العربي الجديد: مصر مهدت الأجواء الدولية لباشاغا وتعتبره الأفضل لتحقيق مصالحها في ليبيا

كشفت مصادر مصرية مقرّبة من اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي، عن تنسيق مصري فرنسي واسع مهد الأجواء الدولية لتسمية فتحي باشاغا رئيسًا للحكومة الجديدة، في الدوائر الأوروبية والأمريكية، وعرقلة تحركات تركية سعت لمنع تلك الخطوة أو على الأقل تأجيلها.

وقالت المصادر، في تصريحات لموقع “العربي الجديد”، الممول من قطر إن “باشاغا زار القاهرة مؤخرًا بصورة غير معلنة، والتقى رئيس جهاز المخابرات العامة عباس كامل، بحضور اللواء أيمن بديع، المسؤول البارز بالجهاز والرئيس التنفيذي للجنة المعنية بالملف الليبي”.

وأوضحت المصادر، أن “الزيارة التي استغرقت بضع ساعات، تناولت التحركات المصرية مع عدد من الأطراف الدولية فور الإعلان الرسمي عن تكليف باشاغا برئاسة الحكومة”، مؤكدة أنه في النهاية سيتم الاعتراف بإجراء مجلس النواب، حتى وإن قوبل الأمر بالرفض في البداية من جانب الدبيبة.

وكشفت أن “القاهرة سعت في تنسيق تلك الخطوة مع قادة مجموعات مسلحة في طرابلس تعمل تحت مظلة الحكومة، لتحييدها ومنع انضمامها للدبيبة في حال أصر على موقفه الرافض لخطوة مجلس النواب”، مضيفة أن باشاغا أبلغ القاهرة، عن إجرائه ترتيبات مع مكونات وازنة في مصراتة، التي تعد رقما ذا أهمية كبيرة في المعادلة الليبية.

وذكرت المصادر أن القاهرة أدت دورا في إقناع الجزائر بعدم معارضة خطوة رئاسة باشاغا في إطار تحرك مجلس النواب الليبي، مشددة على أن ذلك ساهم بدرجة كبيرة في تسريع الإعلان من جانب البرلمان.

وأشارت إلى الاتصال بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون قبل أيام، مؤكدة أن هذا الاتصال “أنهى كافة الأمور العالقة بشأن موقف الجزائر من تلك الخطوة”.

وأضافت أن “القاهرة بدأت تتفهّم أخيرًا وجهة النظر الجزائرية بالنسبة إلى ليبيا، والتي تميل إلى ضرورة إشراك القوى الإسلامية في الحكم، وهو ما كانت ترفضه مصر في السابق بإيعاز من حلفائها في الخليج العربي”، متابعة أن “السياسة المصرية تجاه ليبيا، منذ وصول السيسي إلى السلطة، لم تكن في الاتجاه الصحيح.

وأوضحت أن “مصر في السابق كانت متماهية مع الموقف الإماراتي في ما يتعلق بالشأن الليبي، لكن الوضع الآن اختلف”، مؤكدة أن “القاهرة تعوّل كثيرًا على التنسيق بينها وبين باشاغا خلال الفترة المقبلة لتحقيق توازن للنفوذ المصري مع نظيره التركي في ليبيا وفرض قواعد تعامل جديدة بين البلدين”.

وشددت على أن “تولي باشاغا رئاسة الحكومة لن يوقف جهود التهدئة وتطبيع العلاقات بين مصر وتركيا، ولكن ربما يعيد ترتيب ملفاتها”، قائلة إنه “على الرغم من تلقي النظام المصري خطوة اختيار باشاغا بارتياح كبير، إلا أنه في الوقت ذاته يدرس سيناريوهات أخرى للتعامل مع الموقف، لا سيما في ظل تأكيد المجتمع الدولي أن عبد الحميد الدبيبة لا يزال رئيس الوزراء المعترف به في ليبيا”.

وحول الموقف المصري، اعتبرت المصادر أنه “بينما كان موقف القاهرة في السابق، يميل إلى تأجيل الانتخابات الليبية، وخصوصا أنها لم تكن قد توصلت بعد إلى اتفاق مع الأطراف المعنية بالأزمة، تحديداً تركيا والجزائر، إلا أن موقفها قد تغير كثيراً الآن وأصبحت ترغب في إجراء الانتخابات، من أجل تثبيت حكومة جديدة، تسمح لها بالاستفادة من مسألة إعادة الإعمار، التي هي المكسب الوحيد لمصر في المفاوضات الخاصة بالأزمة الليبية مع الأطراف الدولية المتعددة.

وأضافت قائلة: “بالنسبة لحكومة الدبيبة، فإن الوضع الحالي من دون انتخابات هو الأفضل، لأن مجرد إجراءها وترشح شخصيات مثل خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي، حتى وإن لم يفز أي منهما، أو أي مرشح آخر ينتمي إلى شرق ليبيا، سيجعل من هؤلاء أندادا للحكومة في طرابلس، كما سيجعلهم منافسين سياسيين ومعارضين أقوياء للحكومة المركزية، وقادرين على تعطيل أية قرارات للحكومة”.

وأكدت المصادر، أنه “على الرغم من أن فتحي باشاغا، محسوب على غرب ليبيا، ويعتبر من الذين يتمتعون بعلاقات قوية مع تركيا أيضاً، إلا أنه الأفضل بالنسبة إلى مصر من الدبيبة، خصوصاً أن القاهرة تواصلت أكثر من مرة مع باشاغا، وتوصلت إلى اتفاقات مبدئية معه، تحقق مصالح لمصر، وعلى رأسها مسألة إعادة الإعمار”.

وأوضحت المصادر أن “اقتناع القاهرة أخيرًا بضرورة التفاهم مع تركيا والجزائر في ما يخص ليبيا، جاء بعد تفهّم للإصرار على دعم الأطراف الليبية الأخرى في الشرق مثل حفتر، الذي أعلن ترحيبه باختيار باشاغا رئيساً جديداً للحكومة، لن يحقق المصلحة المصرية”.

واعتبرت أنه “حتى لو سيطر حلفاء القاهرة على الشرق الليبي بالكامل بالإضافة إلى الجنوب، فستظل الحكومة في طرابلس هي المسيطرة على كل الثروات الليبية المتمثلة في النفط، ويمكن لها أن تمنع عوائده عن الشرق، بما لا يسمح للقاهرة بالاستفادة حتى من إعادة إعمار الشرق، الذي سيبقى بلا تمويل”.

وقالت المصادر، إنه “على الرغم من ارتياح القاهرة لخطوة تعيين باشاغا رئيساً للحكومة من قبل مجلس النواب، واعتبارها نصراً في تفاهماتها الأخيرة مع الجزائر وتركيا، إلا أن تعيينه سيضع ليبيا على شفا أزمة داخلية جديدة خطيرة، قد تتفجر في أي لحظة”.

ورأت أن هذه الخطوة “تنسف مخططات القاهرة بالنسبة لليبيا، المتمثلة في الاستفادة من إعادة الإعمار، لا سيما مع تضارب وجهات نظر أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حول القرارات التي أعلنها مجلس النواب، خلال جلسته الخميس الماضي.
——–
ليبيا برس