العربي الجديد: 11 عامًا من الاضطرابات الليبية تسببت في تعطيل إجباري لمعدلات النمو وتراجع الصّادرات النفطيّة وتهاوي الإيرادات

رصدت صحيفة “العربي الجديد” الممولة من قطر، ردود أفعال الليبيين وأوضاعهم الاقتصادية بعد مرور 11 عاما على ثورة 17 فبراير، مؤكدة أن الليبيين يعانون من الانقسامات ويبحثون عن لقمة العيش.

وقالت الصحفية، في تقرير لها، إن “الاضطرابات المتواصلة في ليبيا منذ 11 عاماً أفضت إلى ضربات متلاحقة للوضع الاقتصادي”، مشيرة إلى أن استمرار الانقسامات والصراعات على مؤسّسات الدّولة، أدى إلى تعطيل إجباري لمعدلات النمو وتراجع الصّادرات النفطيّة وتهاوي الإيرادات.

وأضافت أن كل ذلك تسبب في تفاقم الغلاء والفقر والبطالة والفساد، وتزايد الأعباء المالية على الأسر الليبية، مؤكدة أن الشغل الشاغل لهذه الأسر أصبح الحصول على لقمة العيش والاستقرار.

وأشار التقرير إلى إحصائيات سابقة للمؤسسة الوطنية للنفط، والتي ناهزت خسائر الإنتاج والبنى التحتية للنفط والفرص الضائعة على الدولة الليبية بسبب الإقفالات للحقول والموانئ 231 مليار دولار خلال التسع سنوات التي أعقبت اندلاع الثورة.

كما أشار إلى تحذير ديوان المحاسبة، من تهاوي احتياطيات ليبيا من النقد الأجنبي، مع تراجعها إلى 38.37 مليار دولار بنهاية عام 2020، مقارنة بـ 44.9 مليار دولار عام 2019.

وذكر أن احتياطيات ليبيا بدأت بالتراجع منذ 11 سنة، إذ كانت تبلغ 134 مليار دولار عام 2010، مؤكدة أن مصرف ليبيا المركزي قال إن إجمالي الإنفاق خلال العام الماضي وصل إلى 85.8 مليار دينار، وهو أقل من الاعتماد المخصص والمقدر بـ 86.1 مليار دينار.

ونقلت الصحيفة عن خرّيج كلية الهندسة قسم مواد ومعادن، علي دعّاس، قوله إنه “تخرج سنة 2012 ولم يتحصّل على فرصة عمل إلّا في سنة 2018 كموظّف إداريّ في قطاع الشّؤون الاجتماعيّة”.

وأضاف دعّاس أنّه “كان يطمح لاستكمال دراسته في مجال تخصّصه أو الحصول على فرصة عمل جيّدة ولكنّه صدم بالواقع حيث يعمل موظّفا إداريّا أوّل النّهار وفنّيّ كهرباء خارج الدّوام الرّسميّ لخدمة المنازل من أجل توفير دخل ينفق به على نفسه وأسرته”.

في هذه الأثناء وصف موظّف بشركة الخدمات العامّة، مفتاح المريمي، الوضع الاقتصادي بالمتردي رغم أنه كان من المفترض أن يتغير للأفضل بعد ثورة 17 فبراير، وقال: “لكن الثورة المضادة هي التي عطلت عجلة التنمية، فالحروب والإقفالات غير القانونية للنفط كلها أسباب جعلت الإنفاق على الحرب وصناديق الذخيرة وليس التنمية”.

وقالت الصحيفة إنه في مقابل الشارع الغاضب من تدهور الأوضاع كانت هناك نظرة متفائلة عند البعض، إذ يرى سائق سيّارة الأجرة، سعد الغنيمي، أن “ليبيا أفضل حالا من ثورات الربيع العربي”، مضيفا أن “المحروقات مدعمة والدواء متوفّر للأمراض ولكنّ هناك سوء إدارة من قبل الحكومات”.

وأفاد الغنيمي، بأن الأوضاع ربما تتغير إذا تم إقرار دستور للبلاد وإجراء الانتخابات، مضيفا أن “الأزمات المعيشيّة كلها مفتعلة من قبل الطبقة السياسية الفاسدة”.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، محمّد أبو سنينة، إن هناك تراجعا في معدل النمو الاقتصادي الحقيقي باستثناء النفط، مشيرا إلى الدعم السلعي غير المرشد، وعبئه على الميزانيّة العامّة، وتهريب الوقود ونقص السّيولة لدى بعض المصارف وعجزها عن مواجهة طلبات المودعين لديها، وتكدس السيولة لدى بعض المصارف الأخرى بالإضافة إلى تراجع معدّلات الائتمان.

وأكد على مخاطر استمرار السّوق السّوداء للنّقد الأجنبيّ واللّجوء إليها لتلبية بعض الأغراض الشخصية والتجارية، مضيفا أن هناك استمرارا لحالة الانكماش الّتي يعاني منها الاقتصاد الوطني وضعف دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتوزيع الريع المتأتي من تصدير النفط والغاز، في شكل مرتبات وأجور، ودعم، ومصروفات للحكومة ومؤسّساتها.

ونقلت “العربي الجديد”، أيضا عن الباحث الاقتصاديّ وئام المصراتي، الذي أكد أن الليبيين يعجزون عن توفير احتياجاتهم المعيشية مع مرور أكثر من عقد على ثورة فبراير بسبب استمرار الفساد وطول فترات المراحل الانتقاليّة، مشيرا إلى تحميل ضرائب على النقد الأجنبي تدفع من جيوب الناس مع بقاء الحد الأدنى للأجور ثابتا.

وقال: “كيف يستقيم الحال وسعر الدّولار 4.48 دنانير ما يعني أنّ 60% من الشّعب اللّيبيّ يعيشون تحت خطّ الفقر، حسب متوسط الأجور الحالي، وبالتالي لم تحقّق الثورة أحد اهم أهدافها وهو العيش الكريم لأفراد الشّعب”.

———
ليبيا برس