مجموعة الأزمات الدولية: الدبيبة يراوغ في دعمه للانتخابات ويعبر في مجالسه الخاصة عن رغبته بالبقاء في السلطة لعامين على الأقل
أكدت مجموعة الأزمات الدولية أن ليبيا يبدو أنها في طريقها لطي صفحة الانقسامات، بعد تحرك السياسيين بسرعة مثيرة للإعجاب في عام 2021، لتوحيد بلادهم المنقسمة، بمساعدة من الأمم المتحدة.
ولفتت المجموعة في تقرير مطول، نشرته عبر موقعها الرسمي، إلى أن حكومة الوحدة المؤقتة عليها أن تسارع لإزالة عقبتين أخيرتين، وهما وضع إطار قانوني للانتخابات، وتوفير المزيد من الوضوح حول من يمسك بالقيادة العليا للقوات المسلحة.
وأشارت إلى أن ليبيا بعد سنوات خاضت فيها حربا متقطعة وكان لديها حكومتان متنافستان، باتت لديها سلطة تنفيذية موحدة، وأقر البرلمان حكومة وحدة مؤقتة يرأسها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، واستلمت مهامها في طرابلس، مشيرة إلى أنه يعد تشكيل حكومة موحدة تتمتع بدعم المجموعات السياسية المتنافسة في ليبيا، وتحالفاتها العسكرية وداعميها الأجانب، إنجاز تاريخي، لأنه يحضّر الأرضية لإعادة توحيد المؤسسات السياسية والعسكرية التي كانت منقسمة حتى الآن وخاضت معارك ضد بعضها البعض منذ عام 2014.
وقال التقرير إنه من أجل تحقيق تقدم في العملية السياسية الانتقالية وتحاشي التشابكات الإجرائية، ينبغي على الفصائل الليبية الاتفاق على الإطار القانوني للانتخابات في أواخر عام 2021، وينبغي على البرلمان أن يعترف صراحة بالمجلس الرئاسي الجديد بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما نصّت خارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة في نوفمبر 2020، وينبغي أن تكون معالجة هاتين المشكلتين أولوية لرئيس الوزراء، والمجلس الرئاسي والبرلمان، وينبغي على الأمم المتحدة الاستمرار في دعم هذه الجهود.
وأكدت أنه رغم هذا التقدم الهائل الذي تعيشه ليبيا، يواجه الدبيبة والمجلس الرئاسي مهمة شديدة الصعوبة تتمثل في إعادة توحيد بلد ما يزال منقسما جغرافيا وسياسيا، ويأمل معظم الليبيين بأن تقوم حكومة الوحدة المؤقتة، بتحسين الظروف المعيشية، وتوفير الخدمات الأساسية، وإعادة إطلاق الاقتصاد وتعزيز المصالحة بعد سنوات من الفوضى والصراع، وإضافة إلى ذلك، فإنهم يتوقعون منها أن تنفذ خارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة والتي وافقت عليها الأطراف الليبية، أي تنظيم انتخابات وإعادة توحيد المؤسسات المنقسمة، بما في ذلك الجيش والبنك المركزي. وما من مهمة من هذه المهمات ستكون سريعة أو دون ألم، لافتة إلى أن هذا سيتطلب جميعها وقتاً وجهوداً متضافرة.
أما عن العقبة الأولى المتمثلة في وضع إطار قانوني للانتخابات، فتحدثت عن أن الفصائل الليبية متنافسة على إجراء انتخابات في 24 ديسمبر 2021، لكنها لم تقرر حتى الآن طبيعة الهدف الذي ترمي إليه، مضيفة أن يمكن الموافقة على مسودة دستور وضعته لجنة منتخبة في عام 2017 لكن لم يتم طرحه على التصويت الشعبي، أو انتخاب برلمان جديد، أو اختيار برلمان ورئيس.
وأوضحت أنه ليس لهذا النقاش الذي يُحدث استقطابًا جواب صحيح أو خاطئ، إذ يمكن لإجراء استفتاء على مسودة دستور أولاً أن يساعد في تسوية النزاعات المستمرة منذ عدة سنوات، بشأن الإطار الدستوري للحوكمة، وإذا تمت الموافقة عليه، فإنه سيوفر تفويضًا بإجراء انتخابات تليه، بما في ذلك انتخابات رئاسية مباشرة، ولكن أشارت إلى أن ذلك الخيار يمكن أن يؤجل تلك الانتخابات وكذلك تشكيل حكومة تتمتع بتفويض شعبي.
