رئيس أركان البحرية التركية السابق: نحمد الله أن العملية الانتخابية في ليبيا انهارت

وصف رئيس أركان القوات البحرية التركية السابق، ومدير مركز “بهجه تشهير” للدراسات البحرية، الأميرال جهاد يايجي، ليبيا بأنها مسرح للقوى العالمية والصراعات من أجل الهيمنة بسبب احتياطياتها النفطية الكبيرة وثرواتها الجوفية الأخرى، فضلاً عن موقعها الجيوسياسي الرئيسي في شمال أفريقيا.

ولفت، في مقال لموقع “الجزيرة مباشر”، إن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني والاقتصادي استمر منذ سقوط النظام السابق عام 2011، وحالت أجواء الانقسام السياسي والعنف التي تعاني منها ليبيا، دون إنشاء بنية تحتية مؤسسية شاملة للجميع وتوفير الاستقرار.

واعتبر أن الاتفاق السياسي الليبي، الذي تم توقيعه عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، فشل في خلق التأثير المتوقع والتطورات الإيجابية، وعجز عن تحقيق الشمولية السياسية والاستقرار في البلاد.

وأضاف أن الأمم المتحدة لم تكن فعّالة في ضمان السلام والاستقرار والأمن في ليبيا، ولم تسفر جميع البدائل التي قدمتها منذ عام 2015، والبرامج السياسية التي فرضتها القوى العالمية على الدولة الليبية عن نتيجة إيجابية في ليبيا.

ونوه بأن ليبيا شهدت حرباً داخلية عنيفة بين عامي 2019 و2020، إلى أن أُنشئت بيئة سلام وأمن واستقرار جزئي بدعم بلاده لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها.

واعتبر أن هذه البيئة السياسية تسببت تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر.

ورأى أن السبب الرئيسي وراء فشل العملية الانتخابية، أن الشعب الليبي ليس هو من حدد تاريخ العملية الانتخابية، وأن أكبر مخاوف الشعب الليبي هو احتمالية انتخاب ديكتاتور جديد، حيث يعتقد جزء كبير من الليبيين أن عملية الانتخابات والمواعيد التي يفرضها الغرب ستؤدي إلى خلق ديكتاتور جديد في ليبيا، بل إن هذا هو هدفها، بحسب قوله.

وألمح إلى أن القوى العالمية التي تحاول تقديم مصالحها الاقتصادية والسياسية والنفطية، لا تريد بناء ديمقراطية تكاملية في ليبيا، وأن الجهات الفاعلة مثل الولايات المتحدة وفرنسا تفرض سياسات تهدف إلى تعظيم مصالحها الخاصة في المنطقة، مؤكدا أن العملية الانتخابية الأخيرة هو أحد الأمثلة الصريحة على هذه الحقيقة.

واعتبر أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تدعم التطور الديمقراطي والحوار في المنطقة من الناحيتين المؤسسية والسياسية.

وقال إن تحديد موعد الانتخابات في 24 ديسمبر ليس قرارا اتخذه الليبيون، بل تم اتخاذه في اجتماع ملتقى الحوار السياسي بقيادة بعثة الأمم المتحدة، ما أدى إلى تحديد برنامج انتخابي خاطئ جداً، بحسب رأيه.

ولفت إلى أن مجلسي النواب والدولة لم يتوصلا إلى توافق في الآراء حول القانون الذي سيحدد البنية التحتية القانونية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مشيرا إلى أن  إجراء الانتخابات البرلمانية بعد شهر من الانتخابات الرئاسية قرار خطير للغاية، بحسب تعبيره، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

وأوضح أن البرلمان هو بنية تحتية ومؤسسة لصنع السياسات الحاضنة للجميع، وهو قوة من شأنها أن تضمن استقرار البيئة السياسية والاقتصادية والسلام في البلاد، ومن ثم إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، وبالتالي بناء التكامل السياسي، سيكون خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تغير واقع الانقسام والصراع في البلاد إلى بيئة الحوار.

ورجح أن يؤدي إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً إلى مخاطر مؤسسية واجتماعية على حد سواء، كما أن الانتخابات الرئاسية السابقة قد تلغي الانتخابات البرلمانية.

وأوضح أن الرئاسة بطبيعتها منصب فردي، في حين أن البرلمان هيكل مؤسسي وتعددي، وبعبارة أخرى، ومن ثم فإن بناء المؤسسة أولاً ثم اختيار المدير سيكون هو المنهجية الأصح، سواء من الناحية الديمقراطية أو من حيث الاستقرار، بحسب وصفه.

وقال إنه بالنظر إلى الخلافات والنزاعات في العملية الانتخابية المؤجلة سيتبين أنه لم يتم تحدد قواعد الانتخابات ولا من المعني بتطبيقها، كما لم تتم تسوية الخلافات المتعلقة بكفاية المرشحين، وكذلك لم يتم التغلب على الجو الاستقطابي الذي تغذيه القوى الأجنبية، وأيضا لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الممارسة السياسية الشمولية.

وخلص إلى أن هناك إذاً قضايا حساسة ما زالت لم تُحل بعد، ومن جهة أخرى، لم تمارس الأمم المتحدة دورها كما يجب، ولم تتمكن من لعب دور وقائي في الحرب الداخلية الليبية، بل أصبحت أداة بيد القوى العالمية لتوجيه السياسة في ليبيا.

وقال إنه بات واضحا أن العملية الانتخابية التي تفرضها القوى العالمية، تهدف إلى خلق ديكتاتور جديد في ليبيا، إذ وضعت الأمم المتحدة برنامجاً انتخابياً وتاريخاً انتخابياً يهمّش إرادة الشعب الليبي.

ورأى أن النتيجة الوحيدة التي سيصل إليها البرنامج الانتخابي والبرامج الانتخابية المماثلة هو أرضية غير ديمقراطية، مضيفا “وبحمد الله انهارت هذه العملية التي تطورت خارجاً عن إرادة الشعب الليبي، إذ يعتمد حل الخلاف العام والصراع في ليبيا على بناء برلمان قوي أولاً”.

وأكد أنه ينبغي إجراء الانتخابات الرئاسية بعد إنشاء برلمان يعكس إرادة الشعب الليبي، كما ينبغي منح المرشحين فرصة كي يُجروا حملاتهم الانتخابية لفترة طويلة، وأن على المرشحين أن يشرحوا للجمهور سياساتهم وخرائط طريق تخرج البلاد من تحدياتها في حملاتهم الانتخابية، والحصول بالتالي على دعم الجمهور.

وتطرق إلى القبائل في ليبيا، مؤكدا أن سلطتها وقوتها واقع لا يمكن إنكاره، ولذلك، فمن الضروري أن تضمن الانتخابات البرلمانية انسجام القبائل وتوازن القوى بشكل صحيح.

واختتم بالتأكيد على أن البرلمان الذي يضمن التمثيل العادل والمتوازن للقبائل سيبني الحوار في ليبيا، ويتمخض من المرشحين المؤهلين والديمقراطيين رئيسا، ما يعني ضرورة الاستجابة لمطالب للشعب الليبي ضمن الإطار الديمقراطي وبديناميات اجتماعية، مضيفا “علينا ألا ننسى أن ليبيا لليبيين”.

 

——–

ليبيا برس