الحاسي: حديث سلامة عن ظهور مليونير جديد في ليبيا كل يوم صحيح، لأن الفاسدين كانوا يخافون من القذافي وبعد رحيله فتحت بوابات الفساد

قال المترشح الرئاسي ورئيس وزراء حكومة الإنقاذ السابقة عمر الحاسي، إن العقيد معمر القذافي لم يكن لديه مشروع سياسي لإدارة ليبيا، وبعد أن حارب الملكية وشهّر بها في كل خطاباته، انتهى به الأمر إلى إعلان نفسه “ملك ملوك إفريقا”.

واعتبر، في مقابلة مع فضائية “ليبيا الأحرار” أن ما أسماها “الثورة” تعني تغيير نظرية الحكم، لا شخص الحاكم، مشيرا إلى أن جزءا من الليبيين مازال يؤمن بنظرية حكم العسكريين.

وذكر أنه قبل “الثورة” كان يفكر بها وكان لديه مشروع للدولة المدنية آمن به كثير من الأحرار في عدة مدن ممن كان يلتقي بهم.

واستدرك قائلا “لا تثق في ثورة يقودها منشق لأنها تقود إلى انتخاب المتلونين والفاسدين، وانتخاب المتلونين يعني أن السلاح يصبح في يد المجرمين، والمال عند اللصوص، والسلطة عند الخونة، وهذا ما حدث في ليبيا”.

ورأى أن ليبيا مازالت تعمل بالنظام القديم وتشريعاته التي سنها للسيطرة على منظومة حكم كاملة، بحسب قوله، مضيفا أنه في انتخابات 2012 كان ضد تولي سجين سابق السلطة التشريعية.

وأيد حديث المبعوث الأممي الأسبق غسان سلامة، عن ظهور مليونير جديد في ليبيا كل يوم، موضحا أن “الفاسدين كانوا يخافون من القذافي، وبعد رحيله فتحت أمامهم بوابات الفساد”.

واعتبر أن “الثورة” قامت لاسترداد الدولة بعد الاستبداد بها 42 عاما، مؤكدا أنها أخطأت لأنها لم تشتمل على الوعي بالمنهج الأخلاقي ومنهج الحرية واتجهت إلى الانتخابات، مضيفا “حولنا الثورة إلى مشروع إداري ومشروع انتخابات”.

وأردف “اكتشفنا عند بناء الدولة أن لدينا خلل سياسي واجتماعي واقتصادي وإعلامي، والخلل الأسوأ الذي اكتشفناه هو الخلل الديني والأخلاقي”.

وذكر أنه كان له عمل سياسي سري في التسعينات هو ومجموعة ممن وصفهم بالمؤمنين بالحرية، وكان السؤال الأهم الذي يشغلهم هو، متى تنتصر الثورة ولا تضيع، مستدركا “كنا ندرك أن الثورة لكي تنتصر لابد أن يكون لها مشروع أخلاقي وتقودها نخبة وطنية مخلصة”.

وأكد أن “الثورة” تنتصر حينما تترجم مشروعها إلى دستور يتبعه الناس، وتنتكس إذا كانت مجرد هياج عاطفي دون وعي فتتحول إلى فوضى مسلحة، ثم تنقلب إلى حالة ندم على الطاغية الأول، وتتحول إلى مجموعة انقلابات تخرج طاغية جديد، بحسب تعبيره.

ورأى أن الاستبداد الطويل في ليبيا كوّن طبقة آمنت به ودافعت عنه وقت “الثورة”، كما أن دخول المجتمع الدولي والبعثة الأممية سبب لفساد الثورة الليبية بتدخلهم السافر في الشأن الليبي.

وأشار إلى أن الحكومات الليبية بعد 2011 لم تأت بصندوق الانتخابات ولا حتى بصندوق الذخائر، وكان يتم إحضارهم وفق المزاج الدولي، فيما انهارت قيمة الدينار الليبي بعد أول حكومة وصاية، والدولار أصبح بـ9 دينارات.

وأضاف أن حكومات ما بعد 2011 لم يستطع ديوان المحاسبة أن يمسهم لأنهم أصبحوا فوق القانون، إضافة إلى أن أحد أسباب فشل الثورة هو غياب السلطة القضائية أو تآمر جزء منها.

وألمح إلى أن الدائرة الدستورية أُغلقت بمجرد وصول جماعة الصخيرات، وتمت بعلم وموافقة حكومة الوفاق المنتهية ولايتها برئاسة فايز السراج، وكذلك مجلسي النواب والدولة، وأن القضاء أيدهم.

وتابع بأن من أسباب فشل “الثورة” أيضا أن الكتلة الوطنية عاشت بعدها متفرقة، فيما لم يفهم الغرب الثورات العربية، وتناقضت مواقفه منها، حيث أيدها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بينما خلفه دونالد ترامب وقف مع الانقلابيين، وفي فرنسا بلد الحريات، أيد رئيسها الأسبق ساركوزي تلك الثورات بينما الرئيسان السابق والحالي أولاند وماكرون وقفوا مع الانقلابيين.

وبين أن نجاح الثورة يعتمد على المصالحة الوطنية، وأن السلطة الاجتماعية المكونة من حكماء ليبيا وأعيانها نالت حظا من النجاح بعد الثورة، لافتا إلى أن المكون الاجتماعي في ليبيا كانوا أكثر من وضع يده على الجرح وحقنوا الدماء.

واعتبر أن “الثورة” مازالت تنبض في طرابلس وما حولها، بينما في الشرق فكرة الانقلاب هي التي تهيمن.

وأكد أن الثورة لابد أن تقود التحول إلى المدنية، والتي تعني احترام الاختلاف وتقبل الآخر، مشددا على أن احترام التنوع مهم جدا لليبيا، مضيفا “ليس لدي مشكلة في قبول السبتمبريين والفبرايريين، بشرط ألا يكونوا تورطوا في الدماء أو الفساد المالي”.

ونادى بتأسيس نظرية سياسية إسلامية جديدة تقوم على ثوابت الإسلام في احترام قدسية الإنسان وقدسية المجتمع، مشيرا إلى أن هذه النظرية الإسلامية الجديدة يجب أن تحترم التنوع، لأن من أفسد الثورة الليبية والثورات العربية هم الإسلاميين.

وأعرب عن أسفه أن الثورة فُقدت حينما لجأت إلى الانتقام باغتيال عبد الحميد يونس.

وأكد أن ليبيا بها شباب رائع متواجدون في كثير من المدن، يقدمون تصورات لحل الأزمة الليبية وبناء الدولة المدنية، مطالبا الإعلام بضرورة التوصل مع الشارع والاستماع لكل الآراء.

ونوه بوجود مشكلة إدارية وبيروقراطية كبيرة في ليبيا واجهتهم عندما حاولوا تأسيس حزب سياسي.

ولفت إلى أن اليبيين يعرفون الآن أن ترتيب البيت الليبي يتم بإرادة دولية، مضيفا أنه تم إبعاد المسار الدستوري بطريقة مريبة، معتبرا أن الدستور هو أحد أعمدة البيت الأساسية، والذي يحدد شكل الدولة وثوابتها ووسيلة الانطلاق نحو المستقبل.

وأكد أن الانتخابت في ليبيا تعني تفكيك المؤسسات القائمة حاليا بالكامل وفقا لخريطة قادمة سواء تضمنت الاستفتاء على الدستور أو إقرار قاعدة دستورية للانتخابات، مشيرا إلى أن هناك غموضا في العملية السياسية حاليا، ومشددا على أن الدستور لابد أن يسبق الانتخابات.

واختتم بالتأكيد على أن ليبيا لديها فرصة لبناء المستقبل “بعيدا عن الحمقى الذين ارتكبوا سياسات خاطئة زادت المقابر والمجازر والسجون”، بحسب تعبيره.
—-
ليبيا برس