المونيتور: تركيا رتبت لقاء بين الدبيبة وباشاغا، خلال منتدى أنطاليا الدبلوماسي فلم يحضر سوى الدبيبة وغادر مسرعًا

ذكرت صحيفة “المونيتور” الأمريكية، أن تركيا تواجه خيارات صعبة في ليبيا ما لم يتم حل الصراع على السلطة بين حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة والحكومة الموازية برئاسة فتحي باشاغا، بما في ذلك التدخل العسكري إذا حاول الأخير دخول طرابلس بالقوة.

وأفادت الصحيفة في تقرير لها، بأن المواجهة بين باشاغا والدبيبة، تدفع تركيا للعب بشكل أكثر انفتاحًا وحزمًا في البلاد، مبينة أن أنقرة التي تحتفظ بقوات ومرتزقة في ليبيا، انزعجت من تحالف باشاغا مع خليفة حفتر، وعقيلة صالح رئيسة مجلس النواب، للإطاحة بحكومة الدبيبة المؤقتة.

وأوضح التقرير أن أنقرة عملت بشكل وثيق مع باشاغا خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية في حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، لكن بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن حكومة باشاغا تحت تأثير حفتر وصالح، اللذين عارضا بشدة الوجود العسكري التركي في ليبيا، قد تعني خسارة الضمانات التي يقدمها الدبيبة.

وأضاف التقرير أن أردوغان يبقي الباب مفتوحًا أمام باشاغا مع الحفاظ على دعم حكومة الدبيبة، مبينًا أن الوجود العسكري والاستخباراتي والدبلوماسي لتركيا في طرابلس، يؤثر على التوازن ويجعل الملعب أكثر أمانًا للدبيبة.

وذكر أنه بعد تشكيل حكومة الدبيبة تحت رعاية الأمم المتحدة العام الماضي، سعت تركيا إلى التواصل مع المنطقة الشرقية في محاولة لإذابة الجليد مع القوات التي حاربت حلفائها الليبيين، مستدركًا بأن سعي أنقرة لبداية جديدة مع الشرق تعثر باختيار مجلس النواب باشاغا لتشكيل حكومة جديدة على أساس أن ولاية الدبيبة انتهت في 24 ديسمبر مع فشل إجراء الانتخابات.

وتابع: “الآن، يعتقد الكثيرون أن مواقف الولايات المتحدة وتركيا ستكون حاسمة في تغيير موازين القوى فكان المعسكران الليبيان على شفا مواجهة مسلحة في 10 مارس عندما تحركت القوات الموالية لباشاغا من مصراتة باتجاه طرابلس لكن القوات الموالية للدبيبة أوقفتها”.

ولفت التقرير إلى ضغط السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند ومستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، على الجانبين للتركيز على إجراء الانتخابات من خلال تشكيل لجنة مشتركة بين مجلسي النواب والدولة.

وبحسب التقرير، قدمت تركيا وساطة بين الخصمين، حيث وافق باشاغا على العرض، لكن الدبيبة كان يخشى أن يرقى تدخل أنقرة إلى حد الاعتراف الضمني بحكومة باشاغا وبالتالي نهاية ولايته، ورفض العرض معربًا عن استعداده لاستخدام الوسائل العسكرية ضد باشاغا.

وأضاف التقرير أن تركيا حاولت ترتيب لقاء بين الدبيبة وباشاغا، خلال منتدى دبلوماسي دولي في مدينة أنطاليا الأسبوع الماضي، ولكن في النهاية لم يحضر سوى الدبيبة فقط، وكانت هناك تكهنات بأن الدبيبة يمكن أن يتنازل عن السلُطة لباشاغا بشرط أن يترشح للرئاسة في الانتخابات المرتقبة، وحين لم يحضر باشاغا سارع الدبيبة بمغادرة تركيا.

واقترح نورلاند، بحسب التقرير، صيغة وسطية بحيث تستمر حكومة الوحدة المؤقتة حتى الانتخابات مع إجراء تعديل وزاري في حكومته، وفي الوقت نفسه سيقدم الدبيبة ضمانًا مكتوبًا بأنه لن يترشح للرئاسة، فيما نفى شركاء باشاغا الخبر.

وأضافت “المونيتور” أنه يوم 12 مارس الجاري، أعلن نورلاند أن الطرفين مستعدان لإجراء محادثات بعد لقاء باشاغا في تونس، وقال إن شكل ومكان المحادثات سيقررهما الأطراف بأنفسهم بالتشاور مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين، وبحسب مصادر ليبية، فقد أصبح الدبيبة الآن يفضل الوساطة التركية وعاد احتمال إجراء محادثات في أنطاليا إلى جدول الأعمال.

ولفت التقرير إلى استقالة بعض الوزراء في حكومة الدبيبة، ما يشير إلى تقلب الوضع، مضيفا: “يبدو أن الكثيرين يستنتجون أن البساط ينزلق من تحت أقدام الدبيبة، معتبرين الدعم الدولي لمحادثاته مع باشاغا بمثابة اعتراف مستتر للأخير”.

وبين أن فشل باشاغا قد يثير شبح رفض قوات المنطقة الشرقية التعاون مع جهود ويليامز التي تركز على الانتخابات أو اتخاذ خطوات أخرى تتحدى الغرب، بما في ذلك حتى وقف إنتاج النفط، وسط جهود لتقليل الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة.

وذكر التقرير أن واشنطن تود تجنب أي اضطراب في تدفق النفط الليبي، حيث دفع الحظر المفروض على إنتاج النفط في اثنين من حقول النفط الرئيسية في ليبيا في وقت سابق من هذا الشهر الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى دعوات لإنهاء الإغلاق على الفور.

ورأت الصحيفة الأمريكية أن دعم باشاغا سيوفر لتركيا فرصة لتحقيق السلام مع شرق ليبيا، لكن أنقرة بحاجة إلى أن تخطو بحذر لأن قوات طرابلس ومصراتة التي دربتها وسلحتها لا تزال معادية بشدة لحفتر، علاوة على ذلك، يشترك حفتر وصالح المدعومان من مصر وروسيا، في هدف إخراج تركيا من ليبيا على الرغم من التنافس بين الاثنين.

وأوضحت الصحيفة أن اجتماع 9 مارس للجامعة العربية شهد إدانة أخرى لوجود تركيا في ليبيا، ما يدل على أن مصر تحتفظ بخطها الأحمر، مبينة أن التمحور إلى باشاغا ليس بالأمر السهل بالنسبة لتركيا لأنها لا تزال غير متأكدة من رد فعل الليبيين الغربيين وما سيفعله الليبيون الشرقيون في المستقبل.

ووفقًا للتقرير، وصف الباحث المتخصص في الشؤون الليبية جلال حرشاوي، وجود تركيا في شمال غرب ليبيا بأنه “مُترسخ للغاية”، ويتألف من أكثر من 700 مستشار وضابط، مضيفا: “بخلاف المواطنين الأتراك، فإن هناك أكثر من 3000 مرتزقة سوريين يمكن حشدهم في سياق عملية عسكرية إذا تدهور الوضع”.

وتابع قائلا: “كما شجع النهج الغامض لواشنطن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجهات الفاعلة الدولية الأخرى، الدبيبة على المقاومة، فحافظ على إمكانية الوصول إلى الموارد المالية، واستمر في العمل مع رئيس الأركان العامة ورئيس المخابرات العسكرية، وضمن ولاء عدد من القوات العسكرية”، مضيفا أن عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، رئيس جهاز دعم الاستقرار، و آمر كتيبة ثوار طرابلس، أيوب أبو راس، لا يزالان إلى جانب الدبيبة.

وبحسب حرشاوي، فإن تركيا ليست العامل الوحيد الذي يمنع باشاغا من دخول طرابلس، فلا يزال العديد من نخب مصراتة وشيوخها وأعيانها متشككين في تحالف باشاغا مع حفتر، بالإضافة إلى ذلك، ظل الدبيبة نشطًا، حيث قدم ترتيبات مالية للمجموعات المسلحة التي كانت تميل في البداية إلى معارضته.

وفي حالة شروع باشاغا دخول طرابلس بالقوة مدعومًا بقوات حفتر دون أي تطمينات على المصالح التركية والأمريكية، قال حرشاوي، فإن مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى تكرار تدخل تركيا 2019-2020 لصالح طرابلس بمباركة الولايات المتحدة.

وأوضح التقرير، أن واشنطن اتبعت نهجًا يتوافق مع موقف تركيا بسبب مخاوفها من علاقات حفتر مع روسيا، ومع ذلك، حافظ نورلاند على اتصالات مع الدبيبة وباشاغا، حيث سعت الولايات المتحدة إلى تمهيد الطريق أمام خطة الأمم المتحدة لتشكيل لجنة انتخابات في غضون 14 يومًا، بدءًا من 15 مارس.

وأكد أن استعداد واشنطن لاختيار باشاغا سيعتمد أيضًا على ما إذا كان بإمكانه تلبية توقعات الولايات المتحدة للحد من النفوذ الروسي المرتبط بحفتر على حكومته، مضيفًا أنه في خضم الأزمة الأوكرانية، يبدو أن الموقف الأمريكي الحازم تجاه روسيا سيكون له تداعيات في ليبيا أيضًا.

——–
ليبيا برس

الولايات المتحدةتركياحكومة الدبيبةريتشارد نورلاندفتحي باشاغاليبيا