المونيتور: تجدد الصراع على السلطة في ليبيا وضع تركيا في موقف متناقض

أفاد موقع المونيتور الأمريكي بأن تجدد الصراع على السلطة في ليبيا أدى إلى وضع تركيا في موقف متناقض وقد يجبرها على مراجعة تحالفاتها، مبينا أن أحدث تطور سياسي في البلاد شهد تعاون خصوم أنقرة مع حلفائها للإطاحة برئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة.

وأشار الموقع في تقرير له، إلى تكليف مجلس النواب لفتحي باشاغا برئاسة الحكومة الجديدة، موضحًا أن الأخير كان حليفًا بارزًا لتركيا في عامي 2019 و2020، خلال فترة الحرب على طرابلس التي شنتها قوات عملية الكرامة بقيادة خليفة حفتر.

ولفت إلى دعم حفتر من قبل مصر وروسيا والإمارات، بينما قدمت أنقرة دعمًا عسكريًا لحكومة الوفاق المنتهية ولايتها لكسر الحصار، متطرقًا إلى العملية السياسية التي تلت الحرب برعاية الأمم المتحدة، والتي اتفقت فيها الأطراف المتحاربة على تشكيل سلطة جديدة مؤقتة، حيث انخرط باشاغا في حوار مع مصر وفرنسا والولايات المتحدة، متجاهلًا صورته “كرجل تركيا”.

وأوضح التقرير أن باشاغا كان معارضًا صريحًا لترشيح الدبيبة للرئاسة خلال الاستعدادات للانتخابات التي لم تجر، مبينا أنه في النهاية، تحالف مع حفتر وعقيلة صالح، لتكليفه برئاسة الحكومة الجديدة، متوقعًا أن تضر مكائد باشاغا بمصداقيته في نظر تركيا، لكن الأخيرة امتنعت عن أي رد فعل صريح.

وذكر أنه بالاعتماد على دعم تركيا والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، تحدى الدبيبة قرارات البرلمان، بحجة أن الإدارة الموازية ستعرقل الجهود المبذولة لتوحيد ليبيا، وتعهد بتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة فقط وسعى إلى إبقاء القوات العسكرية في طرابلس إلى جانبه.

وأضاف التقرير أن النائب الأول لرئيس البرلمان فوزي النويري، الذي يبدو أنه متحالف مع أنقرة، عقد اجتماعاً مع 40 برلمانياً في طرابلس يوم 7 فبراير في محاولة لتشكيل كتلة ضد صالح، كما قدمت العديد من الجماعات المدنية الدعم إلى الدبيبة.

وذكر أن الفاعلين الدوليين الذين يؤيدون الآن بقاء الدبيبة حتى الانتخابات قد يتغيرون في مواجهة التطورات على الأرض، مُعتبرًا أن العامل الرئيسي الآخر سيكون القوات العسكرية والمليشيات في طرابلس.

وتوقع أن تتسبب القوات التي تدفع رواتبها حكومة الدبيبة وبعض المليشيات المتنافسة في مشاكل لباشاغا، وقد يتسبب الموالون له في طرابلس ومصراتة في مشاكل للدبيبة، مشيرًا إلى ما يزعمه البعض بأنه لا يمكن لأي رئيس وزراء أن يدير الحكومة من طرابلس دون مباركة تركيا.

ورأى أن تعنت الدبيبة سيؤدي إلى إدارة موازية وإعادة إشعال الصراع المسلح، لاسيما أن مصراتة -ألد خصوم صالح وحفتر- ليست متجانسة، لافتا إلى ما يتردد حول إبرام أحمد معيتيق أحد الشخصيات البارزة بمصراتة، صفقة مع حفتر وصالح للانسحاب من المنافسة على رئاسة الحكومة لصالح باشاغا.

وذكر تقرير المونيتور: “أدركت أنقرة بالفعل أن معسكر طرابلس مصراتة أصبح غير مستقر للغاية بحيث لا يمكن الاعتماد عليه”، مضيفا: “كان النقد الرئيسي الذي واجهته أنقرة بشأن ليبيا في الداخل هو أنها أصبحت طرفًا في الحرب ووضعت كل بيضها في سلة واحدة، مما يعرض المصالح الوطنية للخطر”.

ولفت إلى فشل أنقرة في ضمان الاتفاقيتين بشأن التعاون العسكري والحدود البحرية التي وقعتها مع حكومة السراج، مبينًا أن صالح، الذي رفض مصادقة البرلمان على الاتفاقيتين، هو الآن في طليعة التحرك لتشكيل حكومة جديدة، ولم تعد طرابلس مكانًا يمكن لتركيا أن تؤثر فيه على مجرى الأحداث.

وبين أن رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري، المقرب من أنقرة، قد يعيد تعديل موقفه أيضًا؛ ففي حديثه بعد اجتماع سري مع صالح في المغرب، حذر من أن أي حكومة جديدة يتم تشكيلها من جانب واحد من قبل مجلس النواب ستكون “ميتة” وغير قادرة على العمل في طرابلس، لكنه أضاف: “اتفقنا من حيث المبدأ على استبدال الحكومة رغم أن ذلك ليس من أولوياتنا”.

وتطرق التقرير إلى تصريحات الدبيبة التي قال فيها إن التعطش لـ”السلطة والمال” يقود تحالفًا بين العسكر وجماعة الإخوان المسلمين، موضحا أنه في 8 فبراير، شارك الدبيبة مع القادة الأتراك في حفل تخرج عسكري بطرابلس، مما يعطي الانطباع بأنه يحتفظ بدعم تركيا.

وأشار إلى سعي الدبيبة للحصول على الدعم في رحلة سرية إلى القاهرة، لكن ورد أنه عاد خالي الوفاض؛ فبحسب موقع “أفريكا إنتليجنس” الاستخباراتي الفرنسي، التقى الدبيبة بنظيره المصري، لكن طلباته للقاء وزير الخارجية ورئيس المخابرات ظلت دون إجابة.

وأضاف التقرير أنه بعد يوم من إعطاء الضوء الأخضر لتغيير الحكومة، أجرى المشري محادثات مع وزير الخارجية التركي مولوود جاويش أوغلو، في إشارة محتملة إلى أن أنقرة مرنة بشأن خيارات الحكومة.

وأكد أنه وسط المتغيرات التي تجري في ليبيا، أصبح الحوار مع المعسكر الشرقي أمرًا لا مفر منه لأنقرة، حيث التقى سفير تركيا في طرابلس مع صالح في القبة يوم 19 يناير الماضي، ثم زار بنغازي برفقة أعضاء من مجموعات الأعمال التركية الليبية.

ولفت التقرير إلى زيارة وفد برلماني ليبي بقيادة النويري أنقرة في ديسمبر الماضي، والتقى بالرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس البرلمان مصطفى سينتوب، واتفق الجانبان على تشكيل مجموعة صداقة برلمانية.

ورأى التقرير أن إن ذوبان الجليد بين أنقرة وشرق ليبيا مهم من حيث معالجة الانقسامات الليبية وتوسيع غرفة المناورة لأنقرة في ليبيا ما بعد الحرب، مشيرا إلى سعي تركيا إلى إنقاذ العلاقات الاقتصادية مع الشرق، بما في ذلك مشاريع البناء التي الكثيرة في بنغازي.

———
ليبيا برس