الفطيسي: تركيا دعت الدبيبة وباشاغا للقاء يجمعهما في أنقرة للوصول لحل وسط وهناك وساطات داخلية أيضًا لحل الأزمة

كشف رئيس حزب العمل محمود الفطيسي، عن وجود وساطات داخلية وخارجية، لحل الأزمة الواقعة بين رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا.

وأوضح الفطيسي في تصريحات لموقع “عربي 21” الممول من قطر، أن مجلس أعيان وحكماء بلدية مصراتة يسعى في اتجاه هذه الوساطة، حيث اجتمع مع الدبيبة وباشاغا فعليًا، ويسعى حاليا لتقريب وجهات النظر بينهما.

وذكر كذلك أن تركيا وجهت دعوة للدبيبة وباشاغا بلقاء يجمعهما في أنقرة للوصول إلى حل وسط، مشيرا إلى الأزمة بأن المعادلة تظهر الآن بأن الدبيبة في وضع أقوى وأن الخاسر الوحيد والرئيسي من قرار مجلس النواب هو باشاغا، بسبب فقدانه الكثير من قاعدته الشعبية.

وقال الفطيسي: “تكليف باشاغا يندرج تحت باب المناكفات السياسية، بعد خسارة عقيلة صالح وفتحي باشاغا رهانهما السياسي في جنيف وشرعا في الترصد لحكومة الوحدة الوطنية، بوضع تاريخ 24 ديسمبر لإجراء الانتخابات”.

وأردف بقوله “عقيلة وباشاغا قررا إسقاط الحكومة إن لم تجرِ هذه الانتخابات في هذا الموعد، وبالفعل هذا ما حدث بكل أسف، وهو الأمر الذي قد يدخل البلاد في سلسلة جديدة من المناكفات والخلافات المحتدمة، وربما نرى خلال المرحلة المقبلة حكومتين، إحداهما في طرابلس، والأخرى في بنغازي أو في سرت، وهو ما يرفضه الشعب الليبي بالطبع”.

ومضى بقوله “الشعب الليبي الآن جاهز للانتخابات، ولا يحتاج إلى فترة انتقالية جديدة، فبالإمكان إقامة انتخابات مجلس نيابي جديد خلال 6 أشهر على الأكثر، ثم الاستفتاء على الدستور، ومن ثم ننتقل لمرحلة الاستقرار، وتنتهي الفترات الانتقالية التي لم تجلب لليبيين سوى الفساد والخراب”.

وتحدث كذلك عن وجود أهداف خفية حول هذا القرار، لافتا إلى أن “الظاهر، كما يرى البعض، أن هناك اتفاقًا بين الشرق الليبي وغربه، باعتبار فتحي باشاغا شخصية قوية في الغرب الليبي، وحفتر شخصية قوية في الشرق، ومن خلال التقارب بينهما يتم توحيد البلاد، لكن هناك من يرى أن باشاغا ربما يكون جسرًا لدخول حفتر إلى المنطقة الغربية، وهو ما ترفضه القوات العسكرية رفضا باتا، حتى في مصراتة نفسها”.

وشدد على أن مصراتة انقسمت حاليًا إلى أقلية مؤيدة لباشاغا، وأغلبية كبيرة جدًا رافضة له، مشيرًا إلى أن هذا “يعني عدم التأثير الكبير على موقف مصراتة أو المنطقة الغربية بشكل عام، والخاسر الوحيد والرئيسي من هذا القرار هو فتحي باشاغا، الذي خسر كثيرًا جدًا من قاعدته الشعبية”.

وتوقع الفطيسي أنه في ظل الأجواء الحالية التي تتزامن مع الاحتفال بذكرى 17 فبراير، فشل مخطط “عقيلة-باشاغا”، مُضيفًا “هناك اتفاق كبير داخل المنطقة الغربية على عدم قبول هذا السيناريو، مع استكمال حكومة الوحدة الوطنية عملها لمدة 6 أشهر حتى إجراء الانتخابات، والآن هناك مطالبات واسعة داخل جميع المدن الليبية بإسقاط مجلسي النواب والدولة، وقد رأينا مظاهرات في مدينة القبة ترفض استمرار مجلس النواب؛ فهناك حراك على استحياء داخل المنطقة الشرقية، ونراه بشكل أكبر في المنطقة الغربية ضد مجلسي النواب والدولة، يطالب بإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن”.

