاً من ذلك”.
وأكد أنه تم مؤخراً إجراء مراجعة تحت رعاية الأمم المتحدة، وتم تسليمها إلى رئيس وزراء حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة ومسؤولين آخرين، لتحفيز توحيد مصرف ليبيا المركزي، ولكن من غير المؤكد ما إذا كان هذا الزخم سيترجم إلى واقع حقيقي ومصرف موحد يعمل بشفافية.
وتحدث عن أنه يجب تعزيز شرعية حكومة الوحدة المؤقتة من خلال تقديم الخدمات لجميع المناطق الثلاث على قدم المساواة قدر الإمكان، وهذا مهم ليس فقط من الناحية الرمزية – ويجب أن يكون مصحوبًا بحملات عامة جدًا، ولكن أيضًا لأن الليبيين عانوا بعد سنوات من الحرب، حيث كانت البنية التحتية المتدهورة وأزمات السيولة ونقص الرعاية الصحية وغيرها من المشاكل شائعة في السنوات الأخيرة.
ولفت إلى أنه مع حلول فصل الصيف، من المرجح أن تستنزف انقطاع التيار الكهربائي طاقة الليبيين بالمعنى الحرفي والمجازي إلى جانب صبرهم مع الحكومة الجديدة، ويجب تقديم الخدمات مع ومن خلال المسؤولين المحليين للمساعدة في التوصل إلى نهج معقول للامركزية بين السلطات المركزية والإقليمية والمحلية، وسيساعد هذا في المضي قدمًا في عقد اجتماعي جديد يحتاج إلى التفاوض.
وذكر أن المهمة الأخرى التي يتعين على الحكومة القيام بها هي الانتخابات نفسها، حيث يعد هذا الهدف الرئيسي لإدارتها بحيث تكون حرة وعادلة، وحتى يرغب الناس في المشاركة ويكونوا قادرين على ذلك. تماشياً مع هذا، والتي يجب أن تكون خالية من كل أشكال العنف قدر الإمكان، لأن العنف سيقلل من شرعية أي نتائج.
وانتقل أبو عون للحديث عن المشهد الأمني، بقوله إن هناك تحديات أمنية متعددة في ليبيا في الوقت الحالي، وحلها يتطلب بالتأكيد أساسًا سياسيًا قويًا وشرعيًا.
ورصد أبوعون قائلا إنه أولاً وقبل كل شيء، من بين هذه التحديات وجود ودور نشط لعدد كبير من الجهات العسكرية الأجنبية المتواجدة في ليبيا للدفاع عن مصالح قوى إقليمية ودولية محددة، الأمر الذي يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق الاستقرار في ليبيا.
ولفت قائلاً: “مع ذلك، فإن هذه الجهات الفاعلة مرتبطة الآن بجماعات سياسية محلية، وتتطلب معالجة هذه القضية تمرينًا مكثفًا لبناء الثقة بين الليبيين أنفسهم”.
من ناحية أخرى، أكد أنه تعاني ليبيا أيضًا من انتشار مرتزقة مسلحين من غير الدول، وتبنى بعضهم أدوارًا شبه رسمية، وتعد القضية الرئيسية مع هذه الجماعات هي أنها تعمل خارج آلية القيادة والسيطرة للحكومة.
وأشار إلى أنه في العام الماضي أو نحو ذلك، روج الكثيرون لخطة نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج لحل مشكلة الجهات المسلحة غير الحكومية، وفي غياب إطار سياسي شرعي من شأنه معالجة الشواغل الأمنية لغالبية الليبيين، فإن مفهوم نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج غير ممكن في ليبيا.
واستدرك أبوعون قائلا “أخيرًا وليس آخرًا، هناك مسألة من يقود القوات المسلحة الليبية، والتي لا تزال قضية خلافية للغاية بين الشرق والغرب”، مشيرا إلى أنه لا يمكن النظر إلى القضايا الأمنية في ليبيا بمعزل عن التطورات السياسية ومستوى الثقة بين مختلف الأطراف الليبية، ويجب أن يسير المساران الأمني والسياسي جنبًا إلى جنب.
وانتقل أبوعون عن التنوع العرقي الليبي، بقوله إنه على الرغم من أن الليبيين هم في الأساس من أصول عربية وبربرية، إلا أن البلاد موطن لمجموعات أمازيغية غير عربية ومجموعات أخرى كلها منظمة على أساس عشرين قبيلة رئيسية.
وقال إنه مثل العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم تدير ليبيا تنوعها بشكل جيد، ففي ظل حكم العقيد معمر القذافي لفترة طويلة، أُجبر الليبيون على إنكار هذا التنوع والتركيز بدلاً من ذلك على الهوية الوطنية التي فرضها النظام نفسه، حيث أُجبروا على الاعتقاد بأن هويتهم العرقية أو اللغوية متنافية مع هويتهم كليبيين.
وتحدث عن أنه بعد عام 2011، واجهت المجموعات العرقية واللغوية نفس ممارسات الإقصاء من قبل أصحاب السلطة الجدد في طرابلس وبنغازي.
وأضاف بقوله “في أحسن الأحوال، تم استخدام هذه الجماعات، مثل الطوارق والتبوس، في المواجهة بين الشرق والغرب، وفي كثير من الحالات، تعرضوا للاضطهاد الجسدي والسياسي، وتنظر هذه المجموعات الآن إلى نافذة الفرص، التي أوجدها منتدى الحوار السياسي الليبي والانتخابات المقبلة في ديسمبر 2021 باعتبارها الفرصة الأخيرة لتكون جزءًا من مستقبل ليبيا”.
وأتم بقوله “لذلك من الضروري أن يشجع المجتمع الدولي ويدعم السلطات الليبية لتنفيذ إطار قائم على الحقوق من أجل الشمول السياسي والاجتماعي، ومن دون ذلك، ستستمر مظالم هذه المجموعات في النمو وستستمر شهية القوى الإقليمية والدولية لاستغلال هذه المظالم كأداة، مما يعيق جهود تحقيق الاستقرار”.
—–
ليبيا برس