العربي الجديد: غضب مصري لإصرار تركيا على التمدد سياسيًا واقتصاديًا في شرق ليبيا

كشفت مصادر مصرية مطلعة، عن حالة من الغضب تنتاب قيادة الملف الليبي في مصر بسبب إصرار تركيا على التمدد سياسيًا واقتصاديًا في شرق ليبيا، على اعتبار أنها تعد منطقة نفوذ مصري، خاصة في ظل تجاوب كبير من جانب مكونات شرق ليبيا مع أنقرة.

وقالت المصادر، في تصريحات لموقع “العربي الجديد”، الممول من قطر، إن أجواء التوتر بين مصر وتركيا عادت على مستوى قنوات الاتصال غير المعلنة، نتيجة ما أسمته “توجهات أنقرة وانفتاحها على معسكر شرق ليبيا”، الذي ظلّت القاهرة تتمتع فيه بنفوذ واسع طيلة السنوات الأخيرة من الصراع الليبي.

وكشفت المصادر أن القاهرة “تلقت أخيراً رسائل سلبية من الإدارة الأمريكية بشأن الملف الليبي، متعلقة بربط تركيا إخراج المقاتلين السوريين التابعين لها في ليبيا، بإخراج روسيا قواتها ومرتزقة فاغنر المتمركزة في الشرق”.

وأوضحت أن “ما أزعج القاهرة هو ما استشعرته من تنسيق أمريكي تركي بشأن هذا الملف، ودعم واشنطن لتواجد القوات التركية والعناصر التابعة لها في ليبيا، بالوكالة عن الولايات المتحدة، لعدم ترك الساحة هناك لموسكو التي تضع الملف الليبي في إطار ملفات المناورة مع الإدارة الأمريكية”.

وأضافت أن “ما نقلته الإدارة الأمريكية أخيراً لمصر، هو أن أنقرة مستعدة لسحب المقاتلين التابعين لها، بالتزامن مع خروج المقاتلين التابعين لروسيا، وهو ما يعني استمرار الملف الليبي عقبة أمام اتخاذ خطوات جديدة بشأن تطوير العلاقات المصرية التركية”.

ولفتت إلى أن “الخطاب تغيّر تماماً أخيراً، فبعدما كانت الرسائل التركية والأمريكية، في وقت سابق، تحمل خطاباً توافقياً بشأن توفر الاستعداد لإخراج المرتزقة في أسرع وقت، عادت الأمور للتعقيد”، متابعة أن “الأسوأ هذه المرة، أن ذلك يتم بمباركة واشنطن التي توفر لها أنقرة فرصة جيّدة، بالإنابة عنها، في ملف المقاتلين الأجانب”.

وشددت المصادر على أن “الاحتياج الأمريكي لأنقرة حالياً، خفّض حجم تأثير ضغوط القاهرة بورقة شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية مع تركيا”، كاشفة أن “المسؤولين في اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، والتي يشرف عليها رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، وجّهوا دعوات لجميع الأطراف الليبية الفاعلة والمؤثرة في المنطقة الشرقية، لزيارة القاهرة والاجتماع بهم، في محاولة لتأكيد نفوذ مصر في الشرق الليبي، وكذلك تعطيل التمدد التركي في تلك المنطقة”.

وبحسب المصادر المصرية، فقد عقد السفير التركي لدى ليبيا، كنعان يلماز، في زيارته الأخيرة إلى مدينة بنغازي، والتي رافقته فيها كذلك عناصر استخبارية تركية، لقاءات موسعة مع عميد بلدية بنغازي صقر عمران بوجواري، وعدد من أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الشرقية، ووكيل وزارة الداخلية للشؤون الفنية، ومجموعة من رجال الأعمال، كما التقى السفير برئيس مجلس النواب عقيلة صالح في مدينة القبة.

وأشارت المصادر، إلى أن “تركيا تسعى لمزيد من الهيمنة على ليبيا بمباركة أمريكية، وبدلاً من تخفيض مستوى القلق المصري بشأن الملفات الليبية، تشرع في ترسيخ وجودها واتفاقياتها السابقة الموقعة مع حكومة الوفاق، والتي لا ترحب بها القاهرة”.

ولفتت المصادر إلى توسيع تركيا الاتفاقات في مجال التدريب العسكري للقوات الليبية، والتي كان آخرها توقيع اتفاق جديد بين القوات الجوية التركية والليبية في مجال التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات، وذلك خلال زيارة رئيس أركان القوات الجوية في القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، محمد السيفاو، إلى أنقرة قبل أيام.

ووفق المصادر، فإنه “في مقابل ذلك، تعطلت الكثير من التحركات المصرية؛ سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، بشأن تصحيح مسار العلاقات مع حكومة الوحدة الوطنية، في أعقاب قرار تأجيل الانتخابات، خاصة بعدما أبدت القاهرة موقفاً واضحاً بشأن المرشحين المفضلين لديها، والذين لم يكن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أحدهم”.

وختمت المصادر بالقول إن “قرار تأجيل الانتخابات وعدم تشكيل حكومة جديدة، مثّلا أزمة لمصر، التي تسعى جاهدة خلال الفترة الحالية لفرض تواجدها، سواء في غرب ليبيا أو شرقها، وهو بالطبع ما يصطدم بالتحركات التركية”، مؤكدة أن مصر “تسعى خلال الفترة القريبة المقبلة لإعادة فتح قنصليتها في بنغازي بشكل رسمي”.

———
ليبيا برس