واستبعد أيضا احتمالية اللجوء للحل العسكري، معللا ذلك بأن الليبيين “سئموا الحرب، كما أن ميزان القوة لم يعد متكافئا، وميزان القوة الآن في صالح حكومة الوحدة الوطنية، وليس في صالح حكومة الاستقرار، كما يسمونها، وأيضا بسبب الوجود العسكري الأجنبي، والذي يعتبر صمام أمان لعدم اندلاع حرب بين الشرق والغرب”.

وتطرق للحديث عن موقف مجلس الدولة الاستشاري بقوله “مع الأسف مجلس الدولة تم جره إلى حتفه، فخالد المشري، الذي كان يحظى بشعبية كبيرة من أنصار 17 فبراير، لكن تحالفه مع عقيلة صالح خلال الأيام الأخيرة أفقده الكثير منها، وقد انقسم أعضاء المجلس حول القرارات الأخيرة بين التأييد والرفض، وأصبح المجلس الآن غير مرغوب فيه مثل مجلس النواب، وهناك مطالب كثيرة بإسقاطه؛ فقد سقط مجلس الدولة سقطة كبيرة ومروعة عندما فشل المشري في قراءة المشهد قراءة صحيحة”.

وعن سبب تحالف المشري مع عقيلة، قال الفطيسي: “أعتقد أن السبب هو الرغبة في الاستمرار في السلطة؛ فكلاهما مستفيد من خارطة الطريق التي عرضها مجلس النواب، والتي تقترح مد المرحلة الانتقالية 14 شهرا، والتي قد تستمر 14 عاما، وكأنهم يتلذذون بالسلطة على حساب الشعب الليبي”.

وعن التشكيك في نوايا باشاغا تجاه الحكم، قال: “لا أشك في نواياه، فهو أحد رجالات فبراير، وهو يحاول أن يجتهد، وأتمنى أن يعود إلى رشده، ويتبين حقيقة الأمر، لأن حفتر يريد الحكم فقط، ولا يريد بناء الوطن، والجميع الآن، حتى من بعض أنصار باشاغا، يطالب حفتر أن يخرج ويعلن للشعب اعتذاره عما اقترفه في حق البلاد من تدمير وغير ذلك، وهذا ما لن يحدث، وسيخسر باشاغا بسببه كثيرًا من شعبيته، وهناك بالفعل في مصراتة الآن مَن يصف باشاغا بالخيانة، ويطالب برحيله”.

وانتقل للحديث عن الموقف الدولي تجاه الأزمة، ذكر أن “مصر وفرنسا داعمان لباشاغا بقوة، باعتبار أن حفتر وباشاغا عسكريان وبإمكانهما توحيد البلاد من خلال توحيد قواتهما العسكرية، وهو ما يثلج صدر النظام المصري الذي يرغب في تولي حفتر لسلطة كبيرة في ليبيا، فإن لم يكن على رأس السلطة، يترأس على الأقل وزارة الدفاع”.

واستدرك بقوله “في المقابل نرى الإمارات، وقطر، وتركيا لديهم تحفظات على هذا المخطط، وربما تركيا تنظر للموضوع الآن بشكل براغماتي، نوعا ما بعد تقاربها الأخير مع الإمارات ومصر، والدول بشكل عام تتغير مواقفها حسب مصالحها، فإذا رأت أن باشاغا في موقف القوي سيناصرونه، وإذا رأوا غيره في موقف أقوى ساندوه، فالعالم يحرص على مصالحه ولا يهمه أسماء الأشخاص”.

ونوه إلى أن “المعادلة الآن تقول إن الدبيبة هو الأقوى، لكن ربما تتغير الموازين في وقت لاحق، وهناك وساطات تتحدث عن حل وسط بين الأطراف، لكن الدبيبة مُصر على عدم تسليم السلطة حتى شهر يونيو لحين إجراء الانتخابات، وإن كانت الانتخابات مطلبا دوليا إلا أن بعض الدول ترى أن إجراء الانتخابات أمر مستحيل خلال شهر يونيو، وترى في بقاء عقيلة صالح- باشاغا ضمانا لمصالحها”.

وأعرب عن اعتقاده أن الوضع سيبقى متأرجحا حتى شهر يونيو المقبل، والذي يُعتبر نهاية خارطة الطريق، وفي حال إجراء الانتخابات لن يكون هناك مبرر لوجود الدبيبة.

وأتم حديثه حول مدى نجاح الوساطات مرتبط بتخلي أي من الطرفين عن موقفه، قائلا: “الأزمة حاليا أن كليهما تمسك بموقفه حتى الآن، لكن قد تتغير الأمور بعد حين، وسيتنازل أحدهما عندما يشعر أنه سيخسر شعبيته، وعندها سيقرر أن يخرج بشكل مشرف على أن يخرج مهزوما”.
———–
ليبيا برس