الشريف الفرجاني: السراج وحفتر اعتمدا في حربهما على الميليشيات والمقاتلين الأجانب
قال أستاذ العلوم السياسيّة والدراسات العربيّة في جامعة ليون الثانية، ورئيس المجلس العلمي الأعلى لمعهد “تمبكتو”، المركز الأفريقي لدراسات السلام، محمد الشريف الفرجاني، إن قضية انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا مُعقدة بصورة كبيرة.
وأوضح الفرجاني في مقال بمجلة “جون أفريك” الفرنسية، أن هناك تحديًا كبيرًا يجب مواجهته في ليبيا والمتمثل في ضرورة وضع حد للتدخل الأجنبي، وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، على النحو المنصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار وقرارات مجلس الأمن الدولي.
وأوضح المحلل السياسي البارز أن قضية انسحاب المقاتلين الأجانب معقدة، خاصة أنه يتعين على المجتمع الدولي مسائلتهم عن الجرائم التي ارتكبوها أمام محاكم متخصصة.
ولفت إلى أن المشكلة الرئيسية التي يطرحها طلب الأمم المتحدة بسحب هؤلاء المرتزقة، تنبع من تعدد أوضاع المقاتلين والآثار القانونية التي قد تنجم عنها.
وتحدث عن أن وجود مرتزقة حقيقيين يستوفون المعايير، التي حددتها الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في 1989 لمعاقبة المرتزقة.
وذكر أن هناك أيضا جماعات جهادية لها دوافع أيديولوجية، وهذه الجماعات غير مشمولة بقوانين مكافحة الارتزاق، ولكن بالقوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتي لا يوجد تعريف قانوني مقبول لها من قبل الجميع، مؤكدا على أن هذه القوانين لا تطبق بنفس الطريقة من قبل جميع الدول على كل من يرتكب أعمالا إرهابية.
وأشار إلى أن السؤال الكبير الآخر يتعلق بمصير هؤلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب المدعوين لمغادرة ليبيا، وحول ما إذا كانت الدول التي جلبتهم ستقوم بمحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها، أم لا، وعن ضمانات المحاكمة إذا أعيدوا إلى بلدانهم الأصلية؟ وكيفية التأكد من أنهم لن يتم استدعاؤهم للقيام بنفس النوع من المهام الإجرامية في مكان آخر؟
وقال الفرجاني: “بعد عقد من الحرب الأهلية، هناك أمل في أن تتحرك ليبيا أخيرًا نحو السلام، وعلى مرأى ومسمع بعد التوقيع، في أكتوبر 2020، على هدنة من قبل الأطراف الرئيسية، وتنظيم انتخابات ديمقراطية قبل نهاية عام 2021، ومع ذلك، لا يزال هناك تحد كبير يجب مواجهته في هذا الصراع المتأثر بالسياق الدولي، في وضع حد للتدخل الأجنبي”.
وأضاف بقوله: “هذا يتطلب انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، على النحو المنصوص عليه في وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه برعاية الأمم المتحدة، وكما طالب مجلس الأمن”.
واستمر بقوله “خلال الثورة الليبية، أخذ المتمردون الصحافة لمقابلة السجناء الذين تم أسرهم أثناء القتال في بنغازي، كما اعتمدت الحكومتان المتنافستان لفائز السراج وخليفة حفتر على الميليشيات ومجموعات من المقاتلين الأجانب بما في ذلك المرتزقة، وتقدر الامم المتحدة عددهم بنحو 20 ألفا يأتون بشكل رئيسي من روسيا وتركيا وسوريا وتشاد والسودان”.
واستدرك: “وجودهم ليس رسميًا لكنه مؤكد من عدد من وسائل الإعلام والخبراء من مختلف الدول، وإذا بدأ المقاتلون السوريون المغادرة، وفقًا لمصادر دبلوماسية فرنسية، فإن الأمم المتحدة تعتبر الانسحابات المعلنة غير كافية لأن تركيا أرسلت في الأسابيع الأخيرة 380 مرتزقًا إضافيًا”.
ولفت إلى أن “مسألة رحيل المقاتلين الأجانب معقدة، فهناك تساؤلات عديدة، كم عددهم بالضبط؟ هل هم كلهم مرتزقة؟ كيف وإلى أي وجهات يجب إعادتهم؟ ماذا ينص القانون الدولي بشأنهم؟”.
وتطرق إلى أن المشكلة الرئيسية التي يطرحها طلب الأمم المتحدة تنبع من تعدد أوضاع المقاتلين والآثار القانونية التي قد تنجم عنها، قائلاً: “هكذا نجد مرتزقة حقيقيين يستوفون المعايير التي حددتها ”الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1989 لمعاقبة المرتزقة، فهم موجودون فقط لإنجاز المهمة التي يدفعون مقابلها ولا يهتمون بأهداف أولئك الذين يشترون خدماتهم أو أهداف خصومهم”.
وأتبع بقوله “هناك أيضًا تلك الجماعات الجهادية التي لا تملي مشاركتها إغراء الربح فقط، ولكن أيضًا من خلال الدوافع الأيديولوجية والتمسك بالأهداف السياسية للحزب الذي يقاتلون من أجله، ولا تخضع هذه الجماعات لقوانين مكافحة الارتزاق وإنما تخضع لقوانين مكافحة الإرهاب، والتي لا يوجد تعريف قانوني لها يقبله الجميع بالإضافة إلى ذلك ، فإن هذه القوانين لا تطبق بنفس الطريقة من قبل جميع الدول على كل من يرتكب أعمالا إرهابية”.
وواصل: “السؤال الآن يتمثل في أنه إذا أعيد المقاتلين الأجانب والمرتزقة إلى بلدانهم الأصلية، فهل هناك ضمانات بأنهم سيحاكمون على جرائمهم وكيف يمكننا التأكد من أنهم لن يتم استدعاؤهم للقيام بنفس النوع من المهام الإجرامية في مكان آخر؟”.
وذكر أنه إذا كان من المشروع من جانب السلطات الليبية إنهاء وجود هؤلاء المقاتلين في البلاد، فلن يكون من العدل تسليمهم إلى المحاكم الدولية، أو في حالة عدم وجودهم، إلى عدالة البلد الذي كانوا فيه.
وأتم بقوله “إذا كانوا قد ارتكبوا جرائمهم، بالمطالبة بشروط محاكمة عادلة تضمن لهم معاملة إنسانية تحترم حقوقهم، وتضمن عدم توجيههم إلى جبهات أخرى؟ في النهاية، هذا ما هو على المحك”.
——
ليبيا برس