الغويل: لا انتخابات هذا الصيف فآخر ما تحتاجه ليبيا والليبيون هو جدول زمني انتخابي

نفى الباحث السياسي حافظ الغويل، أن تأتي المرحلة التالية من سعي ليبيا، لإقامة دولة مدنية ذات سيادة، من دون التنازلات التي وصفها بـ”الهشة” والصفقات “المعقدة” بين مصالح متعارضة تمامًا، وليس بالذهاب لتلك الأسس المهتزة بإجراء الانتخابات، على حد تعبيره.

وأوضح الغويل في مقالة بصحيفة “عرب نيوز”، الناطقة باللغة الإنجليزية، أنه لم يكن الهدف الأساسي لمعظم الجهات الفاعلة مطلقًا هو السماح لليبيين بتقديم تفويض حاسم يجردهم من سلطتهم ونفوذهم ووصولهم المربح إلى الموارد والعائدات الليبية.

وأتبع بقوله: “الأسوأ من ذلك، في استمرار العديد من الجهات الفاعلة في استخدام قوة السلاح للإفلات من المسؤولية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والاتجار بالأشخاص والأسلحة والممنوعات”.

ومضى بقوله “أتاح التضمين غير المبرر للجهات الفاعلة الخبيثة في العملية الانتخابية فرصًا لعرقلة التقدم، زاعمًا أن مشاركتهم كانت دليلًا على رغبتهم أيضًا في المضي قدمًا في الانتخابات، ومع ذلك، فقبولهم بنتائج الانتخابات كان أمرًا مختلفًا تمامًا، ففي نهاية المطاف، سيقوم رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بوضع إعاقة تشريعية تسمح بترشح خليفة حفتر، وألبس إعاقته شكل القانون الانتخابي، موجهًا ضربة قاضية لأي آمال في أن تجري الانتخابات كما هو مخطط لها”.

واستدرك قائلاً: “بالنظر إلى الكيفية التي خرجت بها أحداث ملحمة الانتخابات عن السيطرة الشهر الماضي، من الضروري تجنب موعد نهائي آخر، وإذا كان الأمر غير واضح آنذاك، فينبغي أن يكون كذلك الآن، فإن مجرد اختيار تاريخ جزافي آخر للانتخابات دون معالجة المشاكل الأساسية قد يؤدي إلى تكرار الأحداث التي حطمت في نهاية المطاف آمال ما يقرب من 3 ملايين ناخب وأغرقت ليبيا في اليأس”.

وذكر أن آخر شيء تحتاجه ليبيا والليبيون هو جدول زمني انتخابي، لا يلتفت إلا قليلاً لما يجب أن يحدث الآن لجعل التصويت ممكنًا، ويخاطر أيضًا بإرسال ما يقرب من نصف السكان إلى صناديق الاقتراع دون خيارات موثوقة للاختيار من بينها أو الثقة في النتائج، وأنه سيتم احترامها، مع عدم وجود بنية تحتية أمنية.

وأسهب بقوله: “لا توجد ضمانات لنزاهة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولا توجد أنظمة حكم مناسبة لتنفيذ النتائج، أو حتى تسوية الخلافات الحتمية التي ستنشأ عنها”.

وأشار إلى أن المثير للدهشة أنه في أعقاب كارثة نهاية العام تلك، كانت هناك دعوات فورية لتأجيل التصويت لمدة شهر تقريبًا، وكان الأمر كما لو أن كومة المشاكل الانتخابية المتصاعدة ستختفي ببساطة ولن تخلق توترات جديدة مع اقتراب يوم 24 يناير.

وأردف بقوله: “لم يكن هناك، فحصًا عاجلاً للأخطاء التي حدثت، باستثناء التشويش المتبادل بين جميع الهيئات والشخصيات السياسية غير الشرعية والتي فقدت مصداقيتها الآن، حيث يحاول كل منهم إلقاء اللوم على ما حدث في ديسمبر، وفي غضون ذلك، استغل اللاعبون الخبيثون الفوضى الانتخابية لتعزيز مكاسبهم الأخيرة أو ترهيب المعارضة”.

وشدد على أن تجاوز صالح للإجراءات التشريعية لسن قانون انتخابي مثير للجدل مليء بالعيوب بهدف منع إجراء الانتخابات انتهى بتأخير لا مفر منه، مما أدى إلى بقائه كرئيس للبرلمان، مضيفا “لو جرت الانتخابات على أي حال لكانت وفق القواعد التي وضعها وهو نفسه مرشحاً”.

واستمر بقوله “هذا مجرد مثال واحد من العديد من الأمثلة على لماذا إجراء الانتخابات هذا العام، أو حتى بعد ذلك، لن يكون ممكنًا إلا بطريقة متناقضة تقريبًا – أي إذا تمكنت النخب السياسية الليبية من الاستمرار في التلاعب بالعملية لإطالة أمد قبضتها على السلطة”.

وحذر من أنه تحاول الجهات الفاعلة الأخرى وضع خارطة طريق جديدة للانتخابات في تاريخ تخيلي آخر في يونيو، بتوجيه من الأمم المتحدة، منوها إلى أنه “من منظور الأمم المتحدة، الانتخابات هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لمؤسسات الدولة من خلالها استعادة مصداقيتها وشرعيتها”.

وتطرق إلى أنه من المفارقات أن الأمم المتحدة نفسها تفتقر إلى هذه السمات نفسها، ووجهة نظرها معيبة لأنها تضع العربة أمام الحصان، فليبيا مجزأة لدرجة أن المكاسب المؤسسية المتصورة في جزء واحد من البلاد يتم تفسيرها على أنها خسارة في أجزاء أخرى، بحسب قوله.

واستبعد الغويل إجراء أي انتخابات هذا الصيف، خاصة في ظل قانون انتخابي مثير للجدل رفض مجلس النواب إلغائه أو تعديله، ويعكس اقتراح الانتخابات هذا الصيف رفضًا مثيرًا للغضب تقريبًا للاعتراف بنقاط الضعف الصارخة في العمليات الحالية والقوى الإجرامية التي تحتكر المسرح العام في ليبيا.

وطالب بأن تفسح المواعيد النهائية التعسفية المجال للمشاركة البناءة والظروف الصارمة التي تهدف إلى تحسين القدرات المؤسسية، والحفاظ على نزاهة تلك الأجزاء من القضاء الليبي المكلفة بحل النزاعات الانتخابية، مضيفا “على سبيل المثال، يجب على المجتمع الدولي ألا يؤيد أي خطوة لإسقاط الحكومة المؤقتة بينما تظل جزءًا لا يتجزأ من الحفاظ على عمل الدولة في ما قد يكون فترة طويلة من الاضطراب السياسي ، تقترب من تجدد الصراع”.

وحذر من أنه لسوء الحظ، فإن المؤشرات ليست واعدة بأن المجتمع الدولي حريص على التعلم من دروس الماضي القريب، وتصميم تدخلاته بشكل أفضل لدعم النتائج المستدامة التي لا تضر المواطن الليبي العادي.

ونوه إلى أنه حتى الآن، فإن أكثر التطورات إثارة للقلق، بالإضافة إلى المحاولات المؤسفة لإضفاء الشرعية على السفاحين، هو المنظور المتغير للوجود المستمر للمقاتلين والمرتزقة الأجانب، متابعا “تقترح الأمم المتحدة أن هذه الجماعات قد تكون ضرورية للحفاظ على وقف إطلاق النار، بدلاً من أن تكون تهديدات مدمرة للسيادة الليبية”.

وأكد أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الافتقار إلى الرغبة في التعامل مع نقاط الضعف المعروفة من خلال الإصرار ببساطة على خرائط طريق جديدة لن يؤدي إلى تسريع تحقيق تطلعات ليبيا الديمقراطية.

وأضاف: “بعد كل شيء، يبدو أن معظم الممثلين أكثر استعدادًا لتهميش أو تقويض إرادة الليبيين من خلال الوعد بالكثير ولكن بإنجاز القليل، إن وجد، وفي الوقت الحالي، وفي المستقبل القريب لليبيا، فإن التقدم الوحيد للخروج من المحاولات المحمومة لإعادة التصويت سيكون مجرد سراب متكرر، وسرعان ما تم محوه من قبل المصالح الزئبقية، والجهات الفاعلة التي استثمرت في إدامة الوضع الراهن”.

وأتم بقوله “إذا أجريت الانتخابات بطريقة سحرية في الأشهر القليلة المقبلة، فستكون النتيجة الوحيدة هي أن الليبيين سينتخبون ببساطة ديكتاتورهم التالي، الذي لن يتخلى عن السلطة مرة أخرى”.

 

———
ليبيا برس