الجزيرة القطرية: تواصل باشاغا مع الناتو في 2011 صنع له نفوذًا داخليًا

سلط موقع قناة “الجزيرة” القطري، في تقرير له، الضوء على تطورات الأوضاع في ليبيا، متطرقًا إلى مرحلة صعود فتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، وصولا إلى طموحه السياسي الذي قاده إلى الترشح لرئاسة الدولة في الانتخابات المجمدة.

وأفاد التقرير أن الأحداث الأخيرة عصفت بمسيرة رجل كان على النقيض مما هو عليه الآن قبل عشر سنوات، فالطموح السياسي وإغواء السلطة قلبا كل أوراق المعادلة في ليبيا، ورسما مسارًا جديدا للأحداث يختلف كليا عن كل ما اعتاد الليبيون سماعه من استقطاب بين الشرق والغرب.

وأضاف أنه كان يُنظر إلى فتحي باشاغا، حتى الأمس القريب بأنه الحاكم الفعلي للعاصمة طرابلس، وعرّاب الاتفاق التركي الليبي الذي غيَّر خريطة الصراع، والعقل المُدبِّر الذي أفشل هجوم خليفة حفتر على طرابلس، لافتا إلى منح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح شرعية قانونية لحكومة عدوه السابق باشاغا، فيما تعهَّد حفتر بالدفاع عن الأخير ضد أعدائهما المشتركين، بحسب التقرير.

وبيّن أن باشاغا، الضابط السابق في سلاح الطيران، وصاحب الكاريزما الغامضة، والوجه الهادئ ذو النظرات الحادة، كان أحد القادة العسكريين البارزين لمدينة مصراتة، وأحد أعضاء المجلس العسكري الذي لعب دورا بارزا في أحداث فبراير 2011 بتواصله مع حلف الناتو في خطوة صنعت له نفوذا داخليا.

وأوضح أنه كان من مؤسسي عملية “فجر ليبيا” التي كسرت طموح حفتر عدة مرات، بعد أن تشكَّلت بالأساس لمجابهة مشروعه العسكري في حرب متعددة الأبعاد حاول حفتر حصرها في صراع أيديولوجي علماني ضد تمكين التيارات الإسلامية التي وجدت لنفسها مكانا ذلك الوقت في كلٍّ من مصر وتونس واليمن، بحسب التقرير.

واستدرك بأن هذا التغيُّر في موقع باشاغا لم يأتِ بين ليلة وضحاها، بل سبقته بعض الدلالات على أن الضابط السابق المقرَّب من التيار الإسلامي ورجل الأعمال الثري قد بدأ شق طريقه ليكون الرجل الأقوى في الغرب الليبي، اتضحت معالم تلك الرؤية رويدا رويدا بعدما لعب دورًا في توقيع اتفاق “الصخيرات” سنة 2015.

وذكر أن باشاغا صعد على إثر هذا الاتفاق إلى منصب وزير الداخلية في حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، مستفيدا من نفوذه الواسع، وصيته الذي لا يُضاهى في أرض الفوضى التي تعج بالمليشيات وينضوي أقواها تحت لوائه مباشرة، ما سمح له بجعل طرابلس عصية على السقوط في يد حفتر الذي يقاسمه كل شيء تقريبا من حُلم السلطة والنفوذ إلى الصِّلات المفتوحة مع الغرب.

ورأى التقرير أن باشاغا مَثَّل رقما صعبا في معادلة الصراع الليبي، حتى تغيَّرت قواعد اللعبة عقب إزاحة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وتدخُّل الأمم المتحدة لترتيب السلطة، وإعادة تشكيل المشهد السياسي عبر وجوه جديدة، صعد على إثرها عبد الحميد الدبيبة لرئاسة الحكومة، ولم يحصل باشاغا على أي دور تنفيذي.

وأشار التقرير إلى تجريد حفتر من منصب وزير الدفاع رسميا، وإن احتفظ به فعليا عبر سيطرته العسكرية على الجزء الأكبر من ليبيا، كما بات عقيلة صالح، عرّاب حرب طرابلس الفعلي، مُهدَّدا بالخروج من المشهد السياسي برُمَّته، عقب محاولات النواب توحيد البرلمان المنقسم بين الشرق والغرب.

وأوضح أن هذه التغييرات دفعت الأطراف الخاسرة إلى إعادة تعريف تحالفاتها وعداواتها على نحو غير مسبوق، فأعاد أعداء الأمس تنظيم المشهد من جديد برعاية مصرية، وكانت البداية باستغلال البرلمان لفشل إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، التي كانت مُقرَّرة في 24 من ديسمبر الماضي، ليُقرِّر إقالة حكومة الدبيبة ووضع باشاغا على رأس حكومة جديدة.

وأكمل بأن عقيلة صالح وفَّر لحكومة باشاغا المظلة القانونية، ورحَّب بها حفتر، فيما تسبَّب هذا التغيير في انقسام جديد في ليبيا كانت ضحيته المنطقة الغربية، إذ باتت قوتها العسكرية الضاربة التي كانت تحميها من تربُّصات الشرق منقسمة على نفسها، ومُهدَّدة بالاقتتال فيما بينها، أما دولة ليبيا فيبدو أنها تسير بخُطى واثقة نحو دوامة تشكيل حكومتين متوازيتين من جديد.

——–
ليبيا برس

الجزيرة القطريةالناتوفتحي باشاغاليبيامجلس النواب