وتحدثت عن الخيار الثاني، ألا وهو المضي مباشرة إلى صندوق الاقتراع فإنه سيوفر وقتا ويسمح بإجراء الانتخابات في موعدها، لكن الليبيين ما يزالون منقسمين على ما إذا كانوا يفضلون نظاما برلمانيا أو رئاسيا في الحكم، ورغم أن مسودة الدستور تنص على الخيار الثاني، لكن لكل من الخيارين والنظامين مزايا ومساوئ.
وطالبت مجموعة الأزمات الدولية حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي بضرورة دعوة الفصائل السياسية المتنافسة، للاتفاق على أي من عمليتي التصويت تجري أولاً، وأن تدعو البرلمان للموافقة على الإطار القانوني الضروري، كي تتمكن الهيئة الانتخابية الليبية من تنظيم الانتخابات.
وأشارت إلى أنه ثمة دعم واسع لفكرة إجراء الانتخابات، لكن الدبيبة راوغ فعبّر عن دعمه لها علنا، في حين يعبر في مجالسه الخاصة عن رغبته بالبقاء في السلطة لعامين على الأقل، وفي الوقت نفسه، ينبغي على الحكومة والمجلس تجنب الدخول في النقاش الحاد حول أي من العمليتين ينبغي إجراؤها، حيث يعبّر معظم البرلمانيين عن دعمهم للانتخابات لكن في مجالسهم الخاصة يعبرون عن رغبة بتأجيلها، على الأقل لأن ذلك يسمح لهم بالتمسك بمناصبهم، ولفتت إلى أن هذا التردد يخاطر بإثارة الاستياء الشعبي وإحداث أزمة سياسية جديدة.
وأكدت أنه لتحاشي مثل ذلك الاحتمال، ينبغي على منتدى الحوار السياسي الليبي أن يتدخل لكسر المأزق، فمن غير المرجح أن يتم التوصل إلى توافق بالنظر إلى مدى الانقسام الذي ما يزال يثيره ترتيب العمليات الدستورية والانتخابية، لكن، وعلى عكس أي من المؤسسات القائمة، التي لا تمتلك حافزاً كبيراً على تغيير الوضع الراهن، فإن أعضاء المنتدى يمتلكون فرصة أكبر بتحريك العملية السياسية إلى الأمام، كما فعلوا في فبراير عندما اختاروا سلطة تنفيذية جديدة، ينبغي على الموفدين أن يصوتوا داخلياً على مقترح خارطة الطريق الانتخابية التي قدمها أعضاء اللجنة القانونية للمنتدى، الذي يفتقر أيضا إلى الإجماع على عدد من النقاط، ولكن ينبغي الاتفاق على دعم أي نسخة أخيرة تحظى بالأغلبية.
وتطرق التقرير إلى العقبة الثانية، التي تتعلق بالغموض القانوني الذي يكتنف وضع القائد العام للقوات المسلحة، حيث أسهمت الخلافات التي حدثت في الماضي حول من يشغل هذا المنصب في ظهور تحالفين عسكريين متصارعين، لكل منهما بنية قيادة وتحكم خاصة به.
وأشارت إلى أنه طبقًا لخارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة، والتي اتفق عليها الطرفان في نوفمبر 2020، فإن المجلس الرئاسي المكون من ثلاثة أشخاص يشغل هذا المنصب حالياً، إلا أن البرلمان لم يصادق على خارطة الطريق، مدعياً أن مثل هذه الموافقة غير مطلوبة لإقرار النص، وهو تفسير يدعمه بعض السياسيين بينما لا يدعمه آخرون، في حين يبدو أن القوات التي يقودها البرلمان وخليفة حفتر اعترفت بالمجلس على أنه السلطة العسكرية العليا، فإنهم فعلوا ذلك بالكلام دون تحويله إلى فعل رسمي من الناحية الفعلية، ولذلك، ينبغي على البرلمان، وبالتنسيق مع حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي، المدعوم من الأمم المتحدة وقوى أجنبية، أن يوافق إما على خارطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة أو على وثيقة تعادلها تعترف صراحة بالمجلس الرئاسي كقائد أعلى للقوات المسلحة وأن يوضح صلاحيات الحكومة والمجلس على التوالي.
——
ليبيا برس