الفيتوري: ويليامز تدرك أن مبادرات “النواب والدولة” أمل زائف.. وتفهم كل مناورات النخبة الليبية الفاسدة

سلط الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الفيتوري، الضوء على ما وصفه بالهجوم الذي تعرضت له مستشارة الأمم المتحدة الخاصة لليبيا، ستيفاني ويليامز، على مدى الأسبوعين الماضيين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولاتها التغلب على المأزق الحالي، الذي أرجعه إلى الخلافات بين مجلسي النواب والدولة، مما أدى إلى تأجيل انتخابات 24 ديسمبر إلى أجل غير مسمى.

ورأى، في مقاله بموقع “المونيتور”، أن ويليامز، أو “السيدة الحديدية كما يسميها بعض السياسيين”، بحسب تعبيره، ورغم كل النكسات وأوجه القصور، لم تستسلم بعد في ليبيا، معتبرا أنها تشعر بالمسؤولية عن مساعدة الشعب الليبي على تقرير مستقبله.

وقال إنها لم تتأثر ولم تستجب للهجمات المتواصلة منذ عودتها إلى ليبيا في ديسمبر الماضي، حيث أدركت أن كلا المجلسين، النواب والدولة، تحاولان البقاء في السلطة رغم فشلهما.

وأشار إلى أن المجلسين، أطلقا، بشكل مفاجئ، خارطة طريق جديدة دعت إلى تشكيل حكومة جديدة وتنظيم انتخابات في موعد لا يتجاوز 14 شهرًا، مما يعني عدم إجراء انتخابات في عام 2022.

واعتبر أن هذا، في حين بدا واعدًا، أدركت ويليامز أنه مجرد أمل زائف وأن كلا المؤسستين ستلجآن إلى تكتيكاتهما القديمة المتمثلة في العرقلة والتأخير، حيث تتفهم بحكم سنوات من الخبرة، كل مناورة سياسية من قبل النخبة الليبية الفاسدة لما تعنيه حقًا، بحسب قوله.

وألمح إلى أن ويليامز تعتقد أن الليبيين يقفون إلى جانبها، بناءً على حقيقة أن ثلاثة ملايين مواطن سجلوا أنفسهم للتصويت، وأن 2.8 مليونًا سحبوا بالفعل بطاقات التصويت الخاصة بهم، وهم على استعداد للإدلاء بأصواتهم على الرغم من العقبات التي تقف في طريقهم.

وبين أنها لا تزال تتمتع بدعم القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة، إلى جانب الثقة الكاملة لرئيسها، أنطونيو غوتيريش، مضيفا “ومع ذلك، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا يعني أنه من غير المرجح أن يوافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أي شيء ذي مغزى بشأن ليبيا، على الرغم من وعدها بالتعاون الكامل عندما زارت موسكو في يناير الماضي”.

وأوضح أنها كانت تخشى حدوث “مأزق” بين مجلسي النواب والدولة، وهو ما حدث عندما أعلن مجلس الدولة عدم موافقته على انتخاب فتحي باشاغا رئيساً جديداً للوزراء خلفاً لرئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، ليس ذلك فحسب، بل إن خريطة الطريق التي اعتمدها كلا المجلسين تتعارض مع خارطة الطريق التي تم تبنيها العام الماضي ووافقت عليها الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن خطة الأمم المتحدة نصت على إجراء انتخابات بحلول شهر يونيو من هذا العام على أبعد تقدير، في حين أن الوثيقة المتفق عليها حديثًا تشير إلى عدم إجراء انتخابات قبل نهاية فترة 14 شهرًا.

وتابع بأن موافقة مجلسي النواب والدولة على العمل معا على الأساس الدستوري، لم يكن واضحا كيف سيحدث، والأهم، متى، مضيفا “لطالما كانت القاعدة الدستورية قضية خلافية بين الجانبين، ولم تحل المسألة في محادثات سابقة ولم تحل حتى في جنيف عندما قادت ستيفاني المحادثات العام الماضي”.

ونوه بأن ويليامز طلبت من المجلسين في 4 مارس، تسمية 6 أعضاء لكل منهما، للعمل معًا تحت إشرافها لتطوير القاعدة الدستورية المطلوبة، ولكن حتى الآن، لم تبدأ اللجنة العمل بعد، وغير معروف إذا كانت ستفعل ذلك في أي وقت.

وأشار إلى ما صرحت به من أن الوضع المثالي هو أن تقوم مثل هذه اللجنة بإنشاء “أساس دستوري سليم” لتمكين إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، موضحا أنه لا توجد ضمانات بحدوث ذلك في أي وقت قريب.

وقال إن ويليامز أرادت أن تنتهي اللجنة من عملها قبل أبريل من أجل تنظيم الانتخابات في يونيو، مستدركا بأن هذا يبدو غير واقعي على نحو متزايد، وذلك بفضل الحجج التي لا تنتهي بين مجلسي النواب والدولة.

وأضاف أنه ليس واضحا كيف ستتعامل ويليامز مع حقيقة أن الحكومة الجديدة بقيادة باشاغا أدت بالفعل اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، بينما لا يزال الدبيبة يرفض تسليم السلطة.

ولفت إلى قولها عندما سُئلت عن سبب عدم اختزال النقاش الدستوري من خلال الدعوة ببساطة إلى استفتاء على مشروع الدستور، الذي لا يزال معلقًا منذ عام 2017، حيث قالت إن هذا الأمر لا يعود إلى الأمم المتحدة، بل هو قرار ليبي يتخذه أصحاب الصلة والمؤسسات، “الذين نادرا ما يتفقون على أي شيء”.

ورأى أنه على الرغم من كل هذا، والاتهامات الموجهة إليها، بأنها تتعمد المماطلة والتأخير، لا تزال ويليامز تعتقد أن الليبيين، وليس الأمم المتحدة، يجب أن “يمتلكوا ويقودوا” العملية السياسية، وأن دورها، ودور الأمم المتحدة، هو فقط للمساعدة في تسهيل المحادثات من خلال “المساعي الحميدة” عندما تصل الأطراف إلى طريق مسدود.

وردًا على سؤال حول إمكانية إحياء ملتقى الحوار السياسي لمواصلة عمله، قالت إن “المشاورات” مع المجموعة المكونة من 74 عضوا مستمرة، لكنها رفضت تأكيد ما إذا كانت ستنعقد، بحسب الكاتب.

ولفت إلى ما اعتبره بعض أعضاء الملتقى، من أنه لم يعد ذا صلة الآن وأنه بحاجة إلى إعادة إحيائه لاكتساب زخم وشرعية جديدة، مذكّرا بأن ويليامز شكلت الملتقى منذ ما يقرب من عامين، للعمل كبرلمان صغير، “من أجل التحايل على الخلافات المعتادة بين مجلسي النواب والدولة، ونجح في انتخاب رئيس الوزراء الدبيبة، وتشكيل مجلس رئاسي جديد، ووضع البلاد على طريق انتخابات 24 ديسمبر، ومع ذلك، فشل في الاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات”.

وأشار إلى أن الملتقى “تلوث بمزاعم الرشوة التي ساعدت رئيس الوزراء المنتهية ولايته في الوصول إلى السلطة، وعلى الرغم من التحقيق من قبل فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، إلا أن القضية لا تزال معلقة”.

وألمح إلى أن الكثيرين يعتقدون أن الأمم المتحدة لم تكن شفافة في التعامل مع هذه الاتهامات الخطيرة، وهذا أدى إلى المأزق الحالي، لكن ويليامز ترفض هذا الاعتقاد، وأصرت على أنها أخذت الأمر “بجدية” بإحالته إلى فريق الخبراء والنائب العام الليبي.

وقال “يبدو أن ويليامز تلوم أعضاء الملتقى لفشلهم في الإدلاء بشهاداتهم إلى المدعي العام الليبي للتحقيق، وقد أكدت عضوة واحدة على الأقل من الملتقى هي زهراء لنقي، ذلك”.

وتابع: “من الواضح أن ويليامز تواجه عقبة في الطريق، لاسيما فيما يتعلق بالحكومة الجديدة، وعندما سئلت عما إذا كانت الأمم المتحدة تعترف بحكومة باشاغا، قالت إن الأمم المتحدة ليست في مجال الاعتراف بالحكومات أو تأييدها، لأن هذه مسألة سيادية لليبيين”.

ونقل عن أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنغازي، سالم بلقاسم، قوله إن “هذه طريقة دبلوماسية للقول إن الأمم المتحدة لا تعترف بالحكومة الجديدة التي لم تصل بعد إلى العاصمة طرابلس”.

وأشار إلى أن القوى الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، اتخذت الموقف الغامض نفسه، وفي بيان مشترك نُشر على موقع السفارة الأمريكية في ليبيا، عبروا عن “قلقهم” من خطر العنف، فيما حذروا من احتمال وقوع أعمال عنف والتهديد بفرض عقوبات على الجناة، وكرروا دعمهم للأمم المتحدة ووليامز لكنهم لم يذكروا الحكومة الجديدة.

ونوه بأن السفير الأمريكي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، بعد لقائه باشاغا، في 12 مارس في تونس، غرد قائلا “رئيس الوزراء المعين من مجلس النواب فتحي باشاغا”، معربا عن اهتمامه بمواصلة “المفاوضات العاجلة التي تيسرها الأمم المتحدة” مع الدبيبة لتسهيل خروجه من البلاد، فيما دعت التغريدة إلى مقاربة سلمية للخلافات، لكنها لم تنحاز إلى باشاغا، بحسب قوله.

———
ليبيا برس