رصد تقرير فرنسي كيف أن جوهرة الإمبراطورية الرومانية باتت مدفونة في قلب الفوضى الليبية، وباتت مهملة ومنبوذة من قبل السياح بسبب عقد من الحرب الأهلية.
ونشرت وكالة “فرانس برس” تقريرًا عن مدينة “لبدة الكبرى”، مؤكدًا أنها باتت موجودة من دون أي طوابير للزيارة، ولا يوجد فيها سوى عدد قليل من الزوار، وجميعهم من الليبيين تقريبًا، ويتجولون بين الآثار المهيبة في أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
ولفتت إلى أن “لبدة الكبرى”، موقع روماني سابق على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، وتعتبر زيارته بمثابة “رحلة في الزمن وغوص في التاريخ، بحسب ما قاله عبد السلام عيبة، الزائر الليبي الذي ناهز الستين عامًا، عند حديثه عن تلك المدينة التي أسسها الفينيقيون ثم غزاها الرومان، وكانت مسقط رأس سيبيموس سيفيروس الذي صعد ليصبح إمبراطورا رومانيا منذ عام 193 حتى عام 211.
ورصد التقرير عن أحد الزائرين القلائل، ويدعى إيهاب، من طرابلس، والذي قام برحلة طولها 120 كيلومترًا، ليُطلع أطفاله على موقع تاريخي زاره حينما كان طفلاً، قوله: “لبدة الكبرى مكان جميل، بل إنها أجمل موقع روماني خارج إيطالي، ومع ذلك فهو بالكاد مُكتشف”.
وذكر التقرير أن أعمال العنف التي اندلعت في أعقاب فبراير 2011، التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي، أثارت مخاوف بشأن الآثار القديمة، مما دفع وكالة الأمم المتحدة الثقافية اليونسكو إلى وضع لبدة الكبرى وأربعة مواقع ليبية أخرى على قائمة التراث العالمي المعرضة في خطر، ورغم ذلك نجت المناطق في الغالب من القتال الذي توقف إلى حد كبير منذ وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020.
ونقلت “فرانس برس” عن عز الدين الفقيه، رئيس دائرة الآثار بالموقع، قوله: “لم تحدث أي هجمات أو تهديدات مباشرة ضد لبدة الكبرى رغم الصراع”، إلا أن تهديدات أخرى تواجهها، مثل نقص الموارد والدعم الحكومي.
وأردف الفقيه قائلاً: “في عام 2020، تمكنا أخيرًا من إطلاق مشاريع كان من المفترض أن تنتهي قبل 50 عامًا”، مشيرًا إلى حاجتها إلى مرافق المراحيض والمكاتب والسياج المحيط.
واستمر بقوله: “لكن الحفريات الأثرية توقفت، وعمليات الصيانة متسارعة وسطحية”، معترفًا أنه بعد 10 سنوات من الصراع وانهيار الدولة، فإن حكومة الوحدة المؤقتة تواجه مشاكل أكبر للتعامل معها.
وذكر التقرير أنه لم يكن هناك سياحة تقريبا في عهد النظام السابق، حيث اعتمد بصورة كبيرة على الثروة النفطية الهائلة للبلاد، كما أدت العلاقات الخارجية المتوترة والعقوبات إلى زيادة المخاوف لدى الزوار الأجانب.
ووفق التقرير، بدأ العقيد معمر القذافي في إصدار التأشيرات السياحية لأول مرة في عام 2003، وأنشأ وزارة السياحة حيث بدأ في إصلاح العلاقات مع الغرب، مستدركًا بأن كل ذلك توقف في عام 2011، عندما أطاحت الثورة المدعومة من الناتو بالقذافي وقتلته، مما أدى إلى إغراق البلاد في سنوات من الفوضى.
ونقلت “فرانس برس” عن عمر حديدان، وهو مهندس مدني متطوع لتعزيز وصيانة لبدة الكبرى، إشادته بإمكانياتها السياحية، مشيرا إلى أن هذا الموقع الأثري لطالما أهملته الدولة.
ووافق الفقيه على ذلك بقوله: ”لا توجد حفريات ولا اكتشافات جديدة ولا حملة لتشجيع السياحة، لكن بلدة الكبرى أغلى من 10 آبار نفطية، حيث يمكن أن تكون مصدرا للدخل إذا تمت إدارتها بشكل صحيح”.
وأتم قائلاً: ”يمكن للبدة الكبرى أن تخلق آلاف الوظائف، وترحب بملايين السياح وتجلب مليارات الدولارات، فسيأتي يوم ينفد فيه النفط، لكن لبدة الكبرى ستبقى.”
———
ليبيا